الوجوب ، فلا يكون انتقاضه قبل الزوال مخلاًّ بتحقّق الوجوب عند الافطار القاضي بلزوم الكفّارة ، ففيه : أنّه لو سلّم كونه قيداً في الواجب فهو ليس كسائر القيود ممّا يجب تحصيله على وجه يكون السفر محرّماً عليه ، بل يكون أخذه فيه من قبيل القيود الاختيارية المأخوذة في الواجب على نحو لا يترشّح عليها الطلب فيكون الحضر من هذه الجهة ـ أعني جهة أخذه على نحو لا يترشّح عليه الطلب ـ مشاركاً لما يكون قيداً في الوجوب من القيود غير الاختيارية في أنّ الطلب لا يحصل إلاّفي ظرف وجوده ، فيعود المحذور في وجوب الكفّارة في المقام كما شرحه في صوم المستمسك ص ١٠٩ وص ١١٠ لكنّه دفع الإشكال أخيراً بقوله : اللهمّ إلاّ أن يقال : إنّ دعوى كون السفر ونحوه إذا وقع في أثناء النهار كان مبطلاً للصوم من أوّل الأمر ممّا لا شاهد عليها ، إذ يحتمل كونه مبطلاً له وناقضاً له من حينه ، فإذن لا يبعد البناء على وجوب الكفّارة مطلقاً (١).
وفيه تأمّل ، لأنّ محصّل كونه مبطلاً من حينه بعد فرض كونه شرطاً في وجوبه أو ملحقاً بالشرط في الوجوب هو انقطاع شرط الوجوب عند تحقّق السفر وبواسطة ما تقدّم من الارتباطية بين الوجوب في أوّل النهار والوجوب في آخره وإصلاح ذلك بكون الشرط هو العنوان المنتزع ، يكون تحقّق السفر في أثناء النهار كاشفاً عن عدم تحقّق الوجوب في أوّله ، وبالأخرة لا يكون الابطال من حينه ، بل يكون السفر في أثناء النهار كاشفاً عن عدم وجوبه من أوّله وعدم صحّته وبطلانه من حين الشروع في ذلك الصوم ، فلاحظ وتأمّل.
ثمّ لا يخفى أنّه ( سلّمه الله تعالى ) قرّب أوّلاً كون الحضر وعدم السفر شرطاً للواجب وهو الصوم ، بأنّ ذلك يقتضيه صدق الفوت والقضاء في حقّ المسافر ،
__________________
(١) مستمسك العروة الوثقى ٨ : ٣٦٠ ـ ٣٦١.