بأنّه يجب الوفاء به في الجملة ، ومقتضى ذلك أن يتحكّم فيه العموم الأزماني ، أعني ما دلّ على كون ذلك الوجوب ثابتاً في جميع الآنات ، ولو كان ذلك الدليل هو دليل الحكمة الذي هو بمنزلة الدليل المتّصل بقوله تعالى : ( أَوْفُوا بِالْعُقُودِ ) ، وتكون النتيجة هي تطرّق التخصيص إلى هذا العموم الأزماني ، وأنّه لم يخرج منه إلاّ الآن الأوّل ، فتكون النتيجة هي فورية الخيار.
وتوضيح ذلك : أنّ قوله تعالى : ( أَوْفُوا بِالْعُقُودِ ) بمنزلة قوله : يجب الوفاء بكلّ عقد ومنها هذا العقد الغبني الخاصّ ، فيكون محصّل ذلك هو أنّ هذا العقد الخاصّ يجب الوفاء به. لكن هذا الحكم في حدّ نفسه معرّى عن الزمان ، إذ لم يؤخذ الزمان فيه ولا في متعلّقه الذي هو الوفاء ، ثمّ إذا لاحظنا دليل الحكمة وجدناه يقول إنّ كلّ وجوب من تلك الوجوبات يكون ثابتاً في كلّ آن ، فيكون مقتضى ذلك أنّ وجوب الوفاء بهذا العقد الخاصّ ثابت أيضاً في جميع الآنات ، فإذا لاحظنا دليل الغبن القائل بعدم وجوب الوفاء بهذا العقد ، المفروض أنّه لم يعلم منه أنّ هذا الحكم ـ أعني عدم وجوب الوفاء بذلك العقد ـ هل هو ثابت في جميع الآنات أو أنّه في خصوص الآن الأوّل ، فعلى تقدير أنّه في جميع الآنات يكون مخصّصاً للعموم الأفرادي المستفاد من الآية الشريفة ، لكن أصالة ذلك العموم الأفرادي نافية لذلك الاحتمال ، وحاكمة بأنّه يجب الوفاء به في الجملة ، ثمّ بعد ذلك نلاحظ دليل الحكمة ونخصّصه بدليل الغبن ، ونرفع اليد عن العموم الأزماني فيه بمقدار ما ثبت من دليل الغبن وهو في الآن الأوّل ، وفي باقي الآنات يكون دليل الحكمة محكّماً فيه ، وفي الحقيقة يكون ثبوت الفورية بواسطة كلّ من العموم الأفرادي والعموم الأزماني ، فالعموم الأفرادي ينفي خروجه بالمرّة عن وجوب الوفاء بكلّ عقد ويتعرّض لإثبات وجوب الوفاء به في الجملة ، والعموم