ليس ذلك من قبيل العلم الاجمالي بالتكليف ، كي يكون إجراء الأُصول على خلافه موجباً للمخالفة القطعية للتكليف المعلوم في البين ، بل لا يكون في البين ما يمنع من جريانهما معاً سوى كونهما على خلاف العلم بارتفاع أحد الأمرين المذكورين ، وهذا إنّما يكون مانعاً في خصوص الأُصول الاحرازية ، دون غيرها على ما أفاده قدسسره في محلّه.
وحينئذ فنقول : إنّ العلم الاجمالي هنا إنّما يمنع من الجمع بين التعبّد بإحراز الطهارة والتعبّد بإحراز النجاسة ، ومن الواضح أنّ إحراز الطهارة إنّما هو باستصحابها لا بقاعدتها ، فالمانع المذكور لا يمنع إلاّمن الجمع بين استصحاب الطهارة واستصحاب النجاسة ، لأنّ التعبّد باحراز كلّ من الطهارة الواقعية والنجاسة الواقعية مخالف للعلم الاجمالي بارتفاع أحدهما ، فلا يمكن الجمع في التعبّد بين الاحرازين المذكورين ، ونتيجة عدم إمكان الجمع بينهما هو تعارضهما وتساقطهما ، أمّا قاعدة الطهارة فلا يكون في البين ما يمنع عنها أصلاً.
نعم ، لو فرض أنّها من الأُصول الاحرازية ، لكانت هي مع استصحاب الطهارة معارضين لاستصحاب النجاسة ، لكن قد تقرّر في محلّه أنّها ليست من الأُصول الاحرازية ، وحينئذ نقول : إنّه بعد تعارض استصحاب الطهارة واستصحاب النجاسة وبعد تساقطهما ، يكون المرجع في الثوب المذكور هو قاعدة الطهارة.
وهناك فرق آخر بين المقامين : وهو أنّه في مثل الاناءين المذكورين تكون قاعدة الطهارة فيما هو مستصحبها قابلة لمعارضة قاعدة الطهارة في الطرف الآخر بخلاف ما نحن فيه حيث إنّ مجرى الأصلين المتعارضين فيه شيء واحد وهو الثوب ، وقاعدة الطهارة فيه لا تصلح لمعارضة استصحاب النجاسة ، كي نقول إنّ