بحار الأنوار

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي

بحار الأنوار

المؤلف:

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي


الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: مؤسسة الوفاء
الطبعة: ٢
الصفحات: ٥٢٨
  الجزء ١   الجزء ٢   الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧ الجزء ٢٨ الجزء ٢٩ الجزء ٣٠ الجزء ٣١ الجزء ٣٥ الجزء ٣٦ الجزء ٣٧ الجزء ٣٨ الجزء ٣٩ الجزء ٤٠ الجزء ٤١ الجزء ٤٢ الجزء ٤٣ الجزء ٤٤ الجزء ٤٥ الجزء ٤٦ الجزء ٤٧ الجزء ٤٨ الجزء ٤٩ الجزء ٥٠ الجزء ٥١ الجزء ٥٢ الجزء ٥٣ الجزء ٥٤ الجزء ٥٥ الجزء ٥٦ الجزء ٥٧ الجزء ٥٨ الجزء ٥٩ الجزء ٦٠ الجزء ٦١   الجزء ٦٢ الجزء ٦٣ الجزء ٦٤ الجزء ٦٥ الجزء ٦٦ الجزء ٦٧ الجزء ٦٨ الجزء ٦٩ الجزء ٧٠ الجزء ٧١ الجزء ٧٢ الجزء ٧٣ الجزء ٧٤ الجزء ٧٥ الجزء ٧٦ الجزء ٧٧ الجزء ٧٨ الجزء ٧٩ الجزء ٨٠ الجزء ٨١ الجزء ٨٢ الجزء ٨٣ الجزء ٨٤ الجزء ٨٥ الجزء ٨٦ الجزء ٨٧ الجزء ٨٨ الجزء ٨٩ الجزء ٩٠ الجزء ٩١ الجزء ٩٢ الجزء ٩٣ الجزء ٩٤   الجزء ٩٥ الجزء ٩٦   الجزء ٩٧ الجزء ٩٨ الجزء ٩٩ الجزء ١٠٠ الجزء ١٠١ الجزء ١٠٢ الجزء ١٠٣ الجزء ١٠٤

أصواتهم بالتلبية. والرمل : سعي فوق المشي. والسرابيل جمع السربال وهو القميص ، أي خلعوا المخيط.

قوله : ( ملتف البنى ) أي مشتبك العمارة. (١) والبرة : الواحدة من البر وهو الحنطة. والارياف جمع ريف ، وهو كل أرض فيها زرع ونخل ، وقيل : هو ما قارب الماء من الارض. والمحدقة : المطيفة. (٢) والغدق : الماء الكثير. والنضارة : الحسن. ومضارعة الشك : مقاربته ، وفي بعض النسخ بالصاد المهملة. (٣) والاعتلاج : الاضطراب.

قوله عليه‌السلام : ( فتحا ) بضمتين أي مفتوحة. وقوله : ( ذللا ) أي سهلة. ووخامة العاقبة : رداءتها.

قوله عليه‌السلام : ( فإنها ) قيل : الضمير يعود إلى مجموع البغي والظلم والكبر ، وقيل إلى الاخير باعتبار جعله مصيدة ، وهي بسكون الصاد وفتح الياء آلة يصطاد بها. و المساورة : المواثبة. قوله عليه‌السلام : ( ماتكدي ) (٤) أي لاترد عن تأثيرها. ويقال : رمى فأشوى : إذا لم يصب المقتل.

قوله عليه‌السلام : ( ماحرس الله ) ما زائدة. قوله (ع) : ( عتاق الوجوه ) إما من العتق بمعنى الحرية ، أو بمعنى الكرم ، والعتيق : الكريم من كل شئ ، والخيار من كل شئ. والنواجم جمع ناجمة وهو مايطلع ويظهر من ( الكبر )؟. والقدع : الكف والمنع. ويقال : لاط حبه بقلبي يليط : إذا لصق. ومواقع النعم : الاموال والاولاد ، وآثارها هي الترفه و الغناء والتلذذ بها ، ويحتمل أن يكون الموقع مصدرا. والمجداء جمع ماجد ، والمجد : الشرف في الآباء ، والحسب والكرم يكونان في الرجل وإن لم يكونا في آبائه. والنجداء : الشجعان ، واحدهم نجيد. وبيوتات العرب : قبائلها. واليعسوب : السيد والرئيس والمقدم. والرغيبة : المرغوبة. قوله عليه‌السلام : ( لخلال الحمد ) أي الخصال المحمودة.

__________________

(١) وقيل : أي كثير العمران.

(٢) أي المحيطة من كل جهة.

(٣) وفي المصدر بالسين المهملة.

(٤) من أكدى الرجل ، لم يظفر بحاجة.

٤٨١

قوله عليه‌السلام : ( ومدت العافية ) على البناء للمفعول وهو ظاهر ، أو على البناء للفاعل من قولهم : مد الماء : إذا جرى وسال. قوله (ع) : ( ووصلت ) استعار الوصل لاجتماعهم عن كرامة الله لهم حال كونهم على ذلك الامر ، ورشح بذكر الحبل. والتحاض تفاعل من الحض وهو الحث والتحريص. وتواصى القوم أي أوصى بعضهم بعضا. والفقرة واحدة فقر : الظهر ، ويقال لمن أصابته مصيبة شديدة : قد كسرت فقرته. والمنة بالضم : القوة. والاعباء : الاثقال.

قوله عليه‌السلام : ( فساموهم ) أي الزموهم. والمرار بالضم : شجر مر ، واستعير شرب الماء المر لكل من يلقى شدة.

قوله عليه‌السلام : ( وبلغت الكرامة ) قوله : ( بهم ) متعلق بقوله : ( بلغت ) وقوله : ( لهم ) بالكرامة ، وقوله : ( إليه ) بقوله : ( لم تذهب ) (١) والاملاء جمع الملا أي الجماعات والاشراف. والترافد : التعاون.

قوله عليه‌السلام : ( متحازبين ) أي مختلفين أحزابا. وغضارة النعمة : طيبها ولذتها. قوله عليه‌السلام : ( فما أشد اعتدال الاحوال ) أي ما أشبه الاشياء بعضها ببعض! وإن حالكم لشبيهة بحال أولئك.

قوله عليه‌السلام : ( يحتازونهم ) أي يعبدونهم. وبحر العراق : دجلة والفرات ، أما الاكاسرة فطردوهم عن بحر العراق ، والقياصرة عن الشام وما فيه من المراعي والمنتجع. والشيح : نبت معروف. ومنابت الشيح : أرض العرب. ومها في الريح : المواضع التي تهفو فيها الريح ، أي تهب وهي الفيافي والصحاري. ونكد المعاش : ضيقه وقلته. والعالة جمع عائل وهو الفقير. والدبر بالتحريك : الجرح الذي يكون في ظهر البعير. (٢) والجدب : قلة الزرع والشجر. والازل : الضيق والشدة.

قوله : ( وإطباق جهل ) بكسر الهمزة ، أي جهل عام مطبق عليهم ، أو بفتحها أي

__________________

(١) وبقوله : ( مالم تبلغ ) على مافي المصدر.

