بحار الأنوار

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي

بحار الأنوار

المؤلف:

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي


الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: مؤسسة الوفاء
الطبعة: ٢
الصفحات: ٥٢٨
  الجزء ١   الجزء ٢   الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧ الجزء ٢٨ الجزء ٢٩ الجزء ٣٠ الجزء ٣١ الجزء ٣٥ الجزء ٣٦ الجزء ٣٧ الجزء ٣٨ الجزء ٣٩ الجزء ٤٠ الجزء ٤١ الجزء ٤٢ الجزء ٤٣ الجزء ٤٤ الجزء ٤٥ الجزء ٤٦ الجزء ٤٧ الجزء ٤٨ الجزء ٤٩ الجزء ٥٠ الجزء ٥١ الجزء ٥٢ الجزء ٥٣ الجزء ٥٤ الجزء ٥٥ الجزء ٥٦ الجزء ٥٧ الجزء ٥٨ الجزء ٥٩ الجزء ٦٠ الجزء ٦١   الجزء ٦٢ الجزء ٦٣ الجزء ٦٤ الجزء ٦٥ الجزء ٦٦ الجزء ٦٧ الجزء ٦٨ الجزء ٦٩ الجزء ٧٠ الجزء ٧١ الجزء ٧٢ الجزء ٧٣ الجزء ٧٤ الجزء ٧٥ الجزء ٧٦ الجزء ٧٧ الجزء ٧٨ الجزء ٧٩ الجزء ٨٠ الجزء ٨١ الجزء ٨٢ الجزء ٨٣ الجزء ٨٤ الجزء ٨٥ الجزء ٨٦ الجزء ٨٧ الجزء ٨٨ الجزء ٨٩ الجزء ٩٠ الجزء ٩١ الجزء ٩٢ الجزء ٩٣ الجزء ٩٤   الجزء ٩٥ الجزء ٩٦   الجزء ٩٧ الجزء ٩٨ الجزء ٩٩ الجزء ١٠٠ الجزء ١٠١ الجزء ١٠٢ الجزء ١٠٣ الجزء ١٠٤

بين يدي رسول الله فأخبروه بالذي كان ، فقال لهم النبي (ص) : قد رأيتم وسمعتم فاشهدوا قالوا : نعم ، فانصرف النبي إلى منزله وقال لهم : احفظوا شهادتكم.

أقول : رواه الثعلبي في تفسيره بتغيير ما ، وسيأتي بأسانيد في معجزات النبي وأمير المؤمنين صلوات الله وسلامه عليهما.

٣ ـ ما : ابن بشران ، عن الحسن بن صفوان ، عن عبدالله بن محمد ، عن أبي خيثمة ، عن يعقوب بن إبراهيم بن سعد ، عن أبيه ، عن صالح بن كيسان ، عن نافع أن عبدالله بن عمر قال : قال رسول الله (ص) : بينما ثلاثة رهط يتماشون أخذهم المطر فآووا إلى غار في جبل ، فبينماهم فيه انحطت صخرة فأطبقت عليهم ، فقال بعضهم لبعض : انظروا أفضل أعمال عملتموها فسلوه بها لعله يفرج عنكم.

قال أحدهم : اللهم إنه كان لي والدان كبيران وكانت لي امرأة وأولاد صغار فكنت أرعى عليهم ، فإذا أرحت عليهم غنمي بدأت بوالدي فسقيتهما ، فلم آت حتى نام أبواي فطيبت الاناء ثم حلبت ، ثم قمت بحلابي عند رأس أبوي والصبية ينضاعون عند رجلي ، أكره أن أبدأ بهم قبل أبوي ، وأكره أن أوقظهما من نومهما ، فلم أزل كذلك حتى أضاء الفجر اللهم إن كنت تعلم أني فعلت ذلك ابتغاء وجهك فافرج عنا فرجة نرى منها السماء ، ففرج لهم فرجة فرأوا منها السماء.

وقال الآخر : اللهم إنه كانت لي بنت عم فأحببتها حبا كانت أعز الناس إلي ، فسألتها نفسها ، فقالت : لا حتى تأتيني بمائة دينار ، فسعيت حتى جمعت مائة دينار فأتيتها بها ، فلما كنت بين رجليها قالت : اتق الله ولا تفتح الخاتم إلا بحقه ، فقمت عنها ، اللهم إن كنت تعلم أني فعلت ذلك ابتغاء وجهك فافرج عنا فيها فرجة ، ففرج الله لهم فيها فرجة.

وقال الثالث : اللهم إني كنت استأجرت أجيرا بفرق ذرة ، فلما قضى عمله عرضت عليه فأبى أن يأخذها ورغب عنه ، فلم أزل أعتمل به حتى جمعت منه بقرا ورعاتها ، فجاءني وقال : اتق الله وأعطني حقي ولا تظلمني ، فقلت له : اذهب إلى تلك البقر ورعاتها فخذها

__________________

(١) في المصدر : فذهب فاستاقها.

٤٢١

فذهب واستاقها ، اللهم إن كنت تعلم أني فعلت ذلك ابتغاء وجهك فافرج عنا مابقي منها ففرج الله عنهم فخرجوا يتماشون. (١)

بيان : قال الجوهري : أراح إبله أي ردها إلى المراح ، وأرحت على الرجل حقه : إذا رددته عليه انتهى. وانضاع الفرخ : صاح وتلوى عند الجوع. وفي النهاية : الفرق بالتحريك : مكيال يسع ستة عشر رطلا انتهى. وفي بعض النسخ « يفرق » بصيغة الفعل ولعله تصحيف.

٤ ـ فس : « أم حسبت أن أصحاب الكهف والرقيم كانوا من آياتنا عجبا » يقول : قد آتيناك من الآيات ما هو أعجب منه ، وهم فتية كانوا في الفترة بين عيسى بن مريم عليه‌السلام ومحمد (ص) ، وأما الرقيم فهما لوحان من نحاس مرقوم ، أي مكتوب فيهما أمر الفتية و أمر إسلامهم وما أراد منهم دقيانوس الملك وكيف كان أمرهم وحالهم.

قال علي بن إبراهيم : فحدثني أبي ، عن ابن أبي عمير ، عن أبي بصير ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : كان سبب نزول سورة الكهف أن قريشا بعثوا ثلاثة نفر إلى نجران : النضر بن حارث بن كلدة ، وعقبة بن أبي معيط ، والعاص بن وائل السهمي ليتعلموا من اليهود والنصارى مسائل يسألونها رسول الله (ص) ، فخرجوا إلى نجران إلى علماء اليهود فسألوهم فقالوا : اسألوه عن ثلاث مسائل فإن أجابكم فيها على ماعندنا فهو صادق ، ثم سلوه عن مسألة واحدة فإن ادعى علمها فهو كاذب ، قالوا : وما هذه المسائل؟ قالوا : اسألوه عن فتية كانوا في الزمن الاول فخرجوا وغابوا وناموا كم بقوا في نومهم حتى انتبهوا وكم كان عددهم؟ وأي شئ كان معهم من غيرهم؟ وماكان قصتهم؟ واسألوه عن موسى حين أمره الله أن يتبع العالم ويتعلم منه من هو؟ وكيف تبعه؟ وما كان قصته معه؟ و اسألوه عن طائف طاف من مغرب الشمس ومطلعها حتى بلغ سد يأجوج ومأجوج من هو؟ وكيف كان قصته؟ ثم أملوا عليهم أخبار هذه الثلاث المسائل ، وقالوا لهم : إن أجابكم بما قد أملينا عليكم فهو صادق ، وإن أخبركم بخلاف ذلك فلا تصدقوه ، قالوا :

__________________

(١) أمالي ابن الطوسي : ٢٥٢ و ٢٥٣. والحديث لايناسب الباب ، لان الباب في ذكر أصحاب الكهف الذين ذكرهم الله تعالى في كتابه.

