وحاصل الفرق بين الوجه الثاني والثالث أنّ الوجه الثاني مبني على المسامحة في متعلّق الوجوب ، بأن نقول : إنّ العرف يرون أنّ الفاقد متّحد مع الواجد ، فيكون ذلك من قبيل استصحاب كرّية هذا الماء بعد تنقيص شيء منه ، والوجه الثالث مبني على المسامحة في نفس الوجوب ، بأن نقول : إنّ العرف يرون أنّ الوجوب الذي كان متعلّقاً بالواجد هو عين الوجوب المتعلّق بالفاقد ، فيكون ذلك نظير استصحاب وجود الكرّ في هذا الاناء بعد أن نقصنا شيئاً منه ، فتكون المسامحة على الوجه الثاني جارية في متعلّق التكليف ، وهي مبنية على أنّ الجزء المفقود من قبيل الحالة لا من قبيل المقوّم ، يعني أنّ الجزء المفقود لم يكن اعتباره في الواجب على أن يكون جزءاً له مطلقاً ، بل إنّ جزئيته مقيّدة بحال التمكّن ، بخلاف المسامحة على الوجه الثالث فإنّها جارية في نفس الوجوب (١) ،
__________________
(١) وحاصل هذه المسامحة هو دعوى الاتّحاد بين الوجوب الطويل الذي كان متعلّقاًبالخمسة وبين الوجوب القصير المتعلّق بالأربعة بعد تعذّر الخامس ، إذ لو لم يسقط الوجوب بتعذّره لكان قد قصر ، والعرف لا يرى الفرق بين الوجوب الطويل المتعلّق بالخمسة والوجوب القصير المتعلّق بالأربعة ، فيقولون إنّ الوجوب قد كان موجوداً ونشكّ الآن في بقائه ، فهم يتسامحون في نفس الوجوب فيرونه بنفسه باقياً ولو اختلف حقيقة من حيث الطول والقصر.
وينبغي أن يعلم أنّ هذا الوجه بعد تمامية هذه المسامحة ليس براجع إلى الوجه الذي أفاده شيخنا قدسسره ، فإنّ المستصحب على هذا الوجه هو الوجوب الوارد على الخمسة ، والدعوى هي التسامح العرفي ، بدعوى أنّ الوجوب الوارد على الخمسة هو عين الوجوب الوارد على الأربعة ، وهذا بخلاف الوجه الآتي الذي أفاده شيخنا قدسسره فإنّ المستصحب فيه هو عين وجوب الأربعة الذي كان وارداً عليها حينما كان الخامس مقدوراً ، فيقال : إنّ وجوب الأربعة الذي كان مستطيلاً إلى الخامس حينما كان