(٢) والوبر : شعر الجمال ، والمراد أنهم كانوا رعاة ظاعنين من واد إلى آخر ، لم تكن لهم بلدة ولا حاضرة يعيشون فيها.

٤٨٢

جهل متراكم بعضه فوق بعض. ووأد البنات : قتلهن. وشن الغارة عليهم : تفريقها عليهم من جميع جهاتهم. قوله (ع) : ( والتفت الملة ) أي كانوا متفرقين ، فالتفت ملة محمد (ص) بهم فجمعتهم ، يقال : التف الحبل بالحطب أي جمعه ، والتف الحطب بالحبل أي اجتمع به. وقوله : ( في عوائد حال ) أي جمعتهم الملة كائنة في عوائد بركتها.

قوله (ع) : ( فكهين ) أي أشرين مرحين ، (١) فكاهة صادرة عن خضرة عيش النعمة قوله عليه‌السلام : ( قد تربعت ) أي أقامت. ويقال : تعطف الدهر على فلان أي أقبل حظه وسعادته بعد أن لم يكن كذلك. والذرى : الاعالي.

قوله عليه‌السلام : ( لايغمز ) يقال : غمزه بيده أي نخسه. والقناة : الرمح ، ويكنى عن العزيز الذي لايضام ، فيقال : لا يغمز له قناة ، أي هو صلب ، والقناة إذا لم تلن في يد الغامز كانت أبعد عن الحطم والكسر.

وقوله : ( لاتقرع لهم صفاة ) مثل يضرب لمن لا يطمع في جانبه لعزته وقوته. والصفاة : الصخرة والحجر الاملس.

وقوله : ( بأحكام ) متعلق بثلمتم. وقوله : ( بنعمة ) متعلق بقوله : ( امتن ) قوله : ( النار ولا العار ) أي ادخلوا النار ولاتلتزموا العار. (٢)

وقال الجوهري : كفأت الاناء : قلبته ، وزعم ابن الاعرابي أن أكفأته لغة ، و كفأت القوم كفاء : إذا أرادوا وجها فصرفتهم عنه إلى غيره. قوله : ( إلى غيره ) الضمير عائد إلى الاسلام أو إلى الله.

قوله : ( فلا تستبطئوا ) أي فلاتستبعدوا. قوله : ( لترك التناهي ) يقال : تناهوا عن المنكر أي نهى بعضهم بعضا. ودوخه أي ذلله. وشيطان الردهة : هو ذو الثدية ، (٣)

__________________

(١) أشر : بطر ، أي أخذته دهشة وحيرة عند هجوم النعمة. أو طغى بالنعمة أو عندها فصرفها إلى غير وجهها فهو أشر. ومرح الرجل : اشتد فرحه ونشاطه حتى جاوز القدر ، وتبختر واختال فهو مرح.

(٢) هكذا في النسخ ، ولعل الاصوب : أي ندخل النار ولا نلتزم العار.

(٣) في هامش المطبوع : ذو الثدية لقب رجل اسمه ثرمله فمن قال في الثدى انه مذكر يقول انما ادخلوا الهاء في التصغير لان معناه اليد وذلك ان يده كانت قصيرة مقدار الثدى يدل على ذلك انهم كانوا يقولون فيه ذو اليدية وذو الثدية جميعا ، الصحاح.

٤٨٣

فقد روي أنه رماه الله يوم النهر بصاعقة. (١) والردهة : نقرة في الجبل يجتمع فيها الماء. وإنما سمي بذلك لانه وجد بعد موته في حفرة ، وقيل : هو أحد الابالسة. والوجبة : اضطراب القلب. والرجة : الحركة والزلزلة. وأدلت من فلان أي قهرته وغلبته. و التشذر : التبدد والتفرق. والكلاكل : الصدور ، (٢) الواحدة : كلكل ، أي أنا أذللتهم وصرعتهم إلى الارض. والنواجم جمع ناجمة وهي ماعلا قدره وطار صيته. والخطل : خفة وسرعة ، ويقال للاحمق العجل : خطل. قوله : ( لاتفيئون ) أي لا ترجعون.

قوله عليه‌السلام : ( في القليب ) أي قليب بدر ، (٣) والدوي : صوت ليس بالعالي. و قصف الطير : اشتد صوته. ورفرف الطائر بجناحيه : إذا بسطهما عند السقوط على شئ يحوم عليه ليقع فوقه والعتو : التكبر والتجبر.

قوله : ( خفيف فيه ) أي سريع. قوله عليه‌السلام : ( ولا يغلون ) كل من خان خفية في شئ فقد غل.

أقول : إنما أوردت هذه الخطبة الشريفة بطولها لاشتمالها على جمل قصص الانبياء عليهم‌السلام وعلل أحوالهم وأطوارهم وبعثتهم ، والتنبيه على فائدة الرجوع إلى قصصهم والنظر في أحوالهم وأحوال أممهم وغير ذلك من الفوائد التي لاتحصى ولا تخفى على من تأمل فيها صلوات الله على الخطيب بها.

٣٨ ـ كا : بعض أصحابنا ، عن علي بن العباس ، عن الحسن بن عبدالرحمن ، عن أبي الحسن عليه‌السلام قال : إن الاحلام لم تكن فيما مضى في أول الخلق وإنما حدثت ، فقلت : وما العلة في ذلك؟ فقال : إن الله عز ذكره بعث رسولا إلى أهل زمانه فدعاهم إلى عبادة الله وطاعته ، فقالوا : إن فعلنا ذلك فما لنا؟ فوالله ما أنت بأكثرنا مالا ، ولا

__________________

(١) في هامش المطبوع : ذو الثدية كسمية لقب حرقوص بن زهير كبير الخوارج ، أو هو بالمثناة تحت. منه طاب ثراه.

(٢) قيل : القرن : القوة والشدة ، وانما ذكره لتشبههم بالثور ، كما ذكر الكلكل لتشبيههم بالجمل. منه رحمه الله.

(٣) طرح فيه نيف وعشرون من أكابر قريش.

٤٨٤

بأعزنا عشيرة ، فقال : إن أطعتموني أدخلكم الله الجنة ، وإن عصيتموني أدخلكم الله النار فقالوا : وما الجنة والنار؟ فوصف لهم ذلك ، فقالوا : متى نصير إلى ذلك؟ فقال : إذا متم فقالوا : لقد رأينا أمواتنا صاروا عظاما ورفاتا! فازدادوا له تكذيبا وبه استخفافا ، فأحدث الله عزوجل فيهم الاحلام فأتوه فأخبروه بما رأوا وما أنكروا من ذلك ، فقال : إن الله عز ذكره أراد أن يحتج عليكم بهذا ، هكذا تكون أرواحكم إذا متم ، وإن بليت أبدانكم تصير الارواح إلى عقاب حتى تبعث الابدان. (١)

٣٩ ـ دعوات الراوندي : روي أن الله أوحى إلى نبي من الانبياء في الزمن الاول : إن لرجل في أمته دعوات مستجابة ، فأخبر به ذلك الرجل ، فانصرف من عنده إلى بيته فأخبر زوجته بذلك ، (٢) فألحت عليه أن يجعل دعوة لها فرضي ، فقال : سل الله أن يجعلني أجمل نساء الزمان ، فدعا الرجل فصارت كذلك ، ثم إنها لما رأت رغبة الملوك والشبان المتنعمين فيها متوفرة زهدت في زوجها الشيخ الفقير وجعلت تغالظه و تخاشنه وهو يداريها ولا يكاد يطيقها ، فدعا الله أن يجعلها كلبة فصارت كذلك! ثم أجمع أولادها يقولون : يا أبه إن الناس يعيرونا أن أمنا كلبة نائحة وجعلوا يبكون ويسألونه أن يدعو الله أن يجعلها كما كانت ، فدعا الله تعالى فصيرها مثل التي كانت في الحالة الاولى ، فذهبت الدعوات الثلاث ضياعا. (٣)

__________________

(١) روضة الكافي : ٩٠.