٤٢٢

فما المسألة الرابعة؟ قالوا : اسألوه متى تقوم الساعة؟ فإن ادعى علمها فهو كاذب ، فإن قيام الساعة لا يعلمه إلا الله تبارك وتعالى.

فرجعوا إلى مكة واجتمعوا إلى أبي طالب فقالوا : يا أبا طالب إن ابن أخيك يزعم أن خبر السماء يأتيه ونحن نسأله عن مسائل ، فإن أجابنا عنها علمنا أنه صادق ، وإن لم يخبرنا (١) علمنا أنه كاذب ، فقال أبوطالب : سلوه عما بدا لكم ، فسألوه عن الثلاث المسائل فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : غدا أخبركم ولم يستثن (٢) فاحتبس الوحي عنه (٣) أربعين يوما حتى اغتم النبي وشك أصحابه الذين كانوا آمنوا به ، وفرحت قريش واستهزؤوا وآذوا ، وحزن أبوطالب ، فلما أن كان بعد أربعين يوما (٤) نزل عليه جبرئيل بسورة الكهف ، فقال رسول الله : ياجبرئيل لقد أبطأت ، فقال : إنا لا نقدر أن ننزل إلا بإذن الله ، فأنزل : « أم حسبت » يا محمد « أن أصحاب الكهف والرقيم كانوا من آياتنا عجبا » ثم قص قصتهم ، فقال : « إذ أوى الفتية إلى الكهف فقالوا ربنا آتنا من لدنك رحمة وهيئ لنا من أمرنا رشدا ».

فقال الصادق عليه‌السلام : إن أصحاب الكهف والرقيم كانوا في زمن ملك جبار عات ، وكان يدعو أهل مملكته إلى عبادة الاصنام ، فمن لم يجبه قتله ، وكان هؤلاء (٥) قوما مؤمنين يعبدون الله عزوجل ، ووكل الملك بباب المدينة حرسا ولم يدع أحدا يخرج حتى يسجد الاصنام ، وخرج هؤلاء بعلة الصيد ، وذلك أنهم مروا براع في طريقهم فدعوه إلى أمرهم فلم يجبهم ، وكان مع الراعي كلب فأجابهم الكلب وخرج معهم ، فقال الصادق (ع) : فلايدخل (٦) الجنة من البهائم إلا ثلاثة : حمار بلعم (٧) بن باعوراء ، و ذئب يوسف ، وكلب أصحاب الكهف.

__________________

(١) في نسخة : وان لم يجبنا.

(٢) أي لم يقل : ان شاء الله.

(٣) في المصدر : فاحتبس الوحي عليه.

(٤) في نسخة : أربعين صباحا.

(٥) في نسخة : وكانوا هؤلاء.

(٦) في المصدر : لايدخل.

(٧) في المصدر : حمارة بلعم.

٤٢٣

فخرج أصحاب الكهف من المدينة بعلة الصيد هربا من دين ذلك الملك ، فلما أمسوا دخلوا ذلك الكهف والكلب معهم ، فألقى الله عليهم النعاس كما قال تبارك وتعالى : « فضربنا على آذانهم في الكهف سنين عددا » فناموا حتى أهلك الله ذلك الملك وأهل مملكته وذهب ذلك الزمان وجاء زمان آخر وقوم آخرون ثم انتبهوا ، فقال بعضهم لبعض : كم نمنا ههنا؟ فنظروا إلى الشمس قد ارتفعت فقالوا : نمنا يوما أو بعض يوم ، ثم قالوا لواحد منهم : خذ هذا الورق وادخل المدينة متنكرا لايعرفوك فاشتر لنا طعاما ، فإنهم إن علموا بنا وعرفونا قتلونا أوردونا في دينهم ، فجاء ذلك الرجل فرأى المدينة بخلاف الذي عهدها ، ورأى قوما بخلاف أولئك لم يعرفهم ولم يعرفوا لغته ولم يعرف لغتهم ، فقالوا له : من أنت؟ ومن أين جئت؟ فأخبرهم ، فخرج ملك تلك المدينة مع أصحابه والرجل معهم حتى وقفوا على باب الكهف ، وأقبلوا يتطلعون فيه ، فقال بعضهم : هؤلاء ثلاثة ورابعهم كلبهم ، وقال بعضهم : هم خمسة وسادسهم كلبهم ، وقال بعضهم : هم سبعة وثامنهم كلبهم ، و حجبهم الله (١) بحجاب من الرعب فلم يكن أحد يقدم بالدخول عليهم غير صاحبهم ، وإنه لما دخل عليهم وجدهم خائفين أن يكونوا أصحاب دقيانوس شعروا بهم ، فأخبرهم صاحبهم أنهم كانوا نائمين هذا الزمن الطويل ، وأنهم آية للناس ، فبكوا وسألوا الله تعالى أن يعيدهم إلى مضاجعهم نائمين كما كانوا ، ثم قال الملك : ينبغي أن نبني ههنا مسجدا و نزوره (٢) فإن هؤلاء قوم مؤمنون ، فلهم في كل سنة نقلتين ينامون ستة أشهر على جنوبهم اليمنى ، وستة أشهر على جنوبهم اليسرى (٣) والكلب معهم قد بسط ذراعيه بفناء الكهف وذلك قوله : « نحن نقص عليك نبأهم بالحق » أي خبرهم إلى قوله : « بالوصيد » أي بالفناء « وكذلك بعثناهم » أي أنبهناهم إلى قوله : « وكذلك أعثرنا عليهم » وهم الذين ذهبوا إلى باب الكهف (٤) إلى قوله : « سبعة وثامنهم كلبهم » فقال الله لنبيه (ص)

__________________

(١) من قوله ( حجبهم الله ) إلى قوله : ( كما كانوا ) كان في التفسير الصغير ولم يكن في نسخ الكبير منه طاب ثراه. قلت : هو موجود في النسخة المطبوعة.

(٢) في المصدر : ينبغي أن يبنى ههنا مسجد نزوره.

(٣) في نسخة : جنوبهم الايمن وجنوبهم الايسر.

(٤) في المصدر : ذهبوا إلى باب الكهف « ليعلموا أن وعد الله حق » إلى قوله : « سبعة وثامنهم كلبهم ».

٤٢٤

قل لهم : « ربي أعلم بعدتهم ما يعلمهم إلا قليل » ثم انقطع خبرهم ، فقال : « فلا تمار فيهم » إلى قوله : « إلا أن يشاء الله » أخبره أنه إنما حبس الوحي أربعين صباحا لانه قال لقريش : غدا أخبركم بجواب مسائلكم ولم يستثن ، فقال الله : « ولا تقولن » إلى قوله « رشدا » ثم عطف على الخبر الاول الذي حكى عنهم أنهم يقولون : « ثلاثة رابعهم كلبهم » فقال : « ولبثوا في كهفهم ثلاث مائة سنين وازدادوا تسعا » وهو حكاية عنهم ، ولفظه خبر ، والدليل على أنه حكاية عنهم قوله : « قل الله أعلم بما لبثوا ».

