العصير في حال كونه عنباً محكوم بالحرمة على تقدير الغليان ، والحكم عليه بالحرمة على تقدير الغليان هو عين رفع الحلّية عند الغليان ، ثمّ إنّ ذلك العصير من حين صيرورته زبيباً إلى حين غليانه محكوم بالحلّية فعلاً ، وهذه الحلّية المعلومة في حدّ نفسها لم يثبت أنّها محدودة ومرتفعة بالغليان ، إلاّ أنّه في هذه القطعة من الزمان يعني من زمان صيرورته زبيباً إلى حال الغليان لمّا كان محكوماً بالحرمة على تقدير الغليان استصحاباً لحرمته التعليقية ، وجرّها من حال العنبية إلى حال الزبيبية ، كان مقتضى هذا الاستصحاب هو أن تكون حلّيته الثابتة له في حال الزبيبية مرتفعة بالغليان كما كانت حرمته التعليقية الثابتة له بالوجدان في حال العنبية حاكمة بارتفاع حلّيته الفعلية عند الغليان.
قوله : والسرّ في ذلك : هو أنّه في الشبهات الموضوعية يكون أحد طرفي الشكّ المسبّبي أثراً شرعياً لمؤدّى الأصل السببي بدليل آخر (١).
الظاهر أنّ هذا كلّه إنّما هو لأجل تعدّد الموضوع الذي يجري فيه الأصل أعني بذلك مورد الشكّ السببي ومورد الشكّ المسبّبي ، لا لخصوصية في كون الشبهة موضوعية ، وإلاّ فإنّ طهارة الماء حكم شرعي وإن كان منشأ الشكّ في بقائه هو الشبهة الموضوعية كما في المثال ، وربما كان منشأ الشكّ في بقائه هو الشبهة الحكمية ، كما لو كان الماء مشكوك الطهارة بنحو الشبهة الحكمية ، بأن كان قليلاً ولاقته نجاسة وحصل لنا الشكّ في نجاسة الماء القليل فاستصحبنا طهارته قبل الملاقاة ، فإنّ هذا الاستصحاب وإن كان مورده الشبهة الحكمية يكون حاكماً على استصحاب نجاسة الثوب المغسول فيه ، لأنّه يدخله تحت الكبرى القائلة بأنّ
__________________
(١) فوائد الأُصول ٤ : ٤٧٦.