(٢) في نسخة : وأخبر زوجته بذلك.

(٣) دعوات الراوندي مخطوط.

٤٨٥

( باب ٣٢ )

* ( نوادر اخبار بني اسرائيل ) *

الايات ، البقرة « ٢ » يابني إسرائيل اذكروا نعمتي التي أنعمت عليكم وأني فضلتكم على العالمين ١٢٢.

المائدة « ٥ » ولقد جاءتهم رسلنا بالبينات ثم إن كثيرا منهم بعد ذلك في الارض لمسرفون ٣٢ « وقال تعالى » : لقد أخذنا ميثاق بني إسرائيل وأرسلنا إليهم رسلا كلما جاءهم رسول بما لاتهوى أنفسهم فريقا كذبوا وفريقا يقتلون * وحسبوا أن لاتكون فتنة فعموا وصموا ثم تاب الله عليهم ثم عموا وصموا كثير منهم والله بصير بما يعملون ٧٠ و ٧١.

الجاثية « ٤٥ » ولقد آتينا بني إسرائيل الكتاب والحكم والنبوة ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على العالمين * وآتيناهم بينات من الامر فما اختلفوا إلا من بعد ما جاءهم العلم بغيا بينهم إن ربك يقضي بينهم يوم القيامة فيما كانوا فيه يختلفون ١٦ و ١٧.

الحشر « ٥٩ » كمثل الشيطان إذ قال للانسان اكفر فلما كفر قال إني برئ منك إني أخاف الله رب العالمين * فكان عاقبتهما أنهما في النار خالدين فيها وذلك جزاء الظالمين ١٦ و ١٧.

تفسير : قال الطبرسي رحمه الله : عن ابن عباس قال : كان في بني إسرائيل عابد اسمه برصيصا ، عبدالله زمانا من الدهر حتى كان يؤتى بالمجانين يداويهم ويعوذهم فيبرؤون على يده ، وإنه أتي بامرأة في شرف قد جنت وكان لها إخوة فأتوه بها وكانت عنده ، فلم يزل به الشيطان يزين له حتى وقع عليها فحملت ، فلما استبان حملها قتلها ودفنها ، فلما فعل ذلك ذهب الشيطان حتى لقي أحد إخوتها فأخبره بالذي فعل الراهب وأنه دفنها في مكان كذا ، ثم أتى بقية إخوتها رجلا رجلا فذكر ذلك له ، فجعل الرجل يلقى

٤٨٦

أخاه فيقول : والله لقد أتاني آت ذكر لي شيئا يكبر علي ذكره ، فذكره بعضهم لبعض حتى بلغ ذلك ملكهم ، فسار الملك والناس فاستنزلوه فأقر لهم بالذي فعل ، فأمر به فصلب ، فلما رفع على خشبته تمثل له الشيطان فقال : أنا الذي ألقيتك في هذا ، فهل أنت مطيعي فيما أقول لك أخلصك مما أنت فيه؟ قال : نعم ، قال : اسجد لي سجدة واحدة ، فقال : كيف أسجد لك وأنا على هذه الحالة؟ فقال : أكتفي منك بالايماء ، فأومأ له بالسجود ، فكفر بالله ، وقتل الرجل ، فأشار الله تعالى إلى قصته في هذه الآية. (١)

١ ـ ص : بالاسناد إلى الصدوق ، عن أبيه ، عن سعد ، عن ابن عيسى ، عن الوشاء عن أبي جميلة ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : كان في بني إسرائيل عابد يقال له جريح ، وكان يتعبد في صومعة فجاءته أمه وهو يصلي فدعته فلم يجبها ، فانصرفت ، ثم أتته ودعته فلم يلتفت إليها فانصرفت ، ثم أتته ودعته فلم يجبها ولم يكلمها فانصرفت وهي تقول : أسأل إله بني إسرائيل أن يخذلك ، فلما كان من الغد جاءت فاجرة وقعدت عند صومعته قد أخذها الطلق فادعت أن الولد من جريح ، ففشا في بني إسرائيل أن من كان يلوم الناس على الزنا قد زنى ، وأمر الملك بصلبه ، فأقبلت أمه إليه تلطم وجهها ، فقال لها : اسكتي إنما هذا لدعوتك ، فقال الناس لما سمعوا ذلك منه : وكيف لنا بذلك؟ (٢) قال : هاتوا الصبي ، فجاؤوا به فأخذه فقال : من أبوك؟ فقال : فلان الراعي لبني فلان ، فأكذب الله (٣) الذين قالوا ماقالوا في جريح ، فحلف جريح ألا يفارق أمه يخدمها. (٤)

٢ ـ ص : بالاسناد إلى الصدوق ، عن ابن الوليد ، عن الصفار ، عن ابن أبي الخطاب عن الحكم بن مسكين ، عن النعمان بن يحيى الازرق ، عن أبي حمزة الثمالي ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : إن ملكا من بني إسرائيل قال : لابنين مدينة لايعيبها أحد ، فلما فرغ من بنائها اجتمع رأيهم على أنهم لم يروا مثلها قط ، فقال له رجل : لو أمنتني على

__________________

(١) مجمع البيان ٩ : ٢٦٥.

(٢) أي كيف لنا العلم بذلك.

(٣) أي بين كذبهم.

(٤) قصص الانبياء مخطوط.

٤٨٧

نفسي أخبرتك بعيبها ، فقال : لك الامان ، فقال : لها عيبان : أحدهما أنك تهلك عنها ، والثاني أنها تخرب من بعدك ، فقال الملك : وأي عيب أعيب من هذا؟ ثم قال : فما نصنع؟ قال : تبني ما يبقى ولا يفنى وتكون شابا لاتهرم أبدا فقال الملك لابنته ذلك ، فقالت : ما صدقك أحد غيره من أهل مملكتك. (١)

٣ ـ ص : بالاسناد إلى الصدوق ، عن أبيه ، عن علي ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن ابن بكير ، عن عبدالملك بن أعين ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : كان في بني إسرائيل رجل وكان له بنتان فزوجهما من رجلين : واحد زراع ، وآخر يعمل الفخار ، (٢) ثم إنه زارهما فبدأ بامرأة الزراع فقال لها : كيف حالك؟ قالت : قد زرع زوجي زرعا كثيرا ، فإن جاء الله بالسماء فنحن أحسن بني إسرائيل حالا ، ثم ذهب إلى الاخرى فسألها عن حالها ، فقالت : قد عمل زوجي فخارا كثيرا ، فإن أمسك الله السماء عنا فنحن أحسن بني إسرائيل حالا ، فانصرف وهو يقول : اللهم أنت لهما. (٣)