وفي رواية أبي الجارود ، عن أبي جعفر عليه‌السلام في قوله : « لن ندعو من دونه إلها لقد قلنا إذا شططا » يعني جورا على الله إن قلنا : إن له شريكا ، وقوله : « لولا يأتون عليهم بسلطان بين » يعني بحجة بينة أن معه شريكا ، وقوله : « وتحسبهم أيقاظا وهم رقود » يقول : ترى أعينهم مفتوحة « وهم رقود » يعني نيام « ونقلبهم ذات اليمين وذات الشمال » في كل عام مرتين لئلا تأكلهم الارض ، وقوله : « فلينظر أيها أزكى طعاما » يقول : أيها أطيب طعاما ، وقوله : « وكذلك أعثرنا عليهم » يعني أطلعنا على الفتية « ليعلموا أن وعد الله حق » في البعث « والساعة لاريب فيها » يعني لاشك فيها بأنها كائنة ، وقوله « رجما بالغيب » يعني ظنا بالغيب ما يستفتونهم ، وقوله : « فلا تمار فيهم إلا مراء ظاهرا » يقول : حسبك ماقصصنا عليك من أمرهم « ولا تستفت فيهم منهم أحدا » يقول : لا تسأل عن أصحاب الكهف أحدا من أهل الكتاب. (١)

٥ ـ ص : بالاسناد إلى الصدوق بإسناده إلى ابن أورمة ، عن الحسن بن محمد الحضرمي ، عن عبدالله بن يحيى الكاهلي ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام وذكر أصحاب الكهف فقال : لو كلفكم قومكم ما كلفهم قومهم فافعلوا فعلهم ، فقيل له : وما كلفهم قومهم؟ قال : كلفوهم الشرك بالله فأظهروه لهم ، وأسروا الايمان حتى جاءهم الفرج. وقال : إن أصحاب الكهف كذبوا فآجرهم وصدقوا فآجرهم الله. (٢) وقال : كانوا صيارفة كلام ، ولم يكونوا صيارفة الدراهم. وقال : خرج أصحاب الكهف على غير ميعاد ، فلما صاروا

__________________

(١) تفسير القمي : ٣٩٢ ٣٩٦

(٢) يعني أن الله آجرهم في كلتا الحالتين حيث إنهم عملوا بما يقتضي التكليف في كل حالة.

٤٢٥

في الصحراء أخذ هذا على هذا وهذا على هذا العهد والميثاق ، ثم قال : أظهروا أمركم فأظهروه فإذا هم على أمر واحد. وقال : إن أصحاب الكهف أسروا الايمان وأظهروا الكفر ، فكانوا على إظهارهم الكفر أعظم أجرا منهم على إسرارهم الايمان. وقال : ما بلغت تقية أحد مابلغت تقية أصحاب الكهف وإن كانوا ليشدون الزنانير ، ويشهدون الاعياد ، فأعطاهم الله أجرهم مرتين. (١)

شى : عن الكاهلي مثله. (٢)

بيان : قوله : ( صيارفة كلام ) أي كانوا يميزون كلام الحق من الباطل.

٦ ـ ص : بالاسناد إلى ابن أورمة ، عن الحسن بن علي ، عن إبراهيم بن محمد ، عن محمد بن مروان ، عن الفضيل بن يسار ، عن أبي جعفر (ع) قال : إن أصحاب الكهف كذبوا الملك فأجروا ، وصدقوا فأجروا. (٣)

٧ ـ ص : بالاسناد عن ابن أورمة ، عن البزنطي ، عن بعض أصحابنا ، عن أبي عبدالله (ع) في قوله تعالى : « أم حسبت أن أصحاب الكهف والرقيم » قال : هم قوم فقدوا ، فكتب ملك ذلك الزمان أسماءهم وأسماء آبائهم وعشائرهم في صحف من رصاص. (٤)

شى : عن محمد ، عن أحمد بن علي ، عنه عليه‌السلام مثله. (٥)

٨ ـ ص : الصدوق ، عن أبيه ، عن سعد ، عن إبراهيم بن مهزيار ، عن أخيه ، عن

__________________

(١) قصص الانبياء مخطوط.

(٢) تفسير العياشي مخطوط ، وأخرج البحراني بعضه في البرهان ٢ : ٤٥٦.

(٣) قصص الانبياء مخطوط.

(٤) قصص الانبياء مخطوط. والظاهر أن قوله عليه‌السلام : ( قوم فقدوا ) تفسير لاصحاب الكهف ، وما بعده تفسير للرقيم ، فعليه فالرقيم هو صحف من رصاص كتب فيه اسماؤهم وأخبارهم وترجمتهم.

(٥) تفسير العياشي مخطوط ، أخرجه أيضا البحراني في البرهان ٢ : ٤٥٦ ، الا أن فيه : هم قوم فروا. وزاد في آخره : فهو قوله : فهو قوله : أصحاب الكهف والرقيم.

٤٢٦

أبان بن عثمان ، عن أبي جميلة ، عن جابر بن يزيد ، عن عبدالرحمن بن الحارث البرادي (١) عن ابن أبي أوفى (٢) قال : سمعت رسول الله (ص) يقول : خرج ثلاثة نفر يسيحون في الارض ، فبينماهم يعبدون الله في كهف في قلة جبل حتى بدت صخرة من أعلى الجبل حتى التقت باب الكهف ، فقال بعضهم : يا عباد الله والله لاينجيكم منها وبقيتم فيه إلا أن تصدقوا عن الله ، فهلموا ماعملتم خالصا لله ، فقال أحدهم : اللهم إن كنت تعلم أني طلبت جيدة لحسنها وجمالها وأعطيت فيها مالا ضخما حتى إذا قدرت عليها وجلست منها مجلس الرجل من المرأة ذكرت النار فقمت عنها فرقا منك (٣) فارفع عنا هذه الصخرة ، قال : فانصدعت حتى نظروا إلى الضوء.

ثم قال آخر : اللهم إن كنت تعلم أني استأجرت قوما كل رجل منهم بنصف درهم فلما فرغوا أعطيتهم أجورهم فقال رجل : لقد عملت عمل رجلين والله لا آخذ إلا درهما ثم ذهب وترك ماله عندي فبذرت بذلك النصف الدرهم في الارض فأخرج الله به رزقا وجاء صاحب النصف الدرهم فأراده فدفعت إليه عشرة آلاف درهم حقه ، فإن كنت تعلم أنما فعلت ذلك مخافة منك فارفع عنا هذه الصخرة ، قال : فانفرجت حتى نظر بعضهم إلى بعض.

ثم قال الآخر : اللهم إن كنت تعلم أن أبي وأمي كانا نائمين فأتيتهما بقصعة من لبن فخفت أن أضعه فيقع فيه هامة وكرهت أن أنبههما من نومهما فيشق ذلك عليهما فلم أزل بذلك حتى استيقظا فشربا اللهم إن كنت تعلم أني فعلت ذلك ابتغاء لوجهك فارفع عنا هذه الصخرة ، فانفرجت حتى سهل الله لهم المخرج. ثم قال رسول الله (ص) : من صدق الله نجا. (٤)

__________________

(١) في نسخة : البراري.

(٢) هو عبدالله بن أبي أوفى علقمة بن خالد بن الحارث الاسلمي صحابي شهد الحديبية ، و مات سنة ٨٧ بالكوفة.

(٣) أي خوفا منك.

(٤) قصص الانبياء مخطوط.

٤٢٧

٩ ـ شى : عن أبي بصير ، عن أبي عبدالله (ع) قال : إن أصحاب الكهف أسروا الايمان وأظهروا الكفر ، فآجرهم الله مرتين. (١)

١٠ ـ شى : عن سليمان بن جعفر الهذلي (٢) قال : قال لي جعفر بن محمد عليهما‌السلام : ياسليمان من الفتى؟ قال : قلت : جعلت فداك الفتى عندنا الشاب ، قال لي : أما علمت أن أصحاب الكهف كانوا كلهم كهولا فسماهم الله فتية بإيمانهم؟ يا سليمان من آمن بالله و اتقى فهو الفتى. (٣)

١١ ـ شى : عن أبي بكر الحضرمي ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : خرج أصحاب الكهف على غير معرفة ولا ميعاد ، فلما صاروا في الصحراء أخذ بعضهم على بعض العهود والمواثيق ، فأخذ هذا على هذا وهذا على هذا ، ثم قالوا : أظهروا أمركم فأظهروه فإذا هم على أمر واحد. (٤)

١٢ ـ شى : عن درست ، عن أبي عبدالله (ع) أنه ذكر أصحاب الكهف فقال : كانوا صيارفة كلام ، ولم يكونوا صيارفة دراهم. (٥)

١٣ ـ شى : عن محمد بن سنان ، عن البطيخي ، عن أبي جعفر عليه‌السلام في قوله : « لو اطلعت عليهم لوليت منهم فرارا ولملئت منهم رعبا » قال : إن ذلك لم يعن به النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ، إنما عنى به المؤمنين بعضهم لبعض ، لكنه حالهم التي هم عليها. (٦)

١٤ ـ كا : محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن الحسن بن علي ، عن درست الواسطي قال : قال أبو عبدالله (ع) : مابلغت تقية أحد تقية أصحاب الكهف إن كانوا ليشهدون الاعياد ويشدون الزنانير فأعطاهم الله أجرهم مرتين. (٧)

شى : عن درست مثله. (٨)

__________________

(١) تفسير العياشي مخطوط.

(٢) في البرهان : الهمداني. النهدي خ ل.

(٣ ـ ٥) تفسير العياشي مخطوط ، أخرجها وما قبلها البحراني في البرهان ٢ : ٤٥٦.

(٦) تفسير العياشي مخطوط ، أخرجه البحراني أيضا في البرهان ٢ : ٤٥٧.

(٧) اصول الكافي ٢ : ٢١٨.

(٨) تفسير العياشي مخطوط ، وأخرجه البحراني أيضا في البرهان ٢ : ٤٥٦ وفيه : ما بلغت تقية أحد ما بلغت تقية اصحاب الكهف ، كانوا ليشهدون الزنانير ويشهدون الاعياد اه.

٤٢٨

١٥ ـ كا : علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن صالح بن السندي ، عن جعفر بن بشير عن خالد بن عمارة ، عن سدير الصيرفي قال : قلت لابي جعفر عليه‌السلام : حديث بلغني عن الحسن البصري فإن كان حقا فإنا لله وإنا إليه راجعون ، قال : وما هو؟ قلت : بلغني أن الحسن البصري كان يقول : لو غلا دماغه من حر الشمس ما استظل بحائط صيرفي ، ولو تفرث كبده (١) عطشا لم يستسق من دار صيرفي ماء ، وهو عملي وتجارتي وعليه نبت لحمي ودمي ومنه حجي وعمرتي ، فجلس ثم قال : كذب الحسن ، خذ سواء ، وأعط سواء ، فإذا حضرت الصلاة دع مابيدك وانهض إلى الصلاة ، أما علمت أن أصحاب الكهف كانوا صيارفة؟. (٢)

بيان : لعله عليه‌السلام إنما ذكر ذلك إلزاما عليهم حيث ظنوا أنهم كانوا صيارفة الدراهم لئلا ينافي ما سبق ، والصدوق رحمه الله قال في الفقيه بعد إيراد الخبر : يعني صيارفة الكلام ، ولم يعن صيارفة الدراهم. (٣) ولعله رحمه الله ذهب عليه أن هذا المعنى لايناسب هذا المقام ، وقد يوجه الخبر على ماحمله عليه بوجوه :

الاول : أن أصحاب الكهف كانوا صيارفة الكلام يميزون بين الحق والباطل ، فينبغي أن تكون أيضا كذلك ، فلم تنقل هذا الكلام عن الحسن مع أن قوله ليس بحجة ، ومع ذلك ظاهر الفساد لان الاستظلال بظل الكافر والاستسقاء من داره جائز والصيرفي لا يكون شرا منه! وأيضا بيع الصرف من الامور الضرورية التي يجب كفاية.

الثاني : أن يقرأ يعني ولم يعن على بناء المجهول ، فالمراد أن الحسن وهم (٤) في تأويل ما روي في ذم الصيارفة ، فإن المعني بها صيارفة الكلام ، قال ابن الاثير : في حديث الخولاني : « من طلب صرف الحديث يبتغي به إقبال وجوه الناس إليه » أراد بصرف

__________________

(١) تفرث : شق وفتت.

(٢) فروع الكافي ١ : ٣٥٩ ٣٦٠.

(٣) من لايحضره الفقيه : ٣٥٤.

(٤) أي غلط.

٤٢٩

الحديث مايتكلفه الانسان من الزيادة فيه على قدر الحاجة ، وإنما كره ذلك لما يدخله من الرياء والتصنع لما تخالطه من الكذب انتهى.

أقول : وعلى هذا يمكن أن يقرأ على بناء المعلوم أيض بأن يكون الضميران راجعين إلى الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله.

الثالث : أن يكون المعنى أن أصحاب الكهف كانوا صيارفة الكلام كما يقال : فلان يحسن صرف الكلام ، أي تفضيل (١) بعضه على بعض ، فأصل الصرف والتمييز ليس بحرام بل هو من الكلام ، وإنما الحرام مايصدر عن بعض الصيارفة من الغش والرباء و غيرهما.

الرابع : أن يكون ذكره عليه‌السلام ذلك بعد رد قول الحسن أمرا بالتقية بأن أصحاب الكهف كانوا صيارفة كلام يصرفونه عن ظاهره في مقام التقية ، وعليه يمكن أن يحمل خبر الكاهلي.

تتمة : قال الثعلبي في تفسيره : قال محمد بن إسحاق : مرج (٢) أهل الانجيل و كثرت فيهم الخطايا حتى عبدوا الاصنام وذبحوا للطواغيت ، وفيهم بقايا على دين المسيح عليه‌السلام متمسكين بعبادة الله عزوجل وتوحيده حتى ظهر فيهم ملك يقال له دقيانوس ، كان ينزل قرى الروم ولا يترك في قرية ينزلها أحدا إلا فتنه أن يعبد الاصنام ، ويذبح للطواغيت ، حتى نزل مدينة أصحاب الكهف وهي أفسوس ، فلما نزلها كبر ذلك على أهل الايمان وهربوا في كل وجه ، فبعث الشرط يتبعونهم فيقدمهم إلى الجامع الذي يذبح فيه للطواغيت فيخيرهم بين القتل وبين عبادة الاصنام والذبح للطواغيت ، فمنهم من يرغب في الحياة ، ومنهم من يأبى أن يعبد غير الله تعالى فيقتل ، فلما رأى ذلك أهل الشدة في الايمان بالله عزوجل جعلوا يسلمون أنفسهم للعذاب والقتل فيقتلون ويقطعون ، ثم يربط ما قطع من أجسادهم على سور المدينة من نواحيها كلها ، وعلى كل باب من أبوابها

__________________

(١) في نسخة : أي يفضل. والظاهر أن كلاهما مصحفان والصحيح « تفصيل » بالصاد ، يقال : صرف الكلام أي اشتق بعضه من بعض.

(٢) أي فسد.

٤٣٠

حتى عظمت الفتنة ، فلما رأى ذلك الفتية حزنوا حزنا شديدا فقاموا وصاموا و اشتغلوا بالدعاء والتسبيح لله عزوجل ، وكانوا من أشراف الروم ، وكانوا ثمانية نفر فبكوا وتضرعوا وجعلوا يقولون : ربنا رب السماوات والارض لن ندعو من دونه إلها لقد قلنا إذا شططا ، اكشف عن عبادك المؤمنين هذه الفتنة ، فبيناهم على ذلك إذ أدركهم الشرط وكانوا قد دخلوا في مصلى لهم فوجدوهم سجودا على وجوههم يبكون ويتضرعون إلى الله عزوجل ويسألونه أن ينجيهم من دقيانوس وفئته ، فلما رأوهم رفعوا أمرهم إلى دقيانوس وقالوا : هؤلاء الفتية من أهل بيتك يسخرون منك ، ويعصون أمرك ، فلما سمع ذلك أتى بهم تفيض أعينهم من الدمع معفرة وجوههم في التراب فقال لهم : اختاروا إما أن تذبحوا لآلهتنا وإما أن أقتلكم ، فقال مكسلمينا وكان أكبرهم : إن لنا إلها ملا السماوات والارض عظمته ، لن ندعو من دونه إلها أبدا ، اصنع بنا مابدا لك ، وكذا قال أصحابه ، فأمر بهم فنزع منهم لبوسهم وكان عليهم من لبوس عظمائهم ، وقال : إني سأؤخركم لاني أراكم شبانا فلا أحب أن أهلككم حتى أجعل لكم أجلا تذكرون فيه و تراجعون عقولكم ، ثم أمر بحلية كانت عليهم من ذهب وفضة فنزعت منهم ، ثم أخرجوا وانطلق دقيانوس إلى مدينة أخرى قريبا منهم فلما رأى الفتية ذلك ائتمروا بينهم أن يأخذ كل رجل نفقة من بيت أبيه فيتصدقوا بها ويتزودوا مما بقي ثم ينطلقوا إلى كهف قريب من المدينة في جبل يقال له ينجلوس (١) فيعبدون الله حتى إذا جاء دقيانوس أتوه فيصنع بهم ماشاء ، ففعلوا ذلك ، واتبعهم كلب كان لهم فاشتغلوا فيه بالصلاة والصيام و التسبيح والتكبير والتحميد ، وكانوا كلما نفدت نفقتهم يذهب يمليخا (٢) وكان أجملهم وأجلدهم ويضع ثيابا كان عليه ويأخذ ثيابا كثياب المساكين الذين يستطعمون فينطلق إلى المدينة فيشتري طعاما ويتسمع (٣) ويتجسس لهم الاخبار ، فلبثوا بذلك مالبثوا ، ثم قدم الجبار إلى المدينة فأمر العظماء فذبحوا للطواغيت ، وكان يمليخا بالمدينة يشتري لاصحابه

__________________

(١) في المحبر : اسمه انجلوس.

(٢) في نسخة : « تمليخا » وكذا فيما يأتي.

(٣) يتسمع الرجل : أصغى اليه.

٤٣١

طعامهم وشرابهم فرجع إلى أصحابه وهو يبكي ومعه طعام قليل ، فلما أخبرهم فزعوا و وقعوا سجودا يتضرعون إلى الله تعالى ، فقال يمليخا : يا إخوتاه ارفعوا رؤوسكم فاطعموا منه ، وتوكلوا على ربكم ، فرفعوا رؤوسهم وأعينهم تفيض من الدمع حزنا وخوفا على أنفسهم فطعموا منه ، وذلك مع غروب الشمس ، ثم جلسوا يتحدثون ويتدارسون ويذكر بعضهم بعضا فبيناهم على ذلك إذ ضرب الله على آذانهم في الكهف ، وكلبهم باسط ذراعيه بباب الكهف ، فأصابه ما أصابهم ونفقتهم عند رؤوسهم ، فلما كان من الغد تفقدهم دقيانوس فأرسل إلى آبائهم فسألهم عنهم ، فقالوا له : أما نحن فلم نعصك ، فلم تقتلنا بقوم مردة قد ذهبوا بأموالنا فأهلكوها في أسواق المدينة؟ ثم انطلقوا (١) فارتقوا إلى جبل يدعى ينجلوس فأمر بالكهف أن يسد عليهم ، وقال : دعوهم كما هم في الكهف يموتوا جوعا وعطشا.

ثم إن رجلين مؤمنين كانا في بيت الملك يكتمان إيمانهما اسمهما يندروس و روياس ائتمرا أن يكتبا شأن الفتية وأنسابهم وأسماءهم وخبرهم في لوح من رصاص ، ثم يجعلانه في تابوت من نحاس ، ثم يجعلان التابوت في البنيان ، وقالا : لعل الله يظهر على هؤلاء الفتية قوما مؤمنين قبل يوم القيامة فيعلم من فتح عليهم حين يقرأ هذا الكتاب ، ففعلا ثم بنيا عليه ، فبقي دقيانوس مابقي ثم مات وقومه ، وقرون بعده كثيرة ، وخلفت الملوك بعد الملوك.

وقال عبيد بن عمير : كانوا فتيانا مطوقين مسورين ذوي ذوائب ، وكان معهم كلب صيدهم ، فخرجوا في عيد لهم عظيم في زي وموكب وأخرجوا معهم آلهتهم وقد قذف الله في قلوبهم الايمان ، وكان أحدهم وزير الملك فآمنوا وأخفى كل منهم إيمانه من أصحابه فتفرقوا وعزم كل منهم على أن يخرج من بين القوم ، فاجتمعوا تحت شجرة فأظهروا أمرهم فإذا هم على أمر واحد ، فانطلقوا إلى الكهف ، ففقدهم قومهم فطلبوهم فأعمى الله عليهم أخبارهم فكتبوا أسماءهم وأنسابهم في لوح : فلان وفلان وفلان أبناء ملوكنا ، فقدناهم في شهر كذا من سنة كذا في مملكة فلان بن فلان ، ووضعوا اللوح في خزانة الملك.

__________________

(١) في نسخة : فارتفعوا.

