بحار الأنوار

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي

بحار الأنوار

المؤلف:

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي


الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: مؤسسة الوفاء
الطبعة: ٢
الصفحات: ٥٢٨
  الجزء ١   الجزء ٢   الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧ الجزء ٢٨ الجزء ٢٩ الجزء ٣٠ الجزء ٣١ الجزء ٣٥ الجزء ٣٦ الجزء ٣٧ الجزء ٣٨ الجزء ٣٩ الجزء ٤٠ الجزء ٤١ الجزء ٤٢ الجزء ٤٣ الجزء ٤٤ الجزء ٤٥ الجزء ٤٦ الجزء ٤٧ الجزء ٤٨ الجزء ٤٩ الجزء ٥٠ الجزء ٥١ الجزء ٥٢ الجزء ٥٣ الجزء ٥٤ الجزء ٥٥ الجزء ٥٦ الجزء ٥٧ الجزء ٥٨ الجزء ٥٩ الجزء ٦٠ الجزء ٦١   الجزء ٦٢ الجزء ٦٣ الجزء ٦٤ الجزء ٦٥ الجزء ٦٦ الجزء ٦٧ الجزء ٦٨ الجزء ٦٩ الجزء ٧٠ الجزء ٧١ الجزء ٧٢ الجزء ٧٣ الجزء ٧٤ الجزء ٧٥ الجزء ٧٦ الجزء ٧٧ الجزء ٧٨ الجزء ٧٩ الجزء ٨٠ الجزء ٨١ الجزء ٨٢ الجزء ٨٣ الجزء ٨٤ الجزء ٨٥ الجزء ٨٦ الجزء ٨٧ الجزء ٨٨ الجزء ٨٩ الجزء ٩٠ الجزء ٩١ الجزء ٩٢ الجزء ٩٣ الجزء ٩٤   الجزء ٩٥ الجزء ٩٦   الجزء ٩٧ الجزء ٩٨ الجزء ٩٩ الجزء ١٠٠ الجزء ١٠١ الجزء ١٠٢ الجزء ١٠٣ الجزء ١٠٤

عجوا إلى الله وضجوا ، فكف الله العذاب عنهم ، فذهب يونس (ع) مغاضبا فالتقمه الحوت فطاف به سبعة أبحر ، فقلت له : كم بقي في بطن الحوت؟ قال : ثلاثة أيام ثم لفظه الحوت وقد ذهب جلده وشعره ، فأنبت الله عليه شجرة من يقطين فأظلته ، فلما قوي أخذت في اليبس ، فقال : يارب شجرة أظلتني يبست ، فأوحى الله إليه : يايونس تجزع لشجرة أظلتك ولا تجزع لمائة ألف أو يزيدون من العذاب؟!. (١)

بيان : الاختلاف الذي وقع في تلك الاخبار في مدة مكثه في بطن الحوت يشكل رفعه ، ولعل بعضها محمولة على التقية. (٢)

١٥ ـ قب : الثمالي قال : دخل عبدالله بن عمر على زين العابدين عليه‌السلام وقال : يا ابن الحسين أنت الذي تقول : إن يونس بن متى إنما لقي من الحوت مالقي لانه عرضت عليه ولاية جدي فتوقف عندها؟ قال : بلى ثكلتك أمك ، قال : فأرني آية ذلك إن كنت من الصادقين ، (٣) فأمر بشد عينيه بعصابة وعيني بعصابة ، ثم أمر بعد ساعة بفتح أعيننا ، فإذا نحن على شاطئ البحر تضرب أمواجه ، فقال ابن عمر : ياسيدي دمي في رقبتك ، الله الله في نفسي ، فقال : هيه وأريه ان كنت من الصادقين. (٤)

ثم قال : يا أيها الحوت ، قال : فأطلع الحوت رأسه من البحر مثل الجبل العظيم وهو يقول : لبيك لبيك ياولي الله ، فقال : من أنت؟ قال : أنا حوت يونس ياسيدي ، قال : أنبئنا بالخبر ، قال : ياسيدي إن الله تعالى لم يبعث نبيا من آدم إلى أن صار جدك محمد إلا وقد عرض عليه ولايتكم أهل البيت ، فمن قبلها من الانبياء سلم وتخلص ، ومن توقف عنها وتمنع من حملها (٥) لقي مالقي آدم (ع) من المعصية ، ومالقي نوح عليه‌السلام

__________________

(١) تفسير العياشي مخطوط ، وأخرجه البحراني عنه أيضا في البرهان ٢ : ٢٠٣.

(٢) أو الاشتباه من الراوي.

(٣) في البرهان : فأرني برهان ذلك إن كنت من الصادقين.

(٤) في البرهان : فقال علي بن الحسين عليه‌السلام : أردت البرهان؟ فقال عبدالله بن عمر : أرني إن كنت من الصادقين.

(٥) تمنع عن الشئ : كف عنه. وفي المصدر والبرهان : تتعتع في حملها. ولعله من تتعتع في الكلام : تردد فيه من عى ، فهو كناية عن عدم القبول والتردد في حملها.

٤٠١

من الغرق ، ومالقي إبراهيم (ع) من النار ، وما لقي يوسف (ع) من الجب ، ومالقي أيوب (ع) من البلاء ، ومالقي داود (ع) من الخطيئة إلى أن بعث الله يونس عليه‌السلام ، فأوحى الله إليه : أن يا يونس تول أمير المؤمنين عليا والائمة الراشدين من صلبه في كلام له ، قال : فكيف أتولى من لم أره ولم أعرفه ، وذهب مغتاظا ، (١) فأوحى الله تعالى إلي أن التقمي يونس ولا توهني له عظما ، فمكث في بطني أربعين صباحا يطوف معي البحار في ظلمات ثلاث ، ينادي : إنه لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين ، قد قبلت ولاية علي ابن أبي طالب والائمة الراشدين من ولده ، فلما أن آمن بولايتكم أمرني ربي فقذفته على ساحل البحر ، فقال زين العابدين عليه‌السلام : ارجع أيها الحوت إلى وكرك ، واستوى الماء. (٢)

بيان : قوله عليه‌السلام : ( هيه وأريه ) الظاهر أن الهائين للسكت ، أي هي السمكة أريكها إن كنت من الصادقين كما قلت ، ويحتمل أن تكون « أن » مخففة بحذف اللام.

١٦ ـ نبه : علي بن الحكم ، عمن رفعه إلى أبي عبدالله عليه‌السلام قال : إن داود النبي عليه‌السلام قال : يارب أخبرني بقريني في الجنة ونظيري في منازلي ، فأوحى الله تبارك وتعالى إليه : إن ذلك متى أبا يونس ، قال : فاستأذن الله في زيارته فأذن له ، فخرج هو وسليمان ابنه عليهما‌السلام حتى أتيا موضعه ، فإذا هما ببيت من سعف ، فقيل لهما : هو في السوق ، فسألا عنه فقيل لهما : اطلباه في الحطابين ، فسألا عنه فقال لهما جماعة من الناس : نحن ننتظره ، الآن يجئ ، فجلسا ينتظرانه إذا أقبل وعلى رأسه وقر من حطب ، فقام إليه الناس فألقى عنه الحطب وحمد الله وقال : من يشتري طيبا بطيب؟ (٣) فساومه واحد وزاده آخر حتى باعه من بعضهم ، قال : فسلما عليه ، فقال : انطلقا بنا إلى المنزل ، واشترى طعاما بما كان معه ثم طحنه وعجنه في نقير له ، ثم أجج نارا وأوقدها ، ثم جعل العجين في تلك النار وجلس معهما يتحدث ، ثم قام وقد نضجت خبيزته ، فوضعها في النقير و

__________________

(١) في البرهان : وذهب مغاضبا.