٤ ـ ص : بالاسناد إلى الصدوق ، عن أبيه ، عن سعد ، عن ابن عيسى ، عن الوشاء عن الحسن بن الجهم ، عن رجل ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : كان في بني إسرائيل رجل يكثر أن يقول : « الحمد لله رب العالمين والعاقبة للمتقين » فغاظ إبليس ذلك فبعث إليه شيطانا فقال : قل : العاقبة للاغنياء ، فجاءه فقال ذلك ، فتحاكما إلى أول من يطلع عليهما على قطع يد الذي يحكم عليه ، فلقيا شخصا فأخبراه بحالهما ، فقال : العاقبة للاغنياء ، فرجع (٤) وهو يحمد الله ويقول : « العاقبة للمتقين » فقال له : تعود أيضا؟ فقال : نعم على يدي الاخرى ، (٥) فخرجا فطلع الآخر فحكم عليه أيضا ، فقطعت يده الاخرى ، وعاد أيضا يحمد الله ويقول : « العاقبة للمتقين » فقال له : تحاكمني على ضرب العنق؟ فقال : نعم ، فخرجا فرأيا مثالا فوقفا عليه ، فقال : إني كنت حاكمت هذا وقصا عليه قصتهما

__________________

(١ و ٣) قصص الانبياء مخطوط.

(٢) الفخار : الخزف.

(٤) في قصص الانبياء للجزائري : فقطع يده فرجع.

(٥) في قصص الانبياء للجزائري : على اليد الاخرى.

٤٨٨

قال : فمسح يديه فعادتا ، ثم ضرب عنق ذلك الخبيث ، وقال : هكذا العاقبة للمتقين. (١)

٥ ـ ص : بالاسناد إلى الصدوق ، عن ابن المتوكل ، عن الحميري ، عن أحمد بن محمد ، عن الثمالي ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : كان قاض في بني إسرائيل وكان يقضي بالحق فيهم ، فلما حضرته الوفاة قال لامرأته : إذا مت فاغسليني وكفنيني وغطي وجهي ، وضعيني على سريري ، فإنك لاترين سوءا إن شاء الله تعالى ، فلما مات فعلت ما كان أمرها به ثم مكثت بعد ذلك حينا ثم إنها كشفت عن وجهه فإذا دودة تقرض من منخره ، (٢) ففزعت من ذلك ، فلما كان بالليل أتاها في منامها يعني رأته في النوم (٣) فقال لها : فزعت مما رأيت؟ قالت : أجل ، قال : والله ماهو إلا في أخيك ، وذلك أنه أتاني ومعه خصم له ، فلما جلسا قلت : اللهم اجعل الحق له ، فلما اختصما كان الحق له ففرحت فأصابني مارأيت لموضع هواي مع موافقة الحق له. (٤) ٦ ص : بالاسناد إلى الصدوق عن أبيه ، عن علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن هشام بن سالم ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام إن قوما من بني إسرائيل قالوا لنبي (٥) لهم : ادع لنا ربك يمطر علينا السماء إذا أردنا ، فسأل ربه ذلك فوعده أن يفعل ، فأمطر السماء عليهم كلما أرادوا فزرعوا فنمت زروعهم وحسنت ، فلما حصدوا لم يجدوا شيئا ، فقالوا : إنما سألنا المطر للمنفعة ، فأوحى الله تعالى : إنهم لم يرضوا بتدبيري لهم. أو نحو هذا. (٦)

__________________

(١) قصص الانبياء مخطوط وقد أخرجه وما قبله الجزائري أيضا في قصصه : ٢٤٨ و ٢٤٩.

(٢) قرض الشئ : قطعه.

(٣) الظاهر أنه تفسير من الراوندي.

(٤) قصص الانبياء مخطوط.

(٥) هو موسى بن عمران عليه‌السلام كما تقدم.

(٦) قصص الانبياء مخطوط ، وأخرجه وما قبله وما بعده الجزائري في قصص الانبياء : ٢٥١ ، ولم يذكر قوله : ( أو نحو هذا ) والظاهر أنه من كلام المصنف أو الراوندي ، ولعله كانت نسخته مطموسة أو مغلوطة ، والحديث مذكور في الكافي مسندا ، وأخرجه المصنف في باب ما ناجى به موسى عليه‌السلام ربه ، والحديث مفصل مشروح ، وفيه : ياموسى أنا كنت المقدر لبني اسرائيل فلم يرضوا بتقديري فأجبتهم إلى ارادتهم فكان مارأيت.

٤٨٩

٧ ـ وقال : قال أبوعبدالله (ع) : كان روشان يفرخ في شجرة ، وكان رجل يأتيه إذا أدرك الفرخان فيأخذ الفرخين ، فشكا ذلك الورشان إلى الله تعالى فقال : إني سأكفيكه قال : فأفرخ الورشان وجاء الرجل ومعه رغيفان ، فصعد الشجرة (١) وعرض له سائل فأعطاه أحد الرغيفين ، ثم صعد فأخذ الفرخين ونزل بهما فسلمه الله لما تصدق به. (٢)

٨ ـ ص : بالاسناد إلى الصدوق ، عن أبيه ، عن سعد ، عن ابن عيسى ، عن ابن محبوب ، عن عمر بن يزيد ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : إن رجلا كان في بني إسرائيل قد دعا الله أن يرزقه غلاما ، يدعو ثلاثا وثلاثين سنة ، (٣) فلما رأى أن الله تعالى لايجيبه قال : يارب أبعيد أنا منك فلا تسمع مني ، أم قريب أنت فلا تجيبني؟ (٤) فأتاه آت في منامه فقال له : إنك تدعو الله بلسان بذي ، (٥) وقلب علق غير نقي ، وبنية غير صادقة ، فاقلع من بذائك ، وليتق الله قلبك ، ولتحسن نيتك ، قال : ففعل الرجل ذلك فدعا الله (٦) عزوجل فولد له غلام. (٧)

كا : محمد بن يحيى ، عن ابن عيسى مثله. (٨)

٩ ـ ص : بالاسناد إلى الصدوق ، عن أبيه ، عن سعد ، عن ابن عيسى ، عن ابن محبوب ، عن مالك بن عطية ، عن الثمالي ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : كان في بني إسرائيل رجل عاقل كثير المال ، وكان له ابن يشبهه في الشمائل من زوجة عفيفة ، وكان له ابنان من زوجة غير عفيفة ، فلما حضرته الوفاة قال لهم : هذا مالي لواحد منكم ، فلما توفي قال

__________________

(١) في نسخة : فيصعد الشجرة.

(٢) قصص الانبياء مخطوط. والورشان * نوع من الحمام البري اكدر اللون فيه بياض فوق ذنبه. وقيل : هو ذكر القمارى.

(٣) في الكافي : يدعو ثلاث سنين.

(٤) في الكافي : أبعيد أنا منك فلا تسمعني ، أم قريب أنت مني فلا تجيبني؟ قال اه.

(٥) في الكافي : انك تدعو الله مذ ثلاث سنين بلسان بذي وقلب عات غير تقي.

