وهذه الاطالة إنّما ارتكبناها لأجل شرح ما أشار إليه في المقالة فيما تقدّم نقله من عبارتها السابقة ، فلاحظ وتدبّر.
ثمّ إنّ لشيخنا قدسسره إيراداً ثالثاً على استصحاب القدر الجامع بين الطلب النفسي والغيري ، وهو كما حرّرته عنه قدسسره : أنّ القدر المشترك بين الوجوب النفسي والغيري بعد فرض سقوط وجوب ذي المقدّمة الذي هو وجوب الكل لا أثر له ، وقد تقدّم في باب الأقل والأكثر وفي مسألة استصحاب الكلّي أنّه لا أثر للقدر المشترك بين الوجوبين ، وأنّ القدر الجامع بين الحكمين الشرعيين إنّما يترتّب عليه [ الأثر ] في خصوص الحدث الجامع بين الأصغر والأكبر ، انتهى.
ونقل السيّد ( سلّمه الله تعالى ) في ص ٤٤٤ نحو ذلك فراجعه (١).
قلت : وهو مشكل ، فإنّه لو علم وجوب الغسل يوم الجمعة مثلاً وتردّد بين كونه مقدّمة لصلاة الجمعة وكونه واجباً نفسياً ، فلا إشكال في لزوم الاتيان به ما دامت صلاة الجمعة باقية على الوجوب ، لكن لو اتّفق بعد ذلك سقوط وجوبها ، فهل يمكن القول بعدم إجراء استصحاب وجوب الغسل ، فيه تأمّل.
قوله : فإنّ تشخيص ذلك ليس بيد العرف ، ففي المركّبات الشرعية لا يمكن العلم بما يكون من حالات المركّب أو مقوّماته إلاّمن طريق السمع. وهذا الإشكال بعينه يرد على قاعدة الميسور أيضاً ، فإنّه يعتبر فيها أن تكون الأجزاء الميسورة ممّا لا تعدّ عرفاً مباينة ... الخ (٢).
ولأجل ذلك قيل : إنّه لابدّ في القاعدة المذكورة من كونها مجبورة بعمل الأصحاب. ولكن لا يخفى أنّ عمل الأصحاب إن كان واصلاً إلى درجة الإجماع
__________________
(١) أجود التقريرات ٤ : ١٧٧.
(٢) فوائد الأُصول ٤ : ٥٥٨.