٤٣٢

وقال وهب : جاء حواري عيسى (ع) إلى مدينة أصحاب الكهف فأراد أن يدخلها فقيل له : إن على بابها صنما لايدخلها أحد إلا سجد له ، فكره أن يدخلها ، فأتى حماما قريبا من تلك المدينة فكان يؤاجر نفسه من الحمامي ويعمل فيه ، ورأى صاحب الحمام في حمامه البركة ، وجعل يقول عليه ، وعلقه فتية (١) من أهل المدينة ، فجعل يخبرهم خبر السماء والارض وخبر الآخرة حتى آمنوا به وصدقوه ، وكانوا على مثل حاله ، وكان يشترط على صاحب الحمام أن الليل لايحول بيني وبينه أحد ولا بين الصلاة ، وكان على ذلك حتى أتى ابن الملك بامرأة فدخل بها الحمام فعيره الحواري وقال له : أنت ابن الملك تدخل مع هذه؟ فاستحيى فذهب فرجع مرة أمرى فقال له مثل ذلك فسبه وانتهره ولم يلتفت حتى دخلا معا وماتا جميعا في الحمام ، فأتي الملك فقيل له : قتل صاحب الحمام ابنك ، فالتمس فلم يقدر عليه ، فقال : من كان يصحبه؟ فسمي الفتية ، فالتمسوا (٢) فخرجوا من المدينة فمروا بصاحب لهم في زرع وهو على مثل إيمانهم فذكروا له أنهم التمسوا فانطلق معهم ومعه كلب حتى آواهم الليل إلى الكهف فدخلوا وقالوا : نبيت ههنا و نصبح إن شاء الله فترون رأيكم ، فضرب الله على آذانهم ، فخرج الملك في أصحابه يتبعونهم حتى وجدوهم قد دخلوا الكهف ، وكلما أراد الرجل منهم دخوله أرعب فلم يطق أحد دخوله ، وقال قائل : أليس لو كنت قدرت عليهم قتلتهم؟ قال : بلى ، قال : فابن عليهم باب الكهف واتركهم فيه يموتوا عطشا وجوعا ، ففعل.

قال وهب : وصبروا بعد ماسد عليهم باب الكهف زمانا بعد زمان ، ثم إن راعيا أدركه المطر عند الكهف فقال : لو فتحت هذا الكهف فأدخلته غنمي من المطر. فلم يزل يعالجه حتى فتح ورد الله إليهم أرواحهم من الغد حين أصبحوا.

وقال محمد بن إسحاق : ثم ملك أهل تلك البلاد رجل صالح يقال له تندوسيس ، (٣)

__________________

(١) قال الجوهري : العلق : الهوى ، وقد علقتها بالكسر وعلق حبها بقلبه أي هواها. منه رحمه الله.

(٢) أي طلبوا.

(٣) في المحبر أنه تيديسوس.

٤٣٣

فلما ملك بقي في ملكه ثمانيا وثلاثين (١) سنة ، فتحزب الناس في ملكه أحزابا : منهم من يؤمن بالله ويعلم أن الساعة حق ، ومنهم من يكذب بها ، وكبر ذلك على الملك وبكى إلى الله عزوجل وتضرع إليه وحزن حزنا شديدا ، فلما فشا ذلك في ملكه دخل بيته و أغلقه عليه ، ولبس مسحا ، (٢) وجعل تحته رمادا ، وجعل يتضرع إلى الله ليله ونهاره ، ويبكي مما يرى فيه الناس فأحيا الله الفتية فجلسوا فرحين مسفرة وجوههم ، طيبة أنفسهم ، فسلم بعضهم على بعض ، فأنما استيقظوا من ساعتهم التي كانوا يستيقظون لها (٣) إذا أصبحوا من ليلتهم ، ثم قاموا إلى الصلاة فصلوا ، فلما قضوا صلاتهم قال بعضهم لبعض : « كم لبثتم قالوا لبثنا يوما أو بعض يوم قالوا ربكم أعلم بما لبثتم » وكل ذلك في أنفسهم يسير ، فقال لهم يمليخا : افتقدتم والتمستم بالمدينة ، وهو يريد أن يؤتى بكم اليوم فتذبحون للطواغيت أو يقتلكم ، فما شاء الله بعد ذلك فعل ، فقال لهم مكسملينا : (٤) يا إخوتاه اعلموا أنكم ملاقو الله ، ولا تكفروا بعد إيمانكم إذا دعاكم غدا ، ثم قالوا ليمليخا : انطلق إلى المدينة فتسمع مايقال لنا بها اليوم ، وما الذي نذكر به عند دقيانوس وتلطف ولا يشعرن بنا أحد ، وابتع لنا طعاما فأتنا به ، وزدنا على الطعام الذي جئتنا به أمس فإنه كان قليلا فقد أصبحنا جياعا.

فانطلق يمليخا في الثياب التي كان يتنكر فيها ، (٥) فلما أتى باب المدينة رأى فوق ظهر الباب علامة تكون لاهل الايمان ، فعجب من ذلك فتحول إلى باب آخر فرأى مثل ذلك ، ورأى ناسا كثيرا محدثين لم يكن رآهم قبل ذلك ، فجعل يمشي ويعجب ، ثم دخل المدينة فسمع الناس يحلفون باسم عيسى بن مريم فزاده فرقا ، فقال في نفسه : لعل هذه المدينة ليست بالمدينة التي أعرف ، ثم لقي فتى من أهلها فقال له : ما اسم هذه المدينة يافتى؟ فقال : أفسوس ، فقال في نفسه : لعل بي مسا أو أمرا أذهب عقلي ، والله يحق لي أن أسرع الخروج منها قبل أن أخزى أو يصيبني شر ، فدنا من الذين يبيعون الطعام

__________________

(١) في نسخة : ثمانين.

(٢) المسح بالكسر ما يلبس من نسيج الشعر على البدن تقشفا وقهرا للجسد.

(٣) في نسخة : يستيقظون فيها.

(٤) في المطبوع « مكسلمينا » في جميع الموارد.

(٥) في المطبوع : كان يتكدى فيها.

٤٣٤

فأخرج الورقة التي كانت معه فأعطاها رجلا منهم فقال : ياعبدالله بعني بهذا الورق طعاما ، فأخذها الرجل فنظر إلى ضرب الورق ونقشها فتعجب منها ثم طرحها إلى رجل من أصحابه فنظر إليها ، ثم جعلوا يتطارحونها من رجل إلى رجل ويتعجبون منها ، ثم جعلوا يتسارون بينهم ويقول بعضهم لبعض : إن هذا الرجل قد أصاب كنزا خبيئا في الارض منذ زمان ودهر طويل ، فلما رآهم يتسارون فرق فرقا شديدا وجعل يرتعد ويظن أنهم عرفوه ، وإنما يريدون أن يذهبوا به إلى ملكهم دقيانوس ، وجعل ناس آخر يأتونه فيتعرفونه فقالوا له : من أنت يافتى؟ وما شأنك؟ والله لقد وجدت كنزا من كنوز الاولين وأنت تريد أن تخفيه منا ، فشاركنا فيه نخف عليك ما وجدت ، فإنك إن لم تفعل نأت بك السلطان فنسلمك إليه فيقتلك ، فقال في نفسه : قد وقعت في كل شئ أحذر منه.