(٦) في الكافي : ثم دعا الله.

(٧) قصص الانبياء مخطوط.

(٨) اصول الكافي ٢ : ٣٢٤ و ٣٢٥.

٤٩٠

الكبير : أنا ذلك الواحد ، وقال الاوسط : أنا ذلك ، وقال الاصغر : أنا ذلك ، فاختصموا إلى قاضيهم ، قال : ليس عندي في أمركم شئ ، انطلقوا إلى بني غنام (١) الاخوة الثلاثة ، فانتهوا إلى واحد منهم فرأوا شيخا كبيرا ، فقال لهم : ادخلوا إلى أخي فلان فهو أكبر مني (٢) فاسألوه ، فدخلوا عليه فخرج شيخ كهل فقال : سلوا أخي الاكبر مني ، (٣) فدخلوا على الثالث فإذا هو في المنظر أصغر ، فسألوه أولا عن حالهم ثم مبينا لهم (٤) فقال : أما أخي الذي رأيتموه أولا هو الاصغر ، وإن له امرأة سوء تسوؤه وقد صبر عليها مخافة أن يبتلي ببلاء لاصبر له عليه فهرمته ، وأما الثاني أخي فإن عنده زوجة تسوؤه وتسره فهو متماسك الشباب ، وأما أنا فزوجتي تسرني ولا تسوؤني ولم يلزمني منها مكروه قط منذ صحبتني فشبابي معها متماسك.

وأما حديثكم الذي هو حديث أبيكم فانطلقوا أولا وبعثروا قبره (٥) واستخرجوا عظامه واحرقوها ثم عودوا لاقضي بينكم ، فانصرفوا فأخذ الصبي سيف أبيه ، وأخذ الاخوان المعاول ، فلما أن هما بذلك قال لهم الصغير : لاتبعثروا (٦) قبر أبي وأنا أدع لكما حصتي ، فانصرفوا إلى القاضي ، فقال : يقنعكما هذا ، ائتوني بالمال ، فقال للصغير : خذ المال ، فلو كانا ابنيه لدخلهما من الرقة كما دخل على الصغير. (٧)

١٠ ـ ص : بهذا الاسناد عن ابن محبوب ، عن عبدالرحمن بن الحجاج ، عن أبي الحسن موسى عليه‌السلام قال : كان في بني إسرائيل رجل صالح ، وكانت له امرأة صالحة ، فرأى في النوم أن الله تعالى قد وقت لك من العمر كذا وكذا سنة ، وجعل نصف عمرك

__________________

(١) في قصص الجزائري : بني الاغنام.

(٢) في قصص الجزائري : فهو أكبر مني سنا.

(٣) في قصص الجزائري : سلوا أخي الاكبر مني سنا.

(٤) لم يذكر الجزائري قوله : ثم مبينا لهم ، ولعله مصحف : ثم بينوا له حالهم.

(٥) بعثره : بدده. قلب بعضه على بعض. وفي قصص الجزائري : وانبشوا قبره.

(٦) في قصص الجزائري : لاتنبشوا.

(٧) قصص الانبياء مخطوط ، وأخرجه الجزائري في قصص الانبياء : ٢٥٠.

٤٩١

في سعة ، وجعل النصف الآخر في ضيق ، فاختر لنفسك إما النصف الاول وإما النصف الاخير.

فقال الرجل : إن لي زوجة صالحة وهي شريكي في المعاش فأشاورها في ذلك و تعود إلي فأخبرك ، فلما أصبح الرجل قال لزوجته : رأيت في النوم كذا وكذا ، فقالت يافلان اختر النصف الاول وتعجل العافية لعل الله سيرحمنا ويتم لنا النعمة ، فلما كان في الليلة الثانية أتى الآتي فقال : ما اخترت؟ فقال : اخترت النصف الاول ، فقال : ذلك لك ، فأقبلت الدنيا عليه من كل وجه ، ولما ظهرت نعمته قالت له زوجته : قرابتك والمحتاجون فصلهم وبرهم وجارك وأخوك فلان فهبهم ، فلما مضى نصف العمر وجاز حد الوقت رأى الرجل الذي رآه أولا في النوم ، فقال : إن الله تعالى قد شكر لك ذلك ولك تمام عمرك سعة مثل مامضى. (١)

١١ ـ ص : بهذا الاسناد عن ابن محبوب ، عن أبي حمزة ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : خرجت امرأة بغي على شباب من بني إسرائيل فأفتنتهم ، فقال بعضهم : لو كان العابد فلان رآها أفتنته ، وسمعت مقالتهم فقالت : والله لا أنصرف إلى منزلي حتى أفتنه فمضت نحوه في الليل فدقت عليه ، فقال : آوي عندك ، فأبى عليها ، فقالت : إن بعض شباب بني إسرائيل راودوني عن نفسي ، فإن أدخلتني وإلا لحقوني وفضحوني ، فلما سمع مقالتها فتح لها ، فلما دخلت عليه رمت بثيابها ، فلما رأى جمالها وهيئتها وقعت في نفسه ، فضرب يده عليها ، ثم رجعت إليه نفسه ، وقد كان يوقد تحت قدر له ، فأقبل حتى وضع يده على النار ، فقالت : أي شئ تصنع؟ فقال : أحرقها لانها عملت العمل ، فخرجت حتى أتت جماعة بني إسرائيل ، فقالت : الحقوا فلانا فقد وضع يده على النار ، فأقبلوا فلحقوه وقد احترقت يده. (٢)

١٢ ـ ص : عن هارون بن خارجة ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام إن عابدا كان في بني إسرائيل فأضاف امرأة من بني إسرائيل فهم بها فأقبل كلما هم بها قرب إصبعا من أصابعه

__________________

(١) قصص الانبياء مخطوط ، واخرجه الجزائري في القصص : ٢٥٠ و ٢٥١.

(٢) قصص الانبياء مخطوط ، واخرجه الجزائري في القصص : ٢٥١.

٤٩٢

إلى النار ، فلم يزل ذلك دأبه حتى أصبح ، قال لها : اخرجي لبئس الضيف كنت لي. (١)

١٣ ـ ص : عن حفص بن غياث ، عن أبي عبدالله (ع) قال : كان في بني إسرائيل رجل وكان محتاجا فألحت عليه امرأته في طلب الرزق ، فابتهل إلى الله في الرزق ، فرأى في النوم : أيما أحب إليك : درهمان من حل أو ألفان من حرام؟ فقال : درهمان من حل ، فقال : تحت رأسك ، فانتبه فرأى الدرهمين تحت رأسه فأخذهما واشترى بدرهم سمكة فأقبل إلى منزله فلما رأته المرأة أقبلت عليه كاللائمة ، وأقسمت أن لاتمسها ، فقام الرجل إليها فلما شق بطنها إذا بدرتين فباعهما بأربعين ألف درهم. (٢)

١٤ ـ ص : بالاسناد عن الصدوق ، عن ماجيلويه ، عن عمه ، عن الكوفي ، عن ابن محبوب ، عن جميل بن صالح ، عن حمران ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : كان في بني إسرائيل جبار وإنه أقعد في قبره ورد إليه روحه ، فقيل له : إنا جالدوك مائة جلدة من عذاب الله ، قال : لا أطيقها ، فلم يزالوا ينقصونه من الجلد وهو يقول : لا أطيق حتى صاروا إلى واحدة ، قال : لا أطيقها ، قالوا : لن نصرفها عنك ، قال : فلماذا تجلدونني؟ قالوا : مررت يوما بعبد لله (٣) ضعيف مسكين مقهور فاستغاث بك فلم تغثه ولم تدفع عنه قال : فجلدوه جلدة واحدة فامتلا قبره نارا. (٤)

١٥ ـ ص : الصدوق ، عن ابن الوليد ، عن الصفار ، عن ابن أبي الخطاب ، عن ابن أسباط ، عن أبي إسحاق الخراساني ، عن وهب بن منبه قال : رووا أن رجلا من بني إسرائيل بنى قصرا فجوده وشيده ، ثم صنع طعاما فدعا الاغنياء وترك الفقراء ، فكان إذا جاء الفقير قيل لكل واحد منهم : إن هذا طعام لم يصنع لك ولا لاشباهك ، قال : فبعث الله ملكين في زي الفقراء ، فقيل لهما مثل ذلك ، ثم أمرهما الله تعالى بأن يأتيا في زي الاغنياء فأدخلا وأكرما وأجلسا في الصدر ، فأمرهما الله تعالى أن يخسفا المدينة ومن فيها.

__________________

(١ و ٢) قصص الانبياء مخطوط ، وأخرج الاول منهما الجزائري في القصص : ٢٥١.

(٣) في نسخة : بعبد الله. وفي قصص الجزائري : مررت بعبد من عباد الله.

(٤) قصص الانبياء مخطوط ، وأخرجه الجزائري أيضا في قصصه : ٢٥٢.

٤٩٣

١٦ ـ وبإسناده أن بني إسرائيل الصغير منهم والكبير كانوا يمشون بالعصي مخافة أن يختال أحد في مشيته. (١)

١٧ ـ ص : بالاسناد عن الصدوق ، عن ماجيلويه ، عن عمه ، عن الكوفي ، عن محمد بن عبدالله بن زرارة ، عن محمد بن الفضيل ، عن أبي حمزة ، عن أبي جعفر (ع) قال : كان في بني إسرائيل عابد وكان محارفا تنفق عليه امرأته ، فجاءها يوما فدفعت إليه غزلا فذهب فلا يشترى بشئ ، فجاء إلى البحر فإذا هو بصياد قد اصطاد سمكا كثيرا ، فأعطاه الغزل وقال : انتفع في شبكتك ، فدفع إليه سمكة فأخذها وخرج بها إلى زوجته ، فلما شقها بدت من جوفها لؤلؤة فباعها بعشرين ألف درهم. (٢)

١٨ ـ ص : بالاسناد إلى الصدوق بإسناده (٣) عن ابن محبوب ، عن داود الرقي عن أبي عبدالله (ع) قال : كان أبوجعفر عليه‌السلام يقول : نعم الارض الشام ، وبئس القوم أهلها اليوم ، وبئس البلاد مصر ، أما إنها سجن من سخط الله عليه من بني إسرائيل ، ولم يكن دخل بنو إسرائيل مصر إلا من سخطة ومعصية منهم لله ، لان الله عزوجل قال : « ادخلوا الارض المقدسة التي كتب الله لكم » يعني الشام ، فأبوا أن يدخلوها وعصوا فتاهوا في الارض أربعين سنة ، قال : وماكان خروجهم من مصر ودخولهم الشام إلا من بعد توبتهم ورضى الله عنهم.

ثم قال أبوجعفر : إني أكره أن آكل شيئا طبخ في فخار مصر ، وما أحب أن أغسل رأسي من طينها مخافة أن تورثني تربتها الذل وتذهب بغيرتي. (٤)

١٩ ـ ص : بالاسناد إلى الصدوق ، عن أبيه ، عن سعد ، عن ابن عيسى ، عن الحسين ابن سيف ، عن أخيه علي ، عن أبيه ، عن محمد بن مارد ، عن عبدالاعلى ابن أعين قال :

__________________

(١) قصص الانبياء مخطوط ، وأخرجه الجزائري ايضا في قصصه : ٢٥٢. اختال في مشيته : تبختر وتكبر.

(٢) مخطوط.

(٣) فيه إرسال وتقدم قبل ذلك إسناد الصدوق إلى ابن محبوب ، فانه يروى عن سعد ، عن ابن عيسى ، عن ابن محبوب.

(٤) قصص الانبياء مخطوط ، وأخرجه الجزائري في القصص : ٢٥٢.

٤٩٤

قلت لابي عبدالله (ع) : حديث يرويه الناس : إن رسول الله (ص) قال : حدث عن بني إسرائيل ولا حرج ، قال : نعم ، قلت : فنحدث بما سمعنا عن بني إسرائيل ولا حرج علينا؟ قال : أما سمعت ما قال : كفى بالمرء كذبا أن يحدث بكل ماسمع ، قلت كيف هذا؟ قال : ماكان في الكتاب (١) أنه كان في بني إسرائيل فحدث أنه كان في هذه الامة (٢) ولا حرج. (٣)

بيان : قال الجزري : فيه : حدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج ، أي لابأس ولا إثم عليكم أن تحدثوا عنهم ما سمعتم ، وإن استحال أن يكون في هذه الامة ، مثل ما روي أن ثيابهم كانت تطول ، وأن النار كانت تنزل من السماء فتأكل القربان وغير ذلك ، لا أن يحدث عنهم بالكذب ، ويشهد لهذا التأويل ما جاء في بعض رواياته فإن فيهم العجائب.

وقيل : معناه : إن الحديث عنهم إذا أديته كما سمعته حقا كان أو باطلا لم يكن عليك إثم لطول العهد ، ووقوع الفترة ، بخلاف الحديث عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ، لانه إنما يكون بعد العلم بصحة روايته وعدالة راويه.

وقيل : معناه : إن الحديث عنهم ليس على الوجوب ، لان قوله (ص) في أول الحديث « بلغوا عني » على الوجوب ، ثم أتبعه بقوله : « وحدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج » أي لاحرج عليكم إن لم تحدثوا عنهم.

٢٠ ـ كا : محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن علي بن الحكم ، عن محمد ابن سنان ، عمن أخبره ، عن أبي عبدالله (ع) قال : كان عابد في بني إسرائيل لم يقارف (٤) من أمر الدنيا شيئا ، فنخر إبليس نخرة فاجتمع إليه جنوده ، فقال : من لي بفلان؟ فقال بعضهم : أنا ، فقال : من أين تأتيه؟ فقال : من ناحية النساء ، قال : لست له لم يجرب النساء

__________________

(١) أي القرآن.

(٢) أي في بني اسرائيل.

(٣) قصص الانبياء مخطوط ، وأخرجه المصنف في كتاب العلم ٢ : ١٥٩ عن المعاني بالاسناد ، وأوردنا هناك تفسيرا للحديث عن الخطابي فراجعه.

(٤) أي لم يكتسب ، من أمر الدنيا أي من ذنوبها.

