الغسل بالماء الطاهر مطهّر ، وفي كلّ من الموردين يكون استصحاب الطهارة منقّحاً للموضوع في الشكّ المسبّبي ، فإنّه يوجب كون الثوب مغسولاً بماء طاهر ، وكلّ ما غسل بماء طاهر يكون طاهراً ، وبذلك يرتفع الشكّ في بقاء نجاسته. وهذه الجهة وهي إزالة الشكّ في ناحية المسبّب هي الملاك في الحكومة ، وهي بعينها المدعاة فيما نحن فيه ، فإنّ استصحاب الحرمة التعليقية تحقّق الكبرى في ناحية السبب ، وبعد أن تتحقّق الكبرى فيه وهي حرمته التعليقية يرتفع الشكّ في ناحية المسبّب وهي بقاء الحلّية ، ويكون العصير ممّا أحرز ارتفاع حلّيته ، فلا يكون بقاؤها مشكوكاً كي ينطبق عليه كبرى « لا تنقض اليقين بالشكّ ».
وكأنّه لأجل هذه الجهة ـ من عدم الفرق بين الشبهة الموضوعية والشبهة الحكمية في حكومة الأصل السببي على الأصل المسبّبي ـ قال فيما حرّره عنه السيّد سلّمه الله بعد بيان وجه الحكومة ما هذا لفظه : وهذا هو المعيار في حكومة أحد الدليلين على الآخر ، من دون فرق بين كون الأصل الحاكم أصلاً حكمياً أو موضوعياً (١) فلاحظ وتأمّل.
قوله : فإنّ التعبّد بنجاسة الشيء وحرمته يقتضي عدم الحلّية والطهارة (٢).
نعم ، يقتضيها ولكن بالملازمة العقلية ، لما عرفت من كون الحلّية ثبوتية لا مجرّد عدم الحرمة ، وإن سلّمنا أنّها عبارة عن عدم الحرمة كان استصحابها معارضاً لاستصحاب الحرمة.
__________________
(١) أجود التقريرات ٤ : ١٢٧.
(٢) فوائد الأُصول ٤ : ٤٧٧.