__________________
وسرّ كونه من الثاني لا من الثالث هو أنّك في الثالث ليس لك فرد مشار إليه تقول إنّ هذا قد وجد وأشكّ في ارتفاعه ، بخلاف ما نحن فيه فإنّ لنا أن نشير إلى هذه الجنابة التي كانت عند خروج هذا المني الموجود قد وجدت ونشكّ في ارتفاعها ، غايته أنّ تلك الجنابة الشخصية التي نشير إليها لا نعلمها أنّها هي السابقة أو جديدة ، فلنا أن نستصحبها معرّاة عن كونها هي السابقة أو جديدة ، فإن شئت فسمّ ذلك المستصحب شخصياً خاصّاً لكونه فرداً معيّناً ، وإن شئت فسمّه قدراً جامعاً مردّد الوجود بين الفردين ، فهو نظير ما لو تركت زوجتك في مكان ