قال في النجاة : ولا كفّارة في إفطار ما وجب قضاؤه بترك مراعاة ونحوها وإن وجب الامساك في شهر رمضان ، نعم لو فعل ما تجب به الكفّارة ثمّ سقط بعد ذلك فرض الصوم بحيض أو جنون أو نحوهما من المفسدات لم تسقط على الأصحّ ، ومنه إفطار المسافر قبل وصوله إلى محلّ الترخّص ، وأولى بعدم السقوط من سافر بعد الافطار بقصد الفرار من الكفّارة الخ (١).
وقال في الحدائق : المسألة الرابعة : لو فعل ما تجب به الكفّارة ثمّ سقط فرض الصوم بسفر أو حيض أو شبهه ، فهل تسقط الكفّارة أم لا؟ قولان ، ثانيهما للشيخ في الخلاف وأكثر الأصحاب ، وادّعى عليه في الخلاف إجماع الفرقة (٢). ثمّ إنّ صاحب الحدائق قال في آخر المسألة : وكيف كان ، فالظاهر أنّه لو كان المكلّف إنّما فعل ذلك لأجل إسقاط الكفّارة بعد أن وجبت عليه ، فإنّه لا يدخل في محلّ الخلاف ، وإلاّ لزم إسقاط الكفّارة عن كلّ مفطر باختياره ثمّ السفر لاسقاط الكفّارة ، ويدلّ على ذلك صحيحة زرارة ومحمّد بن مسلم (٣). ثمّ ذكر الصحيحة.
وعلى كلّ حال ، أنّ المستفاد من مجموع هذه الكلمات هو أنّه لم يحم أحد حول كون وجوب الصوم قابلاً للتقطيع ، وإنّما جلّ نظرهم إلى أنّ الوجوب احترامي والكفّارة على خلاف القاعدة ، وأنّها ليست على حذو كفّارة إفطار الصوم الواجب أصالة محتاجة إلى دليل خاصّ غير الدليل الدالّ عليها في إفطار الصوم.
وتقريب هذا البحث بنحو أوضح هو أن يقال : بناءً على أخذ الزمان فيما نحن فيه في متعلّق الحكم الذي هو الامساك ، لا وجه لكون اجتماع [ شرائط
__________________
(١) نجاة العباد : ٢٠١.
(٢) الحدائق الناضرة ١٣ : ٢٣١.
(٣) الحدائق الناضرة ١٣ : ٢٣٤.