ثم قالوا : يافتى إنك لا تستطيع أن تكتم ماوجدت ، فجعل يمليخا ما يدري ما يقول لهم ، وما يرجع إليهم ، وفرق حتى لايحير جوابا ، (١) فأخذوا كساءه فطووا في عنقه ، ثم جعلوا يقودونه في سكك المدينة ملبيا حتى سمع به من فيها ، فقيل : أخذ رجل عنده كنز ، واجتمع عليه أهل المدينة صغيرهم وكبيرهم فجعلوا ينظرون إليه ويقولون : والله ما هذا الفتى من أهل هذه المدينة وما نعرفه ، وكان يمليخا ينتظر أن يأتي أبوه و إخوته فيخلصوه منهم ، ويخاف أن يذهبوا به إلى دقيانوس حتى ذهبوا به إلى رأسي المدينة : أربوس واسلطيوس وكانا رجلين صالحين ، فقال أحدهما : أين الكنز الذي وجدت؟ هذا الورق يشهد عليك أنك وجدت كنزا ، فقال : ماوجدت كنزا ، ولكن هذا الورق ورق آبائي ونقش هذه المدينة وضربها ، ولكن والله ما أدري ما شأني وما أقول لكما ، فقال أحدهما : ممن أنت؟ فقال : أما ما أرى فكنت أرى أني من أهل المدينة ، قالوا : فمن أبوك ومن يعرفك بها؟ فأنبأهم باسم أبيه ، فلم يجدوا له أحدا يعرفه ولا أباه ، فقال له أحدهما : أتظن أنا نرسلك ونصدقك ونقش هذا الورق وضربها أكثر من ثلاثمائة سنة وأنت غلام شاب تظن أنك تأفكنا وتسخر بنا؟ فقال يمليخا : أنبئوني عن شئ أسألكم عنه ، قالوا : سل ،

__________________

(١) من أحار الجواب : رده.

٤٣٥

قال : مافعل الملك دقيانوس؟ قالا له : ليس نعرف اليوم ملكا يسمى دقيانوس على وجه الارض ، ولم يكن إلا ملك قد هلك منذ زمان ودهر طويل وهلكت بعده قرون كثيرة فقال يمليخا : والله ماهو بمصدقي أحد من الناس بما أقول ، (١) لقد كنا فتية وأن الملك أكرهنا على عبادة الاوثان والذبح للطواغيت فهربنا منه عشية أمس فنمنا ، فلما انتبهنا خرجت لاشتري لاصحابي طعاما وأتجسس الاخبار فإذا أنا كما ترون ، فانطلقوا معي إلى الكهف الذي في جبل ينجلوس أريكم أصحابي.

فلما سمع أربوس ذلك قال : ياقوم هذه آية (٢) من آيات الله عزوجل جعلها لكم على يدي هذا الفتى ، فانطلقوا جميعا معه نحو أصحاب الكهف ، فلما رأى الفتية أن يمليخا قد احتبس عليهم بطعامهم ظنوا أنه قد أخذه دقيانوس ، فبيناهم يظنون و يتخوفون إذ سمعوا الاصوات وظنوا أنهم رسل دقيانوس فقاموا إلى الصلاة وسلم بعضهم إلى بعض ، وقالوا : انطلقوا بنا نأت أخانا يمليخا فإنه الآن بين يدي الجبار ، فلم يروا إلا أربوس وأصحابه وقوفا على باب الكهف وسبقهم يمليخا فدخل عليهم يبكي وقص عليهم النبأ كله ، فعرفوا عند ذلك أنهم كانوا نياما بأمر الله ذلك الزمان كله ، و إنما أوقظوا ليكونوا آية للناس وتصديقا للبعث.

ثم دخل أربوس فرأى تابوتا من نحاس مختوما بخاتم من فضة ، ففتح التابوت فوجدوا فيه لوحين من رصاص مكتوب فيهما : أن مكسملينا ومجسملينا ويمليخا و مرطونس وكسوطونس وبيورس وبكرنوس وبطينوس كانوا فتية هربوا من ملكهم دقيانوس الجبار مخافة أن يفتنهم عن دينهم فدخلوا هذا الكهف ، فلما أخبر بمكانهم أمر بالكهف فسد عليهم بالحجارة ، وإنا كتبنا شأنهم وخبرهم ليعلمه من بعدهم إن عثر عليهم ، (٣) فلما رأوه عجبوا وحمدوا الله الذي أراهم آية البعث ، ثم دخلوا عليهم فوجدوهم جلوسا مشرقة وجوههم لم تبل ثيابهم ، فخر أربوس وأصحابه سجدا.

__________________

(١) في نسخة : ما أحد من الناس بمصدقي بما أقول.

(٢) في نسخة : يا قوم لعل هذه آية.

(٤) أي إن اطلع عليهم.

٤٣٦

فبعث أربوس بريدا إلى ملكهم الصالح تندوسيس أن اعجل لعلك تنظر إلى آية من آيات الله أظهرها الله في ملكك وجعلها آية للعالمين ليكون نورا وضياء وتصديقا للبعث ، فاعجل على فتية بعثهم الله وقد كان توفاهم أكثر من ثلاث مائة سنة ، فلما أتى الملك الخبر قام ورجع إليه عقله وذهب عنه همه ، وقال : أحمدك الله (١) رب السماوات و الارض ، وأعبدك وأسبح لك ، تطولت علي ورحمتني برحمتك ، فلم تطفئ النور الذي كنت جعلت لآبائي ، فأتاهم مع أهل مدينته.

فلما رأى الفتية تندوسيس فرحوا به وخروا سجدا على وجوههم ، وقام الملك قدامهم ثم اعتنقهم وبكى وهم جلوس بين يديه على الارض يسبحون الله عزوجل و يحمدونه ، ثم قالوا للملك : نستودعك الله ، ونقرء عليك السلام ، حفظك الله وحفظ ملكك ونعيذك بالله من شر الجن والانس ، فبينا الملك قائم إذ رجعوا إلى مضاجعهم فناموا و توفى الله أنفسهم ، وقام الملك إليهم فجعل ثيابه عليهم ، وأمر أن يجعلوا لكل رجل منهم تابوتا من ذهب ، فلما أمسوا ونام أتوه في المنام فقالوا : إنا لم نخلق من ذهب ولا فضة ، ولكنا خلقنا من تراب ، وإلى التراب نصير ، فاتركنا كما كنا في الكهف على التراب حتى يبعثنا الله عزوجل منه ، فأمر الملك حينئذ بتوابيت من ساج فجعلوا فيها ، وحجبهم الله تعالى حين خرجوا من عندهم بالرعب ، فلم يقدر أحد على أن يدخل عليهم وأمر الملك فجعل على باب الكهف مسجدا يصلى فيه ، وجعل لهم عيدا عظيما ، وأمر أن يؤتى كل سنة. (٢)

__________________

(١) في نسخة : أحمدك اللهم.

(٢) الكشف والبيان مخطوط.

٤٣٧

( باب ٢٨ )

* ( قصة أصحاب الاخدود ) *

الايات ، البروج « ٨٥ » والسماء ذات البروج * واليوم الموعود * وشاهد و مشهود * قتل أصحاب الاخدود * النار ذات الوقود * إذ هم عليها قعود * وهم على ما يفعلون بالمؤمنين شهود * وما نقموا منهم إلا أن يؤمنوا بالله العزيز الحميد * الذي له ملك السموات والارض والله على كل شئ شهيد ١ ـ ٩.