٤٩٥

فقال له آخر : فأنا له ، قال : من أين تأتيه؟ قال : من ناحية الشراب واللذات ، قال : لست له ، ليس هذا بهذا ، قال آخر : فأنا له ، قال : من أين تأتيه؟ قال : من ناحية البر قال : انطلق فأنت صاحبه ، فانطلق إلى موضع الرجل فأقام حذاءه يصلي ، قال : وكان الرجل ينام والشيطان لا ينام ، ويستريح والشيطان لايستريح ، فتحول إليه الرجل وقد تقاصرت إليه نفسه واستصغر عمله.

فقال : ياعبدالله بأي شئ قويت على هذه الصلاة؟ فلم يجبه ، ثم أعاد عليه فلم يجبه ثم أعاد عليه فقال : يا عبدالله إني أذنبت ذنبا وأنا تائب منه ، فإذا ذكرت الذنب قويت على الصلاة ، قال : فأخبرني بذنبك حتى أعمله وأتوب فإذا فعلته قويت على الصلاة ، قال : ادخل المدينة فسل عن فلانة البغية فأعطها درهمين ونل منها ، قال : ومن أين لي درهمين؟ ما أدري ما الدرهمين ، (١) فتناول الشيطان من تحت قدمه درهمين فناوله إياهما.

فقام فدخل المدينة بجلابيبه يسأل عن منزل فلانة البغية ، فأرشده الناس ، وظنوا أنه جاء يعظها ، فأرشدوه فجاء إليها فرمى إليها بالدرهمين وقال : قومي ، فقامت فدخلت منزلها وقالت : ادخل ، وقالت : إنك جئتني في هيئة ليس يؤتى مثلي في مثلها ، فأخبرني بخبرك ، فأخبرها ، فقالت له : يا عبدالله إن ترك الذنب أهون من طلب التوبة ، وليس كل من طلب التوبة وجدها ، وإنما ينبغي أن يكون هذا شيطانا مثل لك ، فانصرف فإنك لاترى شيئا ، فانصرف ، وماتت من ليلتها ، فأصبحت فإذا على بابها مكتوب : احضروا فلانة فإنها من أهل الجنة ، فارتاب الناس فمكثوا ثلاثا لا يدفنونها ارتيابا في أمرها ، فأوحى الله عزوجل إلى نبي من الانبياء لا أعلمه إلا موسى بن عمران عليه‌السلام : أن ائت فلانة فصل عليها ، ومر الناس أن يصلوا عليها ، فإني قد غفرت لها ، وأوجبت لها الجنة بتثبيطها (٢) عبدي فلانا عن معصيتي. (٣)

ايضاح : ( فنخر إبليس ) أي مد الصوت في خياشيمه. وقوله : ( تقاصرت إليه نفسه ) أي ظهر له التقصير من نفسه يقال : تقاصر أي أظهر القصر. والجلباب القميص. وثوب

__________________

(١) كذا في النسخ والمصدر ، والصواب : الدرهمان.

(٢) ثبطه عن الامر : عوقه وشغله عنه.

(٣) روضة الكافي : ٣٨٤ و ٣٨٥.

٤٩٦

واسع للمرأة دون الملحفة ، أو ما تغطي به ثيابها من فوق كالملحفة. وقوله : ( لا أعلمه ) الشك فيه من الراوي.

٢١ ـ كا : أحمد بن محمد بن أحمد ، عن علي بن الحسن ، عن محمد بن عبدالله بن زرارة ، عن محمد بن الفضيل ، عن أبي حمزة ، عن أبي جعفر (ع) قال : كان في بني إسرائيل رجل عابد وكان محارفا لايتوجه في شئ فيصيب فيه شيئا ، فأنفقت عليه امرأته حتى لم يبق عندها شئ ، فجاؤوا يوما من الايام فدفعت إليه نصلا من غزل وقالت له : ماعندي غيره انطلق فبعه واشتر لنا شيئا نأكله ، فانطلق بالنصل الغزل ليبيعه فوجد السوق قد غلقت ، ووجد المشترين قد قاموا وانصرفوا ، فقال لو أتيت هذا الماء فتوضأت منه وصببت علي منه وانصرفت ، فجاء إلى البحر وإذا هو بصياد قد ألقى شبكته فأخرجها وليس فيها إلا سمكة رديئة قد مكثت عنده حتى صارت رخوة منتنة ، فقال له : بعني هذه السمكة وأعطيك هذا الغزل تنتفع به في شبكتك ، قال : نعم ، فأخذ السمكة ودفع إليه الغزل ، وانصرف بالسمكة إلى منزله ، فأخبر زوجته الخبر ، فأخذت السمكة لتصلحها فلما شقتها بدت من جوفها لؤلؤة ، فدعت زوجها فأرته إياها فأخذها فانطلق بها إلى السوق فباعها بعشرين ألف درهم ، وانصرف إلى منزله بالمال ، فوضعه فإذا سائل يدق الباب ويقول : يا أهل الدار تصدقوا رحمكم الله على المسكين ، فقال له الرجل : ادخل فدخل ، فقال له : خذ إحدى الكيسين ، فأخذ أحد الكيسين (١) وانطلق ، فقالت له امرأته : سبحان الله بينما نحن مياسير إذ ذهبت بنصف يسارنا ، فلم يكن ذلك بأسرع من أن دق السائل الباب فقال له الرجل : ادخل فدخل ، فوضع الكيس في مكانه ، ثم قال : كل هنيئا مريئا ، إنما أنا ملك من ملائكة ربك ، إنما أراد ربك أن يبلوك فوجدك شاكرا ، ثم ذهب. (٢)

توضيح : رجل محارف أي محدود محروم ، وهو خلاف قولك : مبارك. والنصل : الغزل قد خرج من المغزل.

٢٢ ـ كا : محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، وأبوعلي الاشعري ، عن

__________________

(١) في المصدر : فاخذ احداهما.

(٢) روضة الكافي : ٣٨٥ و ٣٨٦.

٤٩٧

محمد بن عبدالجبار جميعا ، عن علي بن حديد ، عن جميل ، عن زرارة ، عن أبي جعفر (ع) قال : ساله حمران فقال : جعلني الله فداك لو حدثتنا متى يكون هذا الامر فسررنا به ، قال : ياحمران إن لك أصدقاء وإخوانا ومعارف ، إن رجلا كان فيما مضى من العلماء وكان له ابن لم يكن يرغب في علم أبيه ولا يسأله عن شئ ، وكان له جار يأتيه ويسأله ويأخذ عنه ، فحضر الرجل الموت فدعا ابنه فقال : يا بني إنك قد كنت تزهد فيما عندي وتقل رغبتك فيه ، ولم تكن تسألني عن شئ ولي جار قد كان يأتيني ويسألني ويأخذ مني ويحفظ عني ، فإن احتجت إلى شئ فأته ، وعرفه جاره ، فهلك الرجل وبقي ابنه فرأى ملك ذلك الزمان رؤيا فسأل عن الرجل فقيل له : قد هلك ، فقال الملك : هل ترك ولدا؟ فقيل له : نعم ترك ابنا ، فقال : ائتوني به ، فبعث إليه ليأتى الملك ، فقال الغلام : والله ما أدري لما يدعوني الملك ، وما عندي علم ، ولئن سألني عن شئ لافتضحن ، فذكر ماكان أوصاه أبوه به ، فأتى الرجل الذي كان يأخذ العلم من أبيه فقال له : إن الملك قد بعث إلي يسألني ، ولست أدري فيم بعث إلي ، وقد كان أبي أمرني أن آتيك إن احتجت إلى شئ ، فقال الرجل : ولكني أدري فيما بعث إليك ، فإن أخبرتك فما أخرج الله لك من شئ فهو بيني وبينك ، فقال : نعم ، فاستحلفه واستوثق منه أن يفي (١) فأوثق له الغلام ، فقال : إنه يريد أن يسألك عن رؤيا رآها أي زمان هذا؟ فقل له : هذا زمان الذئب ، فأتاه الغلام فقال له الملك : أتدري لما أرسلت إليك؟ فقال : أرسلت إلي تريد أن تسألني عن رؤيا رأيتها أي زمان هذا؟ فقال له الملك : صدقت ، فأخبرني أي زمان هذا؟ فقال له : زمان الذئب ، فأمر له بجائزة فقبضها الغلام وانصرف إلى منزله ، وأبى أن يفي لصاحبه ، وقال : لعلي لا أنفد هذا المال ولا آكله حتى أهلك ، ولعلي لا أحتاج ولا أسأل عن مثل هذا الذي سألت عنه ، فمكث ماشاء الله.

