عبارته قدسسره في المكاسب (١) أوضح في الجملة من عبارة الرسائل ، فإنّ الظاهر أنّ ما ذكره في الرسائل كان عند عروض هذا المطلب في خاطره الشريف ، ولا ريب أنّ المطلب عند أوّل خطوره في الذهن لا يكون متّضحاً تمام الاتّضاح.
ولو كان المدار في صحّة التمسّك بالعموم الأزماني هو ما ذكروه من كون الانقطاع في بعض الآنات المتوسّطة موجباً لارتفاع الحكم الدائم المستمر ، لما صحّ الحكم باللزوم في خيار الشرط ، الذي يجعل لأحد المتبايعين في ثلاثة أيّام مثلاً من رأس كلّ سنة إلى أربع سنين مثلاً ، فإنّه لو كان الانقطاع موجباً لسقوط اللزوم الدائم المستمرّ ، لما صحّ الحكم باللزوم فيما عدا الثلاث التي هي رأس السنة الأُولى.
والحاصل : أنّ المدار في عدم صحّة التمسّك بالعموم الأزماني إنّما هو على أخذه في ناحية الحكم ، فيكون الحكم موجوداً في كلّ آن من آنات الزمان ويكون دائماً مستمرّاً ، بل التعبير بالعموم الأزماني والدوام إنّما هو لضيق الخناق ، وإلاّ فإنّه ليس لنا إلاّ أنّ هذا الحكم لو كان قصير العمر وكان آنياً لكان لغواً صرفاً ، وإنّا نستكشف من عدم اللغوية في أحكامه تعالى أنّ الحكم المذكور ليس بآنيّ ، وأنّه يكون عمر ذلك الحكم باقياً ، وأنّه يكون باقياً أبداً ، نظير « حلال محمّد صلىاللهعليهوآله حلال إلى يوم القيامة » ، غاية الأمر أنّ ذلك ـ أعني بقاء حلاله وحرامه صلىاللهعليهوآله إلى يوم القيامة ـ إنّما كان في مقابل النسخ ، وهذا المعنى الذي استكشفناه من دليل العقل الحاكم بعدم اللغوية في أحكامه تعالى كان في قبال كون الحكم آنياً ، وأنّه لا يصحّ كون هذا الحكم آنياً من جهة لزوم اللغوية ، ولابدّ أن يكون الحكم المذكور باقياً في جميع الآنات ، فأين هذا من العموم الأزماني.
__________________
(١) تقدّم نقل العبارة في الصفحة : ٣٠٠.