فرض أنّ النفسية والمقدّمية يكونان من مراتب الوجوب كالشدّة والضعف ، ولكن لا إشكال في تباينهما عرفاً ، فلا يجري استصحاب القدر المشترك (١) فإنّ هذا الإشكال إنّما يتوجّه لو كان المراد أنّهما من قبيل اختلاف المراتب ، أمّا لو كان المراد أنّ ذلك من قبيل التحوّل من فرد إلى فرد آخر مباين له مع فرض تحقّق القدر المشترك بينهما الذي هو المطلوب أعني مجرّد المنع من الترك ، فلا يتوجّه عليه شيء من ذلك.
ولكن لا يخفى أنّ بقاء القدر المشترك مع تبدّل الفرد محال. فالحقّ أنّ ذلك كلّه من قبيل القسم الثاني من القسم الثالث من أقسام استصحاب الكلّي ، وليس نسبة الأفراد إلى الكلّي كنسبة العلّة إلى المعلول كي يمكن أن يقال ببقاء نفس المعلول وإن تبدّلت علّته ، كما في عمود الخيمة بالنسبة إلى هيئتها القائمة بها كما أفاده في المقالة في مباحث الأقل والأكثر (٢).
نعم ، هنا طريقة أُخرى غير راجعة إلى استصحاب القدر الجامع وتلك الطريقة هي أن يقال : إنّ هذه الأربعة كانت لازمة وكان المكلّف يعاقب على تركها ، والآن بعد تعذّر الخامس هي باقية على حالها من اللزوم والعقاب على الترك. وحاصل هذه الطريقة هو التسامح في نفس الوجوب ، بدعوى أنّ العرف لا يفرّقون بين الوجوب الغيري الطارئ على الأربعة عندما كان الخامس مقدوراً والوجوب النفسي الطارئ عليها عند تعذّر الخامس.
نعم ، يرد على هذه الطريقة أوّلاً : المنع من التسامح المذكور ، بل إنّهم يرون الوجوب الغيري مغايراً للوجوب النفسي.
__________________
(١) فوائد الأُصول ٤ : ٥٥٧.
(٢) مقالات الأُصول ٢ : ٢٧٣.