هو نفس الوجوب.
قال الشيخ قدسسره في الرسائل : الحقّ هو التفصيل في المقام بأن يقال : إن أُخذ فيه عموم الأزمان أفرادياً ، بأن أخذ كلّ زمان موضوعاً مستقلاً لحكم مستقل لينحلّ العموم إلى أحكام متعدّدة بتعدّد الأزمان ، كقوله : أكرم العلماء كلّ يوم ، فقام الإجماع على حرمة إكرام زيد العالم يوم الجمعة ، ومثله ما لو قال : أكرم العلماء ، ثمّ قال : لا تكرم زيداً يوم الجمعة ، إذا فرض الاستثناء قرينة على أخذ كلّ زمان فرداً مستقلاً ، فحينئذ يعمل عند الشكّ بالعموم ولا يجري الاستصحاب ، بل لو لم يكن عموم وجب الرجوع إلى سائر الأُصول لعدم قابلية المورد للاستصحاب. وإن أخذ لبيان الاستمرار كقوله : أكرم العلماء دائماً ، ثمّ خرج فرد في زمان وشكّ في حكم ذلك الفرد بعد ذلك الزمان ، فالظاهر جريان الاستصحاب ، إذ لا يلزم من ثبوت ذلك الحكم للفرد بعد ذلك الزمان تخصيص زائد على التخصيص المعلوم ، لأنّ مورد التخصيص الأفرادُ دون الأزمنة ، بخلاف القسم الأوّل ، بل لو لم يكن هنا استصحاب لم يرجع إلى العموم ، بل إلى الأُصول الأُخر. ولا فرق في استفادة الاستمرار من اللفظ كالمثال المتقدّم ، أو من الاطلاق كقوله : تواضع للناس ، بناءً على استفادة الاستمرار منه ، فإنّه إذا خرج منه التواضع في بعض الأزمنة على وجه لا يفهم من التخصيص ملاحظة المتكلّم كلّ زمان فرداً مستقلاً لمتعلّق الحكم استصحب حكمه بعد الخروج (١).
وظاهره بل لا يبعد أن يقال : إنّ صريحه هو أنّ المائز بين القسمين هو مجرّد لحاظ التعدّد في الأوّل والاستمرار والدوام في الثاني ، وأنّه بناءً على الثاني لا يكون في البين عموم أزماني صالح لأن يرد عليه التخصيص أو يتمسّك به في
__________________
(١) فرائد الأُصول ٣ : ٢٧٤ ـ ٢٧٥.