الوجوب الغيري يمكننا استصحاب القدر الجامع بين الوجوبين ، بناءً على جريان استصحاب الكلّي في هذه الصورة الراجعة إلى القسم الأوّل من القسم الثالث.
ولعلّ هذا التفصيل هو المراد لما أفاده في المقالة بقوله : ولكن في المقام ليس الأمر كذلك ( يعني من قبيل التردّد بين مقطوع البقاء ومقطوع الارتفاع ) للجزم بالوجوب الغيري للأجزاء سابقاً ، وإنّما المحتمل وجوبه نفسياً من جهة احتمال مقارنة مناطه بمناط الغيرية أو قيامه مقامه الخ (١) ، فالأوّل إشارة إلى الاحتمال الثاني الذي ذكرناه ، والثاني إشارة إلى الاحتمال الأوّل ، فلاحظ.
لا يقال : إنّ استصحاب كلّي الوجوب هنا محكوم لاستصحاب جزئية الخامس إلى حال تعذّره القاضي بأنّه لو وجبت الأربعة لكان وجوبها جديداً بملاك جديد.
لأنّا نقول : قد حقّق في محلّه (٢) أنّ الجزئية ليست هي المجعولة ، وإنّما المجعول منشأ انتزاعها ، وحيث إنّها في المقام خالية من منشأ انتزاعها لفرض عدم إمكان الأمر بالخمسة كان استصحابها ساقطاً.
والحاصل : أنّ المحتمل في وجوب الأربعة بعد تعذّر الخامس أحد وجوه :
الأوّل : أن يكون بوجوب جديد وملاك جديد يحدث عند تعذّر الخامس.
الثاني : أن تكون الأربعة في حدّ نفسها ذات ملاك وصلاح ، ولكن وفاؤها بملاكها إنّما يكون عند تعذّر الخامس ، أمّا عند التمكّن منه فلا تكون وافية بملاكها بل يكون وفاؤها به متوقّفاً على انضمام الخامس معها.
__________________
(١) مقالات الأُصول ٢ : ٢٧١.
(٢) راجع فوائد الأُصول ٤ : ٣٩٢ وما بعدها ، ولاحظ حواشي المصنّف قدسسره على المطلب في المجلّد التاسع من هذا الكتاب ، الصفحة : ١٧٢ وما بعدها.