تفسير : قال البيضاوي : الاخدود : الشق في الارض « النار » بدل من الاخدود بدل اشتمال « ذات الوقود » صفة لها بالعظمة ، وكثرة مايرتفع به لهبها « إذ هم عليها » على حافة النار قاعدون « شهود » يشهد بعضهم لبعضهم عند الملك بأنه لم يقصر فيما أمره به ، أو يشهدون على مايفعلون يوم القيامة حين تشهد عليهم ألسنتهم وأيديهم « وما نقموا منهم » وما أنكروا منهم. (١)

١ ـ فس : « واليوم الموعود » أي يوم القيامة « وشاهد ومشهود » قال : الشاهد يوم الجمعة والمشهود يوم القيامة « قتل أصحاب الاخدود » قال : كان سببهم أن الذي هيج الحبشة على غزوة اليمن ذانواس (٢) وهو آخر من ملك من حمير تهود واجتمعت معه حمير على اليهودية ، وسمى نفسه يوسف وأقام على ذلك حينا من الدهر ، ثم أخبر أن بنجران بقايا قوم على دين النصرانية ، وكانوا على دين عيسى عليه‌السلام وعلى حكم الانجيل ، ورأس ذلك الدين عبدالله بن بريامن ، (٣) حمله أهل دينه (٤) على أن يسير إليهم ويحملهم على

__________________

(١) انوار التنزيل ٢ : ٦٦٠ ٦٦١.

(٢) في تاريخ اليعقوبي : ذو نواس بن أسعد وكان اسمه زرعة. وفي الكامل لابن الاثير : ذو نواس بن تبان أسعد بن كرب. وفيه عن ابن عباس : أن اسمه يوسف بن شرحبيل وكان قبل مولد النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله بسبعين سنة ، وقد فصل اليعقوبي وابن الاثير ترجمته وأخباره.

(٣) في نسخة : عبدالله بن يامن. وفي تاريخ اليعقوبي : عبدالله بن الثامر. وفي الكامل : عبدالله بن التامر.

(٤) في نسخة : وحمله أهل دينه. وفي المصدر : فحمله.

٤٣٨

اليهودية ويدخلهم فيها ، فسار حتى قدم نجران ، فجمع من كان بها على دين النصرانية ثم عرض عليهم دين اليهودية والدخول فيها فأبوا عليه فجادلهم وعرض عليهم وحرص الحرص كله فأبوا عليه وامتنعوا من اليهودية والدخول فيها ، واختاروا القتل ، فخد لهم خدودا وجمع فيها الحطب وأشعل فيه النار ، فمنهم من أحرق بالنار ، ومنهم من قتل بالسيف ومثل بهم كل مثلة ، فبلغ عدد من قتل وأحرق بالنار عشرين ألفا ، وأفلت رجل منهم يدعى دوس (١) على فرس له وركضه واتبعوه حتى أعجزهم في الرمل ، ورجع ذونواس إلى ضيعة في جنوده ، (٢) فقال الله : « قتل أصحاب الاخدود » إلى قوله : « العزيز الحميد » قوله : « إن الذين فتنوا المؤمنين والمؤمنات » أي أحرقوهم « ثم لم يتوبوا فلهم عذاب جهنم ولهم عذاب الحريق ». (٣)

٢ ـ ص : بالاسناد إلى الصدوق ، عن ماجيلويه ، عن عمه ، عن الكوفي ، عن أبي جميلة ، عن جابر ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : إن أسقف نجران دخل على أمير المؤمنين (ع) فجرى ذكر أصحاب الاخدود ، فقال عليه‌السلام : بعث الله تعالى نبيا حبشيا إلى قومه وهم حبشية فدعاهم إلى الله تعالى ، فكذبوه وحاربوه وظفروا به وخدوا الخدود وجعلوا فيها الحطب والنار ، فلما كان حرا قالوا لمن كان على دين ذلك النبي : اعتزلوا وإلا طرحناكم فيها ، فاعتزل قوم كثير ، وقذف فيها خلق كثير حتى وقعت امرأة ومعها ابن لها من شهرين ، فقيل لها : إما أن ترجعي وإما أن تقذفي في النار ، فهمت تطرح نفسها فلما رأت ابنها رحمته ، فأنطق الله تعالى الصبي وقال : يا أماه ألقي نفسك وإياي في النار ، فإن هذا في الله قليل.

وتلا عند الصادق (ع) رجل : « قتل أصحاب الاخدود » فقال : قتل أصحاب الاخدود. وسئل أمير المؤمنين عليه‌السلام عن المجوس أي أحكام تجري فيهم؟ قال : هم أهل الكتاب ، كان لهم كتاب وكان لهم ملك سكر يوما فوقع على أخته وأمه ، فلما أفاق ندم وشق ذلك عليه ،

__________________

(١) في المصدر : دوس ذو ثعلبان.

(٢) في المصدر : من جنوده.

(٣) تفسير القمي : ٧١٩.

٤٣٩

فقال للناس : هذا حلال ، فامتنعوا عليه فجعل يقتلهم وحفر لهم الاخدود ويلقيهم فيها.

بيان : لعل الصادق (ع) قرأ « قتل » على بناء المعلوم ، فالمراد بأصحاب الاخدود الكفار كما هو أحد احتمالي القراءة المشهورة ولم ينقل في الشواذ.

٣ ـ ص : الصدوق ، عن ماجيلويه ، عن محمد العطار ، عن ابن أبان ، عن ابن أورمة ، عن علي بن هلال الصيقل ، عن شريك بن عبدالله ، عن جابر بن يزيد الجعفي ، عن الباقر عليه‌السلام قال : ولى عمر رجلا كورة من الشام فافتتحها ، وإذا أهلها أسلموا ، فبنى لهم مسجدا فسقط ، ثم بنى فسقط ، فم بناه فسقط ، فكتب إلى عمر بذلك ، فلما قرأ الكتاب سأل أصحاب محمد (ص) هل عندكم في هذا علم؟ قالوا : لا ، فبعث إلى علي بن أبي طالب عليه‌السلام فأقرأه الكتاب ، فقال : هذا نبي كذبه قومه فقتلوه ودفنوه في هذا المسجد وهو متشحط في دمه ، (١) فاكتب إلى صاحبك فلينبشه فإنه سيجده طريا ليصل عليه وليدفنه في موضع كذا ، ثم ليبن مسجدا فإنه سيقوم ، ففعل ذلك ثم بنى المسجد فثبت. (٢)

٤ ـ وفي رواية : اكتب إلى صاحبك أن يحفر ميمنة أساس المسجد ، فإنه سيصيب فيها رجلا قاعدا يده على أنفه ووجهه ، فقال عمر : من هو؟ قال علي : فاكتب إلى صاحبك فليعمل ما أمرته ، فإن وجده كما وصفت لك أعلمتك إن شاء الله ، فلم يلبث إذ كتب العامل : أصبت الرجل على ما وصفت ، فصنعت الذي أمرت فثبت البناء ، فقال عمر لعلي عليه‌السلام : ماحال هذا الرجل؟ فقال : هذا نبي أصحاب الاخدود. وقصتهم معروفة في تفسير القرآن. (٣)

٥ ـ سن : أبي ، عن هارون بن الجهم ، عن المفضل بن صالح ، عن جابر الجعفي عن أبي جعفر (ع) قال : بعث الله نبيا حبشيا إلى قومه فقاتلهم ، فقتل أصحابه وأسروا وخدوا لهم أخدودا من نار ثم نادوا : من كان من أهل ملتنا فليعتزل ، ومن كان على دين هذا النبي فليقتحم النار ، فجعلوا يقتحمون ، (٤) وأقبلت امرأة معها صبي لها فهابت النار ،

__________________

(١) تشحط بالدم : تضرج به وتمرغ فيه.

(٢ و ٣) قصص الانبياء مخطوط. وقوله : وقصتهم معروفة إه لعله من كلام الراوندي.

(٤) في المصدر : يقتحمون النار.

٤٤٠