(٢) مناقب آل أبي طالب ٣ : ٢٨١ ، وأخرجه أيضا البحراني في البرهان ٤ : ٣٧.

(٣) في المصدر : حطبا بطيب.

٤٠٢

فلقها (١) وذر عليها ملحا ، ووضع إلى جنبه مطهرة ملا ماء ، وجلس على ركبتيه وأخذ لقمة فلما رفعها إلى فيه قال : بسم الله ، فلما ازدردها (٢) قال : الحمد لله ، ثم فعل ذلك بأخرى وأخرى ، ثم أخذ الماء فشرب منه فذكر اسم الله ، فلما وضعه قال : الحمد لله ، يارب من ذا الذي أنعمت عليه وأوليته مثل ما أوليتني؟ قد صححت بصري وسمعي وبدني وقويتني حتى ذهبت إلى الشجر لم أغرسه (٣) ولم أهتم لحفظه جعلته لي رزقا ، وسقت إلي من اشتراه مني فاشتريت بثمنه طعاما لم أزرعه ، وسخرت لي النار فأنضجته ، و جعلتني آكله بشهوة أقوى به على طاعتك فلك الحمد ، قال : ثم بكى ، قال داود : يابني قم فانصرف بنا فإني لم أر عبدا قط أشكر لله من هذا. (٤)

بيان : قال الجزري : النقير : أصل النخلة ينقر وسطه ثم ينبذ فيه التمر ويلقى عليه الماء ليصير نبيذا.

١٧ ـ فس : « وإن يونس لمن المرسلين * إذ أبق » يعني هرب « إلى الفلك المشحون فساهم » أي ألقى السهام « فكان من المدحضين » أي من المغوصين « فالتقمه الحوت وهو مليم وأنبتنا عليه شجرة من يقطين » قال : الدباء. (٥)

تفسير : قال الطبرسي رحمه الله : « إذ أبق إلى الفلك المشحون » أي فر من قومه إلى السفينة المملوءة من الناس والاحمال خوفا من أن ينزل العذاب وهو مقيم فيهم « فساهم » يونس القوم بأن ألقوا السهام على سبيل القرعة ، أي قارعهم « فكان من المدحضين » أي من المقروعين ، عن الحسن وابن عباس ، وقيل : من المسهومين ، عن مجاهد ، والمراد : من الملقين في البحر ، واختلف في سبب ذلك فقيل : إنهم أشرفوا على الغرق فرأوا أنهم إن طرحوا

__________________

(١) في المصدر : فلفها.

(٢) أي بلعها.

(٣) في المصدر : حتى ذهبت إلى شجر لم أغرسه.

(٤) تنبيه الخواطر ١ : ١٨ و ١٩.

(٥) تفسير القمي : ٥٦٠. قلت : الدباء بالضم وتشديد الباء والمد وقيل : يجوز القصر : القرع ، وقيل : الدباء اعم من القرع لان القرع لا يطلق الا على الرطب. وقيل : الدباء هو اليابس منه.

٤٠٣

واحدا منهم في البحر لم يغرق الباقون ، وقيل : إن السفينة احتبست فقال الملاحون : إن ههنا عبدا آبقا ، فإن من عادة السفينة إذا كان فيها آبق لاتجري ، فلذلك اقترعوا فوقعت القرعة على يونس ثلاث مرات فعلموا أنه المطلوب فألقى نفسه في البحر ، وقيل : إنه لما وقعت القرعة عليه ألقوه في البحر « فالتقمه الحوت » اي ابتلعه ، وقيل : إن الله سبحانه أوحى إلى الحوت : إني لم أجعل عبدي رزقا لك ، ولكني جعلت بطنك له مسجدا ، فلا تكسرن له عظما ، ولاتخدشن له جلدا « وهو مليم » أي مستحق اللوم لوم العتاب ، لا لوم العقاب على خروجه من بين قومه من غير أمر ربه ، وعندنا أن ذلك إنما وقع منه تركا للمندوب ، وقد يلام الرجل على ترك المندوب ، ومن يجوز الصغيرة على الانبياء قال : قد وقع ذلك صغيرة مكفرة.

واختلف في مدة لبثه في بطن الحوت فقيل : كان ثلاثة أيام ، عن مقاتل بن حيان ، وقيل : سبعة أيام ، عن عطاء ، وقيل : عشرين يوما ، عن الضحاك ، وقيل : أربعين يوما ، عن السدي ومقاتل بن سليمان والكلبي « فلولا أنه كان من المسبحين » أي كان من المصلين في حال الرخاء فنجاه الله عند البلاء ، عن قتادة ، وقيل : كان تسبيحه أنه كان يقول : « لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين » عن سعيد بن جبير.

وقيل : « من المسبحين » أي من المنزهين الله عما لا يليق به « للبث في بطنه إلى يوم يبعثون » أي لصار بطن الحوت قبرا له إلى يوم القيامة « فنبذناه بالعراء » أي طرحناه بالمكان الخالي الذي لانبت فيه ولا شجر ، وقيل : بالساحل ، ألهم الله الحوت حتى قذفه ورماه من جوفه على وجه الارض « وهو سقيم » أي مريض حين ألقاه الحوت « وأنبتنا عليه شجرة من يقطين » وهو القرع ، عن ابن مسعود ، وقيل : هو كل نبت يبسط على وجه الارض ولا ساق له ، عن ابن عباس والحسن.

وروى ابن مسعود (١) قال : خرج يونس من بطن الحوت كهيئة فرخ ليس عليه ريش ، فاستظل بالشجرة من الشمس « وأرسلناه إلى مائة ألف أو يزيدون » قيل : إن الله سبحانه أرسله إلى أهل نينوى من أرض الموصل ، عن قتادة ، وكانت رسالته هذه بعد مانبذه

__________________

(١) في المصدر : روى عن ابن مسعود.

٤٠٤

الحوت ، عن ابن عباس ، فعلى هذا يجوز أن يكون أرسل على قوم بعد قوم ، ويجوز أن يكون أرسل إلى الاولين بشريعة فآمنوا بها.

وقيل في معنى « أو » في قوله : « أو يزيدون » وجوه :

أحدها أنه على طريق الابهام على المخاطبين ، كأنه قال : أرسلناه إلى إحدى العدتين.

وثانيها : أن « أو » تخيير كأن الرائي خير بين أن يقول : هم مائة ألف أو يزيدون عن سيبويه ، والمعنى أنهم كانوا عددا لو نظر إليهم الناظر لقال : هم مائة ألف أو يزيدون.

وثالثها : أن « أو » بمعنى الواو ، كأنه قال : ويزيدون ، عن بعض الكوفيين ، وقال بعضهم : معناه : بل يزيدون ، وهذان القولان الاخيران غير مرضيين عند المحققين ، وأجود الاقوال الاول والثاني.

واختلف في الزيادة على مائة ألف كم هي؟ فقيل : عشرون ألفا ، عن ابن عباس و مقاتل ، وقيل : بضع وثلاثون ألفا ، عن الحسن والربيع ، وقيل : سبعون ألفا ، عن مقاتل بن حيان.

