محكوماً بوجوب الوفاء في الجملة بعد فرض كونه في الآن الأوّل غير واجب الوفاء ، ثمّ نقول : إنّ هذا الوجوب لو كان آنياً لكان لغواً ، فلابدّ من كونه غير آني وأنّه باقٍ بعد ذلك الزمان الذي فرضنا عدم وجوب الوفاء به فيه.
وهكذا الحال لو تردّد العقد بين كون الوفاء [ به ] واجباً في جميع الأزمنة ، وبين كونه في جميع الأزمنة غير واجب الوفاء ، فإنّ أصالة العموم الأفرادي تدخله في جملة العقود التي كان الوفاء بها واجباً في الجملة ، وبعد ثبوت كون الوفاء به واجباً في الجملة ننقل الكلام إلى ذلك الوجوب ونقول إنّه غير آني ، وإلاّ لكان لغواً ، فلابدّ أن يكون غير آني ، وهو معنى بقاء الوجوب مستمرّاً وفي جميع الآنات ، فلاحظ وتأمّل.
وقد يقال : إنّ المراد بالعموم الأزماني المدّعى في هذا المقام كونه مأخوذاً في ناحية الحكم ، ليس هو عبارة عن كلّ آن من آنات الزمان ، بل المراد بذلك (١) هو النظر إلى جهة البقاء من ناحية الحكم ، والحكم عليه بأنّه باقٍ دائماً ، لا أنّه آني مثلاً ، وذلك فإنّ للحكم جهة حدوث وجهة بقاء ، ولا ريب أنّ جهة البقاء متأخّرة رتبة عن جهة الحدوث ، والحكم في مقام جعله إنّما يكون منظوراً به إلى جهة حدوثه ، ويستحيل النظر في هذا المقام ـ أعني مقام جعله وحدوثه ـ إلى جهة بقائه ، فإنّها إنّما تكون بعد جهة حدوثه.
__________________
(١) لا يخفى أنّه ينبغي الجزم بأنّ هذا المعنى من العموم الأزماني في ناحية الحكم هو الذي يريده شيخنا قدسسره كما يشهد بذلك ما حرّره عنه المرحوم الشيخ موسى في حواشي خيار الغبن من المكاسب من أواخر ص ٨٩ إلى أواسط ص ٩٠ [ راجع منية الطالب ٣ : ١٦٧ ـ ١٦٩ ] وهذا هو الذي قدّمنا نقله عنه قدسسره في البحث مع صاحب الكفاية [ منه قدسسره. راجع صفحة : ٣٣٥ المتقدّمة ].