وإذا تبيّن لك أنّه ليس لنا في البين إلاّكون الحكم باقياً في قبال كونه آنياً ، يتّضح لك تمام الاتّضاح أنّه في مورد الشكّ لا معنى للرجوع إلى العموم الأزماني ، إذ ليس في البين عموم أزماني ، وإنّما أقصى ما عندنا هو أنّ الحكم باقٍ وأنّه غير آني ، فإذا شككنا في تحقّقه في زمان فليس لنا ما يثبت بقاءه إلاّ الاستصحاب ، فإن كان الشكّ بدوياً حكم ببقاء الحكم بالاستصحاب ، وإن كان بعد زمان التخصيص سقط الاستصحاب المذكور وتعيّن الرجوع إلى استصحاب حكم المخصّص ، بأن لم يكن الزمان مأخوذاً في ذلك المخصّص على نحو القيدية ، وإلاّ فلابدّ من الرجوع إلى ما تقتضيه الأُصول الأُخر العملية. انتهى ما حرّرته عنه قدّس الله نفسه الطاهرة الزكية.
قلت : لا يخفى أنّ استصحاب حكم العام لا يجري أيضاً فيما كان احتمال الخروج هو الآن الأوّل ، وكذا لا يجري عنده قدسسره فيما كان هو الوسط أو الأخير إذا كان منشأ الشكّ هو احتمال كون الحكم قصير الأمد ، لكونه حينئذ من قبيل الشكّ في المقتضي ، بناءً على ما سلكه قدسسره من عدم جريان الاستصحاب في موارد الشكّ في المقتضي ، وعلى أنّ ما يكون من هذا القبيل هو من قبيل الشكّ في المقتضي ، فإنّ الضابط الذي أفاده قدسسره لموارد الشكّ في المقتضي ربما كان شاملاً لمثل هذا ، فراجعه في محلّه (١).
وأمّا البحث مع صاحب الكفاية قدسسره فينبغي أن نقدّم له مقدّمة : وهي أنّ وجود المظروف في كلّ آن سواء كان هو المتعلّق أو كان هو الحكم ، هو عبارة أُخرى عن دوامه كما أفاده شيخنا قدسسره. ولكن هذا الوجود في كلّ آن إذا لم يخرج منه آن من آنات الوسط ، له لازم وهو اتّصال أجزاء ذلك المظروف ، وكونه واحداً
__________________
(١) فوائد الأُصول ٤ : ٣٢٤ وما بعدها.