ذلك بأنّ الطهارة المستصحبة أيضاً شخصية ، وتردّدها بحسب الزمان الذي وقعت فيه لا يوجب كلّيتها ، ومن الواضح أنّ هذا لا دخل [ له ] في الجواب عمّا استدلّ به للأخذ بضدّ الحالة السابقة ، فإنّ ذلك الاستدلال إنّما يحسن الجواب عنه بما ذكرناه ، من أنّ المستصحب ليس هو الطهارة المحتمل وقوعها بعد ارتفاع الطهارة الأُولى كي يكون ذلك من قبيل القسم الثالث من الكلّي ، بل إنّ المستصحب هو الطهارة بالأعمّ من جهة الحدوث وجهة البقاء كما عرفت.
قوله : وإن كان كثيراً ، فزمان وجود كلّ من طهارة الثوب ونجاسته لم يكن معلوماً بالتفصيل ... الخ (١).
قد يقال : إنّه عند غمسه الثوب تدريجاً في الماء الكثير ـ أعني الماء الثاني ـ يعلم إجمالاً بنجاسة الثوب إمّا جزئه الأعلى إن كان النجس هو الماء الأوّل ، أو جزئه الأسفل الذي انغمس في الماء إن كان النجس هو الماء الثاني ، وهذه النجاسة المعلومة بالاجمال معلومة التاريخ ، لكن ذلك من قبيل ما لو كان المتيقّن مردّداً بين مقطوع البقاء ومقطوع الارتفاع ، لأنّ النجس إن كان هو الأعلى فقد ارتفعت نجاسته قطعاً ، وإن كان هو الأسفل فقد بقيت قطعاً ، اللهمّ إلاّ أن يقال : يكفي استصحاب القدر المشترك بينهما ، فتأمّل.
نعم ، لو كان التطهير بالماء الثاني دفعياً ، لم يكن النجاسة معلومة التاريخ ، كما لو فرضنا العلم بنجاسة أحد الكرّين ، وكان لنا ماء قليل قد اتّصل بالأوّل منهما ثمّ بالثاني منهما ، فإنّه حينئذ يعلم بنجاسة ذلك الماء القليل في أحد الاتّصالين وطهارته في الاتّصال بالآخر ، ولم يكن زمان كلّ من الحالتين معلوماً بالتفصيل ، وكذلك الحال لو علمنا بوقوع البول والمطر في الاناء القليل ولم يعلم السابق
__________________
(١) فوائد الأُصول ٤ : ٥٢٧.