منهما.
بقي في المقام إشكال : وهو أنّه قدسسره فيما لو كان أحد طرفي العلم الاجمالي في حدّ نفسه مورداً لاستصحاب الطهارة ، والطرف الآخر مورداً لقاعدة الطهارة ، لم يبن على الرجوع فيما هو مورد استصحاب الطهارة بعد التعارض والتساقط إلى قاعدة الطهارة ، لما حقّقه في محلّه (١) من أنّ الحكم بطهارة هذا الطرف من أيّ أصل كان يكون معارضاً بالحكم بطهارة الطرف الآخر ، وحينئذ ففيما هو مورد لاستصحاب الطهارة يكون الحكم بطهارته لكلّ من الاستصحاب وقاعدة الطهارة معارضاً للحكم بطهارة الطرف الآخر لقاعدة الطهارة ، وحينئذ فلِمَ لا يجري هذا المبنى فيما نحن فيه ، بأن يقال : إنّ الحكم بطهارة الثوب المغسول في كلّ من الاناءين لكلّ من استصحاب الطهارة وقاعدتها معارض باستصحاب نجاسة الثوب المزبور ، فلا يمكن الحكم بطهارته بعد التعارض والتساقط ، لأنّ ذلك إنّما هو لقاعدة الطهارة بعد تعارض استصحاب الطهارة واستصحاب النجاسة ، والمفروض أنّ قاعدة الطهارة فيه ساقطة بسقوط استصحاب الطهارة.
والجواب عن هذا الإشكال : هو أن يقال بالفرق الواضح بين المقامين ، فإنّ المانع في ذلك المقام من جريان الأصل في كلّ واحد من الطرفين هو لزوم المخالفة القطعية العملية ، فيتأتّى فيه ما أفاده قدسسره من أنّ الحكم بطهارة هذا الطرف كان معارضاً للحكم بطهارة الطرف الآخر ، بخلاف ما نحن فيه من الأصلين المثبت أحدهما لنجاسة الثوب والآخر لطهارته ، فإنّه لا يلزم من إجرائهما معاً مخالفة عملية قطعية ، للعلم الاجمالي ببقاء أحد الأمرين من الطهارة والنجاسة ، إذ
__________________
(١) فوائد الأُصول ٤ : ٤٧ ، راجع أيضاً حواشي المصنّف قدسسره في المجلّد السابع من هذا الكتاب ، الصفحة : ٥١٨ وما بعدها.