ثم إن الملك رأى رؤيا فبعث إليه يدعوه فندم على ماصنع ، وقال : والله ماعندي علم آتيه به ، وما أدري كيف أصنع بصاحبي وقد غدرت به ولم أف له ، ثم قال : لآتينه على كل حال ، ولاعتذرن إليه ولاحلفن له ، فلعله يخبرني ، فأتاه فقال : إني قد صنعت

__________________

(١) في المصدر : أن يفي له.

٤٩٨

الذي صنعت ، ولم أف لك بما كان بيني وبينك ، وتفرق ما كان في يدي وقد احتجت إليك فأنشدك الله أن لاتخذلني ، أنا أوثق لك أن لايخرج لي شئ إلا كان بيني وبينك وقد بعث إلي الملك ولست أدري عما يسألني ، فقال : إنه يريد أن يسألك عن رويا رآها أي زمان هذا؟ فقل له : إن هذا زمان الكبش ، فأتى الملك فدخل عليه فقال : لما بعثت إليك؟ فقال : إنك رأيت رؤيا ، وإنك تريد أن تسألني أي زمان هذا ، فقال له : صدقت فأخبرني أي زمان هذا؟ فقال : هذا زمان الكبش ، فأمر له بصلة فقبضها ، وانصرف إلى منزله ، وتدبر رأيه في أن يفي لصاحبه أو لا يفي (١) فهم مرة أن يفعل ومرة أن لايفعل ثم قال : لعلي لا أحتاج إليه (٢) بعد هذه المرة أبدا ، وأجمع رأيه على الغدر وترك الوفاء فمكث ماشاء الله.

ثم إن الملك رأى رؤيا فبعث إليه فندم على ماصنع فيما بينه وبين صاحبه ، وقال بعد غدر مرتين : (٣) كيف أصنع وليس عندي علم ، ثم أجمع رأيه على إتيان الرجل فأتاه فناشده الله تبارك وتعالى وسأله أن يعلمه وأخبره أن هذه المرة يفي له ، وأوثق له وقال : لاتدعني على هذه الحال فإني لا أعود إلى الغدر وسأفي لك ، فاستوثق منه ، فقال : إنه يدعوك يسألك عن رؤيا رآها أي زمان هذا؟ فإذا سألك فأخبره أنه زمان الميزان ، قال : فأتى الملك فدخل عليه فقال له : لم بعثت إليك؟ فقال : إنك رأيت رؤيا وتريد أن تسألني أي زمان هذا ، فقال : صدقت ، فأخبرني أي زمان هذا؟ قال : هذا زمان الميزان ، فأمر له بصلة فقبضها وانطلق بها إلى الرجل فوضعها بين يديه وقال : قد جئتك بما خرج لي فقاسمنيه.

فقال له العالم : إن الزمان الاول كان زمان الذئب وإنك كنت من الذئاب ، و إن الزمان الثاني كان زمان الكبش يهم ولا يفعل ، وكذلك كنت أنت تهم ولا تفي ، و كان هذا زمان الميزان وكنت فيه على الوفاء ، فاقبض مالك لاحاجة لي فيه ، ورده عليه. (٤)

__________________

(١) في المصدر : أو لايفي له.

(٢) في المصدر : لعلي أن لا احتاج إليه.

(٣) في نسخة : بعد غدره مرتين.

(٤) روضة الكافي : ٣٦٢ و ٣٦٣.

٤٩٩

بيان : قوله (ع) : ( إن لك أصدقاء وإخوانا ) لعل المقصود من إيراد الحكاية بيان أن هذا الزمان ليس زمان الوفاء بالعهود ، فإن عرفتك زمان ظهور الامر فلك أصدقاء ومعارف فتحدثهم به فيشيع الخبر بين الناس وينتهي إلى الفساد ، والعهد بالكتمان لا ينفع ، لانك لاتفي به إذ لم يأت بعد زمان الميزان.

أو المعنى أن لك معارف فانظر إليهم هل يوافقونك في أمر؟ أو يفون بعهدك في شئ؟ فكيف يظهر الامام عليه‌السلام في مثل هذا الزمان.

أو المراد أنه يمكنك استعلام ذلك ، فانظر في حال معارفك وإخوانك فمهما رأيت منهم العزم على الانقياد والطاعة والتسليم التام لامامهم فاعلم أنه زمان ظهور القائم عجل الله تعالى فرجه ، فإن قيامه مشروط بذلك ، وأهل كل زمان يكون عامتهم على حالة واحدة كما يظهر من القصة.

قوله : ( ولكني أدري ) لعل علمه كان بإخبار ذلك العالم ، وكان العالم أخذه من الانبياء حيث أخبروا بوحي السماء أن الملك سيرى تلك الاحلام وهذه تعبيرها ، أو بأن أخذ من العالم نوعا من العلم يمكنه استنباط أمثال تلك الامور به ، على أنه يحتمل أن يكون نبيا علم ذلك بالوحي.

٢٣ ـ كا : عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن أبي عبدالله ، عن ابن فضال ، عن الحسن ابن الجهم قال : سمعت أبا الحسن عليه‌السلام يقول : إن رجلا في بني إسرائيل عبدالله أربعين سنة ، ثم قرب قربانا فلم يقبل منه ، فقال لنفسه : وما أوتيت إلا منك ، وما الذنب إلا لك ، قال : فأوحى الله تبارك وتعالى إليه : ذمك لنفسك أفضل من عبادتك أربعين سنة. (١)

٢٤ ـ نبه : بنى ملك في بني إسرائيل مدينة فتنوق (٢) في بنائها ، ثم صنع للناس طعاما ونصب على باب المدينة من يسأل عنها ، (٣) فلم يعبها إلا ثلاثة عليهم الاكسية

__________________

(١) اصول الكافي ٢ : ٧٣.

(٢) أي تجود في بنائها.

(٣) في المصدر : من يسأل عنها عيبها.

٥٠٠