« فآمنوا فمتعناهم إلى حين » حكى سبحانه عنهم أنهم آمنوا بالله وراجعوا التوبة فكشف عنهم العذاب ، ومتعهم بالمنافع واللذات إلى انقضاء آجالهم. (١)

وقال رحمه الله : إن قوم يونس كانوا بأرض نينوى من أرض الموصل ، وكان يدعوهم إلى الاسلام فأبوا ، فأخبرهم أن العذاب مصبحهم إلى ثلاث إن لم يتوبوا ، فقالوا : إنا لم نجرب عليه كذبا ، فإن بات (٢) فيكم تلك الليلة فليس بشئ ، وإن لم يبت فاعلموا أن العذاب مصبحكم ، فلما كان في جوف الليل خرج يونس من بين أظهرهم ، فلما أصبحوا تغشاهم العذاب ، قال وهب : أغامت السماء (٣) غيما أسود هائلا يدخن دخانا شديدا ، فهبط حتى غشي مدينتهم واسودت سطوحهم.

__________________

(١) مجمع البيان ٨ : ٤٥٨ و ٤٥٩.

(٢) في المصدر : فانظروا فان بات.

(٣) اغامت السماء : كانت ذات غيم.

٤٠٥

وقال ابن عباس : كان العذاب فوق رؤوسهم قدر ثلثي ميل ، فلما رأوا ذلك أيقنوا بالهلاك فطلبوا نبيهم فلم يجدوه فخرجوا إلى الصعيد بأنفسهم ونسائهم وصبيانهم ودوابهم ولبسوا المسوح وأظهروا التوبة ، (١) وفرقوا بين كل والدة وولدها.

قال ابن مسعود : بلغ من توبة أهل نينوى أن ترادوا (٢) المظالم بينهم حتى أن كان الرجل يأتي إلى الحجر وقد وضع عليه أساس بنيانه فيقلعه ويرده ، وروي أنه قال شيخ من بقية علمائهم : (٣) قولوا : « ياحي حين لاحي ، وياحي محيي الموتى ، وياحي لا إله إلا أنت » فقالوها فكشف عنهم العذاب ، وقال ابن مسعود : لما ابتلعه الحوت ابتلع الحوت حوت آخر فأهوى به إلى قرار الارض ، وكان في بطنه أربعين ليلة ، فنادى في الظلمات أن لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين ، فاستجاب الله له فأمر الحوت فنبذه على ساحل البحر وهو كالفرخ المتمعط ، (٤) فأنبت الله عليه شجرة من يقطين ، فجعل يستظل تحتها ، ووكل الله به وعلا (٥) يشرب من لبنها إلى أن رده الله إلى قومه. (٦) وقيل : إنه عليه‌السلام أرسل إلى قوم غير قومه الاولين انتهى. (٧)

وقال صاحب الكامل : كان يقطر عليه من شجرة اليقطين اللبن. (٨)

وقال الشيخ في المصباح : في اليوم التاسع من المحرم أخرج الله يونس من بطن الحوت. (٩)

__________________

(١) في المصدر : وأظهروا الايمان والتوبة.

(٢) في المصدر : يرادوا.

(٣) في المصدر : وروى عن أبي مخلد انه قال : لما غشى قوم يونس العذاب مشوا إلى شيخ من بقية علمائهم فقالوا له : لقد نزل بنا العذاب فما ترى؟ قال : قولوا.

(٤) المتمعط : الذي سقط شعره من داء يعرض له.

(٥) الوعل : تيس الجبل.

(٦) في المصدر : يشرب من لبنها فيبست الشجرة فبكى عليها ، فأوحى الله تعالى إليه : تبكي على شجرة يبست ولا تبكي على مائة ألف أو يزيدون؟ أردت أن اهلكهم؟ فخرج يونس فاذا هو بغلام يرعى فقال : من أنت؟ قال : من قوم يونس ، قال : اذا رجعت اليهم فأخبرهم أنك لقيت يونس فاخبرهم الغلام ورد الله عليه بدنه ورجع إلى قومه وآمنوا به.

(٧) مجمع البيان ٥ : ١٣٥ و ١٣٦.

(٨) الكامل ١ : ١٢٦.

(٩) مصباح المتهجد : ٥٢٨.

٤٠٦

( باب ٢٧ )

* ( قصة أصحاب الكهف والرقيم ) *

الايات ، الكهف « ١٨ » أم حسبت أن أصحاب الكهف والرقيم كانوا من آياتنا عجبا * إذ أوى الفتية إلى الكهف فقالوا ربنا آتنا من لدنك رحمة وهيئ لنا من أمرنا رشدا * فضربنا على آذانهم في الكهف سنين عددا * ثم بعثناهم لنعلم أي الحزبين أحصى لما لبثوا أمدا * نحن نقص عليك نبأهم بالحق إنهم فتية آمنوا بربهم وزدناهم هدى * وربطنا على قلوبهم إذ قاموا فقالوا ربنا رب السموات والارض لن ندعو من دونه إلها لقد قلنا إذا شططا * هؤلاء قومنا اتخذوا من دونه آلهة لولا يأتون عليهم بسلطان بين فمن أظلم ممن افترى على الله كذبا * وإذ اعتزلتموهم وما يعبدون إلا الله فأووا إلى الكهف ينشر لكم ربكم من رحمته ويهيئ لكم من أمركم مرفقا * وترى الشمس إذا طلعت تزاور عن كهفهم ذات اليمين وإذا غربت تقرضهم ذات الشمال وهم في فجوة منه ذلك من آيات الله من يهد الله فهو المهتد ومن يضلل فلن تجد له وليا مرشدا * وتحسبهم أيقاظا وهم رقود ونقلبهم ذات اليمين وذات الشمال وكلبهم باسط ذراعيه بالوصيد لو اطلعت عليهم لوليت منهم فرارا ولملئت منهم رعبا * وكذلك بعثناهم ليتساءلوا بينهم قال قائل منهم كم لبثتم قالوا لبثنا يوما أو بعض يوم قالوا ربكم أعلم بما لبثتم فابعثوا أحدكم بورقكم هذه إلى المدينة فلينظر أيها أزكى طعاما فليأتكم برزق منه وليتلطف ولايشعرن بكم أحدا * إنهم إن يظهروا عليكم يرجموكم أو يعيدوكم في ملتهم ولم تفلحوا إذا أبدا * وكذلك أعثرنا عليهم ليعلموا أن وعد الله حق وأن الساعة لاريب فيها إذ يتنازعون بينهم أمرهم فقالوا ابنوا عليهم بنيانا ربهم أعلم بهم قال الذين غلبوا على أمرهم لنتخذن عليهم مسجدا * سيقولون ثلاثة رابعهم كلبهم ويقولون خمسة سادسهم كلبهم رجما بالغيب ويقولون سبعة

٤٠٧

وثامنهم كلبهم قل ربي أعلم بعدتهم مايعلمهم إلا قليل فلا تمار فيهم إلا مراء ظاهرا ولا تستفت فيهم منهم أحدا * ولا تقولن لشئ إني فاعل ذلك غدا * إلا أن يشاء الله و اذكر ربك إذا نسيت وقل عسى أن يهدين ربي لاقرب من هذا رشدا * ولبثوا في كهفهم ثلاث مائة سنين وازدادوا تسعا * قل الله أعلم بما لبثوا له غيب السموات والارض أبصر به وأسمع مالهم من دونه من ولي ولا يشرك في حكمه أحدا ٩ ٢٦.

تفسير : قال المفسرون : اختلف في معنى الرقيم فقيل : إنه كان اسم الوادي الذي كان فيه الكهف ، وقيل : هو اسم الجبل ، وقيل : هو القرية التي خرجوا منها ، وقيل : هو لوح من حجارة كتبوا فيه قصتهم ثم وضعوه على باب الكهف ، وقيل : جعل ذلك اللوح في خزائن الملوك لانه من عجائب الامور ، وقيل : الرقيم اسم كلبهم ، وقيل : الرقيم : كتاب ، ولذلك الكتاب خبر ، ولم يخبر الله عما فيه ، وقيل : إن أصحاب الرقيم هم الثلاثة الذين دخلوا في غار فانسد عليهم كما سيأتي شرحه « وهيئ لنا من أمرنا » أي من الامر الذي نحن عليه من مفارقة الكفار « رشدا » نصير بسببه راشدين مهتدين ، أو اجعل أمرنا كله رشدا كقولك : رأيت منك أسدا « فضربنا على آذانهم » أي ضربنا عليها حجابا يمنع السماع ، أي أنمناهم إنامة لاينبههم فيها الاصوات ، فحذف المفعول « ثم بعثناهم » أيقظناهم « لنعلم » ليتعلق علمنا تعلقا حاليا مطابقا لتعلقه أولا تعلقا استقباليا « أي الحزبين » من المؤمنين و الكافرين من قوم أصحاب الكهف حين وقع بينهم التنازع في مدة لبثهم ، وقيل : يعني بالحزبين أصحاب الكهف لما استيقظوا ، اختلفوا في مقدار لبثهم « إنهم فتية » قالوا أي شبان ، وسيأتي في الخبر تفسيره « وربطنا على قلوبهم » أي قويناها وشددنا عليها بالالطاف والخواطر المقوية للايمان حتى وطنوا أنفسهم على إظهار الحق ، والثبات على الدين ، والصبر على المشاق (١) « إذ قاموا » بين يدي ملكهم « لقد قلنا إذا شططا » (٢)

__________________

(١) في المجمع : ومفارقة الوطن.

(٢) في المجمع : معناه ان دعونا مع الله إلها آخر فلقد قلنا اذا قولا مجاوزا للحق غاية في البطلان.

٤٠٨

والله لقد قلنا قولا ذا شطط ، أي ذا بعد عن الحق ، مفرط في الظلم « عليهم » أي على عبادتهم (١) « بسلطان بين » أي ببرهان ساطع ظاهر « وإذ اعتزلتموهم » هذا خطاب بعضهم لبعض ، وقال ابن عباس : هذا قول تمليخا « من أمركم مرفقا » أي ماترفقون وتنتفعون به « تزاور عن كهفهم » تميل عنه ولا يقع شعاعها عليهم فيؤذيهم ، لان الكهف كان ( جنوبيا )؟ ، أو لان الله زورها عنهم ، والزور : الميل « ذات اليمين » أي جهة اليمين « تقرضهم » أي تعدل عنهم وتتركهم « وهم في فجوة منه » أي في متسع من الكهف يعني في وسطه بحيث ينالهم روح الهواء ولا يؤذيهم كرب الغار ولا حر الشمس ، وذلك أن باب الكهف كان في مقابلة بنات نعش ، وأقرب المشارق والمغارب إلى محاذاته مشرق رأس السرطان ومغربه ، وأن الشمس إذا كان مدارها مداره تطلع مائلة عنه مقابلة لجانبه الايمن ، وهو الذي يلي المغرب ، و تغرب محاذية لجانبه الايسر ، فيقع شعاعها على جنبيه ، ويحلل عفونته ، ويعدل هواه ، ولا يقع عليهم فيؤذي أجسادهم ويبلي ثيابهم ، وقيل : بل الله صرف عنهم الشمس بقدرته « وليا مرشدا » من يليه ويرشده « وتحسبهم أيقاظا » لانفتاح عيونهم ، أو لكثرة تقلبهم « وهم رقود » أي نيام ، ونقلبهم كيلا تأكل الارض مايليها من أبدانهم « وكلبهم » أي كلب الراعي الذي تبعهم ، وقيل : إنهم مروا بكلب فتبعهم فطردوه فعد ففعلوا ذلك مرارا ، فقال لهم : ماتريدون مني؟ لاتخشوا خيانتي فأنا أحب أولياء الله فنوموا حتى أحرسكم ، وقيل : كان كلب صيدهم « بالوصيد » بفناء الكهف ، وقيل : الوصيد : الباب ، وقيل : العتبة « ولملئت منهم رعبا » خوفا يملا صدرك لما ألبسهم الله من الهيبة ، أو لعظم أجرامهم وانفتاح عيونهم ، وقيل : لوحشة مكانهم.

وقال الطبرسي : روى سعيد بن جبير عن ابن عباس قال : غزوت مع معاوية نحو الروم فمروا بالكهف الذي فيه أصحاب الكهف ، فقال معاوية : لو كشف لنا عن هؤلاء فنظرنا إليهم ، فقلت له : ليس هذا لك فقد منع ذلك من هو خير منك ، قال الله : « لو اطلعت » الآية ، فقال معاوية : لا أنتهي حتى أعلم علمهم ، فبعث رجالا فلما دخلوا الكهف أرسل الله عليهم ريحا أخرجتهم. (٢)

__________________

(١) في المجمع : على عبادتهم غير الله.

(٢) مجمع البيان ٦ : ٤٥٦.

٤٠٩

« وكذلك بعثناهم » أي وكما أنمناهم آية بعثناهم آية على كمال قدرتنا « ليتساءلوا بينهم » ليسأل بعضهم بعضا فيتعرفوا حالهم وما صنع الله بهم فيزدادوا يقينا.

قال المفسرون : إنهم دخلوا الكهف غدوة وبعثهم الله في آخر النهار ، فلذلك قالوا « يوما » فلما رأوا الشمس قالوا : « أو بعض يوم ».

« قالوا ربكم » قال ابن عباس : القائل هو تمليخا رئيسهم « بورقكم » الورق : الدراهم « فلينظر أيها » أي أي أهلها « أزكى طعاما » أحل وأطيب ، أو أكثر وأرخص « و ليتلطف » وليتكلف اللطف في المعاملة حتى لا يغبن ، أو في التخفي حتى لا يعرف « يرجموكم » يقتلوكم بالرجم ، أو يؤذوكم أو يشتموكم « أعثرنا عليهم » أي أطلعنا عليهم « ليعلموا أن وعد الله » بالبعث « حق » لان نومهم وانتباههم كحال من يموت ثم يبعث « إذ يتنازعون » أي فعلنا ذلك حين تنازعوا في البعث ، فمنهم من أنكره ، ومنهم من قال ببعث الارواح دون الاجساد ، ومنهم من أثبت البعث فيهما ، وقيل : إن معناه : إذ يتنازعون في قدر مكثهم وفي عددهم وفيما يفعل بهم بعد أن اطلعوا عليهم فسقطوا ميتين ، فقال بعضهم : ماتوا ، وقال بعضهم : ناموا نومهم أول مرة ، وقالت طائفة : نبني عليهم بنيانا يسكنه الناس ويتخذونه قرية ، وقال آخرون : لنتخذن عليهم مسجدا يصلى فيه.

وقوله : « ربهم أعلم بهم » اعتراض إما من الله ردا على الخائضين في أمرهم من أولئك المتنازعين ، أو من المتنازعين فيهم على عهد الرسول ، أو من المتنازعين للرد إلى الله بعد ماتذاكروا أمرهم وتناقلوا الكلام في أنسابهم وأحوالهم فلم يتحقق لهم ذلك « سيقولون » أي الخائضون في قصتهم في عهد الرسول من أهل الكتاب والمؤمنين « ثلاثة رابعهم كلبهم » قيل : هو قول اليهود ، وقيل : قول السيد من نصارى نجران « ويقولون خمسة » قالته النصارى ، أو العاقب « رجما بالغيب » يرمون رميا بالخبر الخفي الذي لا مطلع لهم عليه أو ظنا بالغيب « ويقولون سبعة » قاله المسلمون ، واستدل على هذا بإتباعه بقوله : « قل ربي » وإتباع الاولين بقوله : « رجما بالغيب ».

« ما يعلمهم إلا قليل من الناس » قال ابن عباس : أنا من ذلك القليل ، هم سبعة و ثامنهم كلبهم « فلا تمار فيهم إلا مراء ظاهرا » فلا تجادل في شأن الفتية إلا جدالا ظاهرا

٤١٠

غير متعمق ، وهو أن تقص عليهم مافي القرآن من غير تجهيل لهم ، أو إلا مراءا يشهده الناس ويحضرونه « ولا تستفت » ولا تسأل أحدا منهم عن قصتهم سؤال مسترشد.

واختلف في قوله : « ولبثوا في كهفهم » فقيل : إنه إخبار عن الواقع ، وقيل : إنه حكاية لكلام أهل الكتاب بقرينة قوله : « قل الله أعلم ».

« أبصر به وأسمع » أي ما أبصره وما أسمعه فلا يخفى عليه شئ! « من ولي » أي من يتولى أمورهم.

١ ـ ص : ابن بابويه ، عن محمد بن يوسف بن علي ، عن الحسن بن علي بن نضر (١) الطرسوسي ، عن أبي الحسن بن قرعة القاضي بالبصرة ، عن زياد عن عبدالله البكائي ، عن محمد بن إسحاق ، عن إسحاق بن يسار ، عن عكرمة ، عن ابن عباس قال : لما كان في عهد خلافة عمر أتاه قوم من أحبار اليهود فسألوه (٢) عن أقفال السماوات ماهي؟ وعن مفاتيح السماوات ماهي؟ وعن قبر سار بصاحبه ماهو؟ وعمن أنذر قومه ليس من الجن ولا من الانس ، و عن خمسة أشياء مشت على وجه الارض لن يخلقوا في الارحام ، وما يقول الدراج في صياحه ، وما يقول الديك والفرس والحمار والضفدع والقنبر ، فنكس عمر رأسه ، (٣) و

__________________

(١) في نسخة : « نصر » بالصاد المهملة ، ولعل الصحيح : الحسن بن علي بن نصر الطوسي.

(٢) في العرائس هنا زيادة هي هكذا : فقالوا له أنت ولي الامر بعد محمد وصاحبه ، وانا نريد أن نسألك عن خصال إن أخبرتنا علمنا أن الاسلام حق وأن محمدا كان نبيا ، وان لم تخبرنا علمنا أن الاسلام باطل وأن محمدا لم يكن نبيا ، فقال : سلوا عما بدالكم ، قالوا : أخبرنا عن أقفال السماوات.

(٣) في العرائس : مايقول الدراج في صياحه؟ ومايقول الديك في صراخه؟ وما يقول الفرس في صهيله؟ ومايقول الضفدع في نعيقه؟ ومايقول الحمار في نهيقه؟ وما يقول القنبر في صفيره؟ قال : فنكس عمر رأسه في الارض! ثم قال : لاعيب بعمر اذا سئل عما لا يعلم أن يقول : لا أعلم! فوثب اليهود وقالوا : نشهد ان محمدا لم يكن نبيا وأن الاسلام باطل ، فوثب سلمان الفارسي وقال لليهود : قفوا قليلا ، ثم توجه نحو علي بن ابي طالب كرم الله وجهه حتى دخل عليه ، فقال : يا أبا الحسن اغث الاسلام ، فقال : وماذاك؟ فاخبره الخبر ، فاقبل يرفل في بردة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فلما نظر اليه عمر وثب قائما فاعتنقه ، وقال : يا أبا الحسن أنت لكل معضلة وشدة تدعا فدعا علي كرم الله وجهه اليهود فقال : سلوا عما بدالكم ، فان النبي صلى الله عليه وسلم علمني ألف باب من العلم فتشعب لي من كل باب الف باب ، فسألوه عنها ، فقال علي كرم الله وجهه : ان لي عليكم شريطة.

٤١١

قال : يا أبا الحسن ما أرى جوابهم إلا عندك! فقال لهم علي (ع) : إن لي عليكم شريطة : إذا أنا أخبرتكم بما في التوراة دخلتم في ديننا؟ قالوا : نعم.

فقال (ع) : أما أقفال السماوات هو الشرك بالله ، فإن العبد والامة إذا كانا مشركين مايرفع لهما إلى الله سبحانه عمل ، فقالوا : ما مفاتيحها؟ فقال علي (ع) : شهادة أن لا إله إلا الله ، وأن محمدا عبده ورسوله. فقالوا : أخبرنا عن قبر سار بصاحبه ، قال : ذاك الحوت حين ابتلع يونس عليه‌السلام فدار به في البحار السبعة. فقالوا : أخبرنا عمن أنذر قومه لامن الجن ولا من الانس ، قال : تلك نملة سليمان إذ قالت : « يا أيها النمل ادخلوا مساكنكم لا يحطمنكم سليمان وجنوده ».

قالوا : فأخبرنا عن خمسة أشياء مشت على الارض ماخلقوا في الارحام ، قال : ذاك آدم وحواء وناقة صالح وكبش إبراهيم وعصا موسى. قالوا : فأخبرنا ما تقول هذه الحيوانات؟ قال : الدراج يقول : الرحمن على العرش استوى ، والديك يقول : اذكروا الله ياغافلين ، والفرس يقول إذا مشى المؤمنون إلى الكافرين : (١) اللهم انصر عبادك المؤمنين على عبادك الكافرين ، والحمار يلعن العشار وينهق في عين الشيطان ، والضفدع يقول : سبحان ربي المعبود المسبح في لجج البحار ، والقنبر يقول : اللهم العن مبغضي محمد وآل محمد.

قال : وكانت الاحبار ثلاثة فوثب اثنان وقالا : أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأن محمدا عبده ورسوله. قال : فوقف الحبر الآخر وقال : ياعلي لقد وقع في قلبي ماوقع في قلوب أصحابي ولكن بقيت خصلة أسألك عنها ، فقال علي عليه‌السلام : سل ، قال : أخبرني عن قوم كانوا في أول الزمان فماتوا ثلاث مائة وتسع سنين ثم أحياهم الله ما كان قصتهم؟ فابتدأ علي عليه‌السلام وأراد أن يقرأ سورة الكهف. فقال الحبر : ما أكثر ماسمعنا قرآنكم ، فإن كنت عالما بهم أخبرنا بقصة هؤلاء وبأسمائهم وعددهم و اسم كلبهم واسم كهفهم واسم ملكهم واسم مدينتهم.

__________________

(١) زاد في العرائس : إلى الجهاد.

٤١٢

فقال علي (ع) : لاحول ولاقوة إلا بالله العلي العظيم ، يا أخا اليهود حدثني محمد (ص) أنه كان بأرض الروم مدينة يقال لها أقسوس (١) وكان لها ملك صالح فمات ملكهم فاختلفت كلمتهم فسمع بهم ملك من ملوك فارس يقال له دقيانوس (٢) فأقبل في مائة ألف حتى دخل مدينة أقسوس فاتخذها دار مملكته ، واتخذ فيها قصرا طوله فرسخ في عرض فرسخ واتخذ في ذلك القصر مجلسا طوله ألف ذراع في عرض مثل ذلك من الرخام الممرد ، (٣) واتخذ في ذلك المجلس أربعة آلاف أسطوانة من ذهب ، واتخذ ألف قنديل من ذهب لها سلاسل من اللجين تسرج (٤) بأطيب الادهان ، واتخذ في شرقي المجلس ثمانين كوة ، (٥) ولغربيه كذلك ، وكانت الشمس إذا طلعت طلعت في المجلس كيفما دارت ، واتخذ فيه سريرا من ذهب طوله ثمانون ذراعا في عرض أربعين ذراعا ، له قوائم من فضة مرصعة بالجواهر ، وعلاه بالنمارق ، واتخذ من يمين السرير ثمانين كرسيا من الذهب مرصعة بالزبرجد الاخضر فأجلس عليها بطارقته ، واتخذ من يسار السرير ثمانين كرسيا من الفضة مرصعة بالياقوت الاحمر فأجلس عليها هراقلته (٦) ثم علا السرير فوضع التاج على رأسه.

فوثب اليهودي فقال : مم كان تاجه؟ قال : من الذهب المشبك ، (٧) له سبعة أركان (٨) على كل ركن لولؤة بيضاء تضئ كضوء المصباح في الليلة الظلماء ، واتخذ خمسين غلاما

__________________

(١) قال الثعلبي : ويقال هي طرسوس كان اسمها في الجاهلية اقسوس فلما جاء الاسلام سموها طرسوس. منه رحمه الله. قلت : قال ياقوت : افسوس بضم الهمزة وسكون الفاء : بلد بثغورطرطوس يقال انه بلد اصحاب الكهف.

(٢) في نسخة : دقيوس وكذا فيما يأتي ، قال ابن الاثير : اسمه دقيوس ، ويقال : دقيانوس. وزاد في العرائس : وكان جبارا كافرا.

(٣) في نسخة : من الزجاج الممرد.

(٤) في نسخة وفي العرائس : تسرج كل ليلة.

(٥) في العرائس : مائة وثمانين.

(٦) في نسخة : هرابذته.

(٧) في نسخة وفي العرائس : الذهب السبيك.

(٨) في العرائس : له تسعة أركان.

٤١٣

من أولاد الهراقلة (١) فقرطقهم بقراطق الديباج الاحمر ، (٢) وسرولهم بسراويلات الحرير الاخضر ، وتوجهم ودملجهم وخلخلهم ، وأعطاهم أعمدة من الذهب ، ووقفهم على رأسه ، واتخذ ستة غلمة وزراءه ، فأقام ثلاثة عن يمينه ، وثلاثة عن يساره ، فقال اليهودي : ما كان أسماء الثلاثة (٣) والثلاثة؟ فقال علي عليه‌السلام : الذين عن يمينه أسماؤهم تمليخا ومكسلمينا وميشيلينا (٤) وأما الذين عن يساره فأسماؤهم مرنوس وديرنوس و شاذريوس ، (٥) وكان يستشيرهم في جميع أموره ، وكان يجلس في كل يوم في صحن داره والبطارقة عن يمينه والهراقلة عن يساره ، ويدخل ثلاثة غلمة في يد أحدهم جام من ذهب مملوء من المسك المسحوق ، وفي يد الآخر جام من فضة مملوء من ماء الورد ، وفي يد الآخر طائر أبيض له منقار أحمر ، فإذا نظر الملك إلى ذلك الطائر صفر به فيطير الطائر حتى يقع في جام ماء الورد فيتمرغ فيه ، ثم يقع على جام المسك فيحمل مافي الجام بريشه وجناحه ، ثم يصفر به الثانية فيطير الطائر على تاج الملك فينفذ ما في ريشه وجناحه على رأس الملك. (٦)

فلما نظر الملك إلى ذلك عتا وتجبر فادعى الربوبية من دون الله ، ودعا إلى ذلك

__________________

(١) في نسخة : من أولاد البطارقة.

(٢) في العرائس : فمنطقهم بمناطق الديباج الاحمر.

(٣) في نسخة : ما كان اسم الثلاثة.

(٤) في نسخة : مجسلمينا. وفي العرائس : محسلمينا.

(٥) في نسخة : مرطونس وكشطونس وسادنوس. وفي العرائس : مرطليوس ، كشطوس ، سادنيوس. وفي مجمع البيان : كمسلمينا وتمليخا ومرطولس ونينونس وسارينونس ودربونس وكشوطبنونس وهو الراعي. وفي المحبر : قال الكلبي : هم مسكسملينا ، ويمليخا ، ومرطولس ، وذنوانس ، وديودنس ، وساربيونس ، وكشفوطدبيوس ، وبطينوسوس ، قال : واسم الملك الذي هربوا منه دقيانوس ، والملك الذي ظهروا في زمانه تيديسوس ، واسم المدينة افسوس ، واسم الرستاق الذي كانوا منه انوس ، واسم الكهف انجلوس وذكرهم الطبري وابن الاثير في تاريخهما مع اختلاف.

(٦) في عرائس الثعلبي : فمكث الملك في ملكه ثلاثين سنة من غير أن يصيبه صداع ولا وجع ولا حمى ولا لعاب ولا بصاق ولا مخاط فلما رأى ذلك من نفسه وماله عتا اه منه رحمه الله.

٤١٤

وجوه قومه ، فكل من أطاعه على ذلك أعطاه وحباه وكساه ، وكل من لم يبايعه قتله فاستجابوا له رأسا ، واتخذ لهم عيدا في كل سنة مرة ، فبيناهم ذات يوم في عيد و البطارقة عن يمينه والهراقلة عن يساره إذ أتاه بطريق فأخبره أن عساكر الفرس قد غشيه فاغتم لذلك حتى سقط التاج عن رأسه (١) فنظر إليه أحد الثلاثة الذين كانوا عن يمينه يقال له تمليخا وكان غلاما فقال في نفسه : لو كان دقيانوس إلها كما يزعم إذا ماكان يغتم ولا يفزع ، وماكان يبول ولا يتغوط ، وما كان ينام ، وليس هذه من فعل الاله ، قال : وكان الفتية الستة كل يوم عند أحدهم وكانوا ذلك اليوم عند تمليخا ، فاتخذ لهم من طيب الطعام ، ثم قال لهم : يا إخوتاه قد وقع في قلبي شئ منعني الطعام والشراب والمنام ، قالوا : وماذاك يا تمليخا؟ قال : أطلت فكري في هذه السماء فقلت : من رفع سقفها محفوظة بلا عمد ولا علاقة من فوقها؟ ومن أجرى فيها شمسا وقمرا آيتان مبصرتان؟ (٢) ومن زينها بالنجوم؟ ثم أطلت الفكر في الارض فقلت : من سطحها على ظهر اليم الزاخر؟ (٣) ومن حبسها بالجبال أن تميد على كل شئ؟ (٤) وأطلت فكري في نفسي من أخرجني جنينا (٥) من بطن أمي؟ ومن غذاني؟ ومن رباني؟ إن لها صانعا ومدبرا غير دقيوس الملك ، وما هو إلا ملك الملوك ، وجبار السماوات ، فانكبت الفتية على رجليه يقبلونها ، وقالوا بك هدانا الله من الضلالة إلى الهدى ، فأشر علينا ، (٦) قال : فوثب تمليخا فباع تمرا من حائط له بثلاثة الآف درهم وصرها في ردنه (٧) وركبوا خيولهم وخرجوا من المدينة ،

__________________

(١) في نسخة : على ناحية.

(٢) في نسخة : آيتين مبصرتين.

(٣) في نسخة : على صميم الماء الزخار.

(٤) في العرائس : ومن حبسها وربطها بالجبال الرواسي لئلا تميد.

(٥) في العرائس : فقلت : من اخرجني جنينا.

(٦) في العرائس : فأشر علينا فقال : يا اخواني ما أجد لي ولكم حيلة الا الهرب من هذا الجبار إلى ملك السماوات والارض ، فقالوا : الرأي مارأيت ، فوثب تمليخا فابتاع تمرا بثلاثة دراهم وصرها في ردائه.

(٧) الردن : اصل الكم : طرفه الواسع وكانت العرب تضع فيه الدراهم والدنانير. وفي نسخة : صرها في ردائه.

٤١٥

فلما ساروا ثلاثة أميال قال لهم تمليخا : يا إخوتاه جاءت مسكنة الآخرة وذهب ملك الدنيا ، انزلوا عن خيولكم وامشوا على أرجلكم ، لعل الله أن يجعل لكم من أمركم فرجا ومخرجا ، فنزلوا عن خيولهم ومشوا على أرجلهم سبعة فراسخ في ذلك اليوم فجعلت أرجلهم تقطر دما.

قال : فاستقبلهم راع فقالوا : يا أيها الراعي هل من شربة لبن أو ماء؟ فقال الراعي : عندي ماتحبون ولكن أرى وجوهكم وجوه الملوك ، وما أظنكم إلا هرابا من دقيوس الملك ، قالوا : يا أيها الراعي لايحل لنا الكذب ، أفينجينا منك الصدق؟ فأخبروه بقصتهم فانكب الراعي على أرجلهم يقبلها ، ويقول : ياقوم لقد وقع في قلبي ما وقع في قلوبكم ، ولكن امهلوني حتى أرد الاغنام على أربابها وألحق بكم ، فتوقفوا له فرد الاغنام و أقبل يسعى يتبعه الكلب له. (١)

قال : فوثب اليهودي فقال : ياعلي ماكان اسم الكلب؟ ومالونه؟ فقال علي عليه‌السلام : لاحول ولاقوة إلا بالله العلي العظيم ، أما لون الكلب فكان أبلقا (٢) بسواد ، وأما اسم الكلب فقطمير ، فلما نظر الفتية إلى الكلب قال بعضهم : إنا نخاف أن يفضحنا بنباحه ، فألحوا عليه بالحجارة ، فأنطق الله تعالى جل ذكره الكلب : ذروني حتى أحرسكم من عدوكم فلم يزل الراعي يسير بهم حتى علاهم (٣) جبلا فانحط بهم على كهف يقال له الوصيد ، (٤) فإذا بفناء الكهف عيون وأشجار مثمرة ، فأكلوا من الثمر وشربوا من الماء وجنهم الليل فآووا إلى الكهف وربض الكلب على باب الكهف ومد يديه عليه ، فأوحى الله تعالى عز وعلا إلى ملك الموت بقبض أرواحهم ، ووكل الله بكل رجل ملكين يقلبانه من ذات اليمين إلى ذات الشمال ، ومن ذات الشمال إلى اليمين ، فأوحى الله تعالى عز وعلا إلى خزان الشمس فكانت تزاور عن كهفهم ذات اليمين ، وتقرضهم ذات الشمال ، (٥)

__________________

(١) في نسخة : فتبعه كلبه.

(٢) كذا في النسخ.

(٣) كذا في : حتى علا بهم.

(٤) في العرائس : فوثب اليهودي وقال : ياعلي ما اسم ذلك الجبل؟ وما اسم الكهف؟ قال أمير المؤمنين : يا أخا اليهود اسم الجبل ناجلوس ، واسم الكهف الوصيد.

(٥) في العرائس : تزاور عن كهفهم ذات اليمين اذا طلعت ، واذا غربت تقرضهم ذات الشمال.

٤١٦

جفلما رجع دقيوس (١) من عيده سأل عن الفتية فأخبر أنهم خرجوا هرابا فركب في ثمانين ألف حصان ، (٢) فلم يزل يقفو أثرهم حتى علا فانحط إلى كهفهم فلما نظر إليهم إذا هم نيام ، فقال الملك : لو أردت أن أعاقبهم بشئ لما عاقبتهم بأكثر مما عاقبوا به أنفسهم ، و لكن ايتوني بالبنائين فسد باب الكهف بالكلس والحجارة ، وقال لاصحابه : قولوا لهم : يقولوا لالههم الذي في السماء لينجيهم وأن يخرجهم من هذا الموضع.

قال علي (ع) : يا أخا اليهود فمكثوا ثلاث مائة سنة وتسع سنين ، فلما أراد الله أن يحييهم أمر إسرافيل الملك أن ينفخ فيهم الروح ، فنفخ فقاموا من رقدتهم ، فلما أن بزغت الشمس قال بعضهم : قد غفلنا في هذه الليلة عن عبادة إله السماء ، فقاموا فإذا العين قد غارت ، وإذا الاشجار قد يبست ، فقال بعضهم : إن أمورنا لعجب ، مثل تلك العين الغزيرة قد غارت والاشجار قد يبست في ليلة واحدة! ومسهم الجوع فقالوا : ابعثوا بورقكم هذه إلى المدينة فلينظر أيها أزكى طعاما فليأتكم برزق منه وليتلطف ولا يشعرن بكم أحدا ، قال تمليخا : لا يذهب في حوائجكم غيري ، ولكن ادفع أيها الراعي ثيابك إلي ، قال : فدفع الراعي ثيابه ومضى يؤم المدينة ، فجعل يرى مواضع لايعرفها ، وطريقا هو ينكرها حتى أتى باب المدينة وإذا عليه علم أخضر مكتوب عليه : لا إله إلا الله عيسى رسول الله ، قال : فجعل ينظر إلى العلم وجعل يمسح عينيه ويقول : أراني نائما ، ثم دخل المدينة حتى أتى السوق فأتى رجلا خبازا فقال : أيها الخباز ما اسم مدينتكم هذه؟ قال : أقسوس قال : وما اسم ملككم؟ قال : عبدالرحمن ، قال : ادفع إلي بهذه الورق طعاما ، فجعل الخباز يتعجب من ثقل الدراهم ومن كبرها. قال فوثب اليهودي وقال : يا علي وما كان وزن كل درهم منها؟ قال : وزن كل درهم عشرة دراهم وثلثي درهم ، (٣) فقال الخباز : يا هذا أنت أصبت كنزا؟ فقال تمليخا : ماهذا إلا ثمن تمر بعتها منذ ثلاث ، وخرجت من هذه

__________________

(١) تقدم ان دقيانوس ودقيوس كلاهما صحيح.

(٢) في نسخة وفي العرائس : ثمانين الف فارس.

(٣) في العرائس : ثلثا درهم. وهو الصواب.

٤١٧

المدينة ، وتركت الناس يعبدون دقيوس الملك ، قال : فأخذ الخباز بيد تمليخا وأدخله على الملك فقال : ماشأن هذا الفتى؟ قال الخباز : هذا رجل أصاب كنزا ، (١) فقال الملك : يافتى لاتخف فإن نبينا عيسى عليه‌السلام أمرنا أن لانأخذ من الكنز إلا خمسها ، فأعطني خمسها وامض سالما.

فقال تمليخا : انظر أيها الملك في أمري ما أصبت كنزا ، أنا رجل من أهل هذه المدينة ، فقال الملك : أنت من أهلها؟ قال : نعم ، قال : فهل تعرف بها أحدا؟ قال : نعم ، قال : ما اسمك؟ (٢) قال : اسمي تمليخا ، قال : وماهذه الاسماء أسماء أهل زماننا ، فقال الملك : فهل لك في هذه المدينة دار؟ قال : نعم اركب أيها الملك معي ، قال : فركب الملك والناس معه فأتى بهم أرفع دار في المدينة ، قال تمليخا : هذه الدار لي ، فقرع الباب فخرج إليهم شيخ وقد وقع حاجباه على عينيه من الكبر ، فقال : ماشأنكم؟ فقال الملك : أتاها هذا الغلام بالعجائب ، يزعم أن هذه الدار داره ، فقال له الشيخ : من أنت؟ قال : أنا تمليخا ابن قسطيكين ، (٣) قال : فانكب الشيخ على رجليه يقبلهما ويقول : هو جدي ورب الكعبة ، فقال : أيها الملك هؤلاء الستة الذين خرجوا هرابا من دقيوس الملك. (٤)

قال : فنزل الملك عن فرسه وحمله على عاتقه وجعل الناس يقبلون يديه ورجليه ، فقال : يا تمليخا مافعل أصحابك؟ فأخبر أنهم في الكهف ، وكان يومئذ بالمدينة ملك مسلم (٥)

__________________

(١) في العرائس : فغضب الخباز وقال : ألا ترضى ان أصبت كنزا أن تعطيني بعضه حتى تذكر رجلا جبارا كان يدعى الربوبية قد مات منذ ثلاث مائة سنة ، وتسخر بي؟ ثم أمسكه واجتمع الناس ثم انهم أتوا به إلى الملك وكان عاقلا عادلا فقال لهم : ما قصة هذا الفتى؟ قالوا : اصاب كنزا.

(٢) في العرائس : قال : فسم لنا ، فسمى له نحوا من ألف رجل فما عرفوا منهم رجلا واحدا قالوا : ياهذا مانعرف هذه الاسماء وليست هي من أهل زماننا.

(٣) في نسخة : ابن فسطين. وفي العرائس : ابن فلسين.

(٤) وفي العرائس : ولقد كان عيسى عليه‌السلام أخبرنا بقصتهم وأنهم سيحيون.

(٥) أي مسلم بعيسى عليه‌السلام.

٤١٨

وملك يهودي فركبوا في أصحابهم فلما صاروا قريبا من الكهف قال لهم تمليخا : إني أخاف أن تسمع أصحابي أصوات حوافر الخيول فيظنون أن دقيوس الملك قد جاء في طلبهم ، ولكن امهلوني حتى أتقدم فأخبرهم ، فوقف الناس فأقبل تمليخا حتى دخل الكهف فلما نظروا إليه اعتنقوه وقالوا : الحمد لله الذي نجاك من دقيوس ، قال تمليخا : دعوني عنكم وعن دقيوسكم ، قال : كم لبثتم؟ قالوا لبثنا يوما أو بعض يوم! قال تمليخا : بل لبثتم ثلاث مائة وتسع سنين ، وقد مات دقيوس وانقرض قرن بعد قرن ، وبعث الله نبيا يقال له المسيح عيسى بن مريم (ع) ورفعه الله إليه ، (١) وقد أقبل إلينا الملك والناس معه قالوا : يا تمليخا أتريد أن تجعلنا فتنة للعالمين؟ قال تمليخا : فما تريدون؟ قالوا : ادع الله جل ذكره وندعوه معك حتى يقبض أرواحنا ، فرفعوا أيديهم ، فأمر الله تعالى بقبض أرواحهم وطمس الله باب الكهف على الناس ، فأقبل الملكان يطوفان على باب الكهف سبعة أيام لايجدان للكهف بابا ، فقال الملك المسلم : ماتوا على ديننا ، أبني على باب الكهف مسجدا ، وقال اليهودي : لا بل ماتوا على ديني أبني على باب الكهف كنيسة ، فاقتتلا فغلب المسلم وبنى مسجدا عليه. يايهودي أيوافق هذا ما في توراتكم؟ قال : مازدت حرفا ولا نقصت ، وأنا أشهد أن لا إله إلا الله ، وأن محمدا عبده ورسوله. (٢)

بيان : هذا مختصر مما رواه الثعلبي في عرائسه. (٣)

واللجين مصغرا : الفضة. والنمرقة بضم النون والراء وبكسرهما : الوسادة. قوله : ( كيفما دارت ) أقول : وجدت في بعض الكتب هكذا ( واتخذ لشرقي المجلس مائتي

__________________

(١) لم يذكر في العرائس بعث المسيح عليه‌السلام ورفعه بل قال : وآمن أهل المدينة بالله العظيم إه. وقد اختلف انهم كانوا قبل المسيح عليه‌السلام أو بعده ، قال ابن الاثير في الكامل : وكانت شريعتهم شريعة عيسى عليه‌السلام وزعم بعضهم أنهم كانوا قبل المسيح وأن المسيح أعلم قومه بهم وأن الله بعثهم من رقدتهم بعد رفع المسيح ، والاول اصح.

(٢) قصص الانبياء مخطوط.

(٣) العرائس : ٢٣٢ ٢٣٦. وفيه زيادات كثيرة خرجنا بعضها.

٤١٩

كوة ، ولغربيه كذلك ، فكانت الشمس من حين تطلع إلى حين تغيب تدور في المجلس كيفما دارت ) ولعله أصوب. والبطريق : القائد من قواد الروم وهو معرب ، والجمع البطارقة والهرقل بكسر الهاء والقاف : ملك الروم.

وقال الجزري : القرطق : قباء معرب كرته وقد تضم طاؤه ، وقال الفيروزآبادي : القرطق كجندب معرب كرته ، وقرطقته فتقرطق : ألبسته إياه فلبسه. انتهى. والدملج والدملوج : المعضد.

قوله (ع) : ( واتخذ ستة غلمة ) أقول : في بعض الكتب : واصطفى ستة أغلمة من أولاد العلماء فجعلهم وزراءه. وفيه : فأسماء الذين عن يمينه : يمليخا ومكسلمينا و مخسمينا ، والذين عن يساره : مرطوش وكشطونش وساذنوش.

٢ ـ ص : الصدوق ، عن أبيه ، عن سعد ، عن ابن عيسى ، عن القاسم بن يحيى ، عن جده الحسن بن راشد ، عن جابر ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : صلى النبي (ص) ذات ليلة ثم توجه إلى البقيع فدعا أبا بكر وعمر وعثمان وعليا فقال : امضوا حتى تأتوا أصحاب الكهف وتقرؤوهم مني السلام ، وتقدم أنت يا أبا بكر فإنك أسن القوم ، ثم أنت ياعمر ، ثم أنت ياعثمان ، فإن أجابوا واحدا منكم وإلا تقدم أنت ياعلي كن آخرهم ثم أمر الريح فحملتهم حتى وضعتهم على باب الكهف ، فتقدم أبوبكر فسلم فلم يردوا فتنحى ، فتقدم عمر فسلم فلم يردوا عليه ، وتقدم عثمان وسلم فلم يردوا عليه ، وتقدم علي وقال : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ، أهل الكهف الذين آمنوا بربهم وزادهم هدى ، وربط على قلوبهم ، أنا رسول رسول الله إليكم ، فقالوا : مرحبا برسول الله وبرسوله ، و عليك السلام ياوصي رسول الله ورحمة الله وبركاته ، قال : فكيف علمتم أني وصي النبي؟ فقالوا : إنه ضرب على آذاننا ألا نكلم إلا نبيا أو وصي نبي ، فكيف تركت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله؟ وكيف حشمه؟ وكيف حاله؟ وبالغوا في السؤال ، وقالوا : خبر أصحابك (١) هؤلاء أنا لانكلم إلا نبيا أو وصي نبي ، فقال لهم : أسمعتم ما يقولون؟ قالوا : نعم ، قال : فاشهدوا ، ثم حولوا وجوههم قبل المدينة فحملتهم الريح حتى وضعتهم

__________________

(١) في نسخة فأخبر أصحابك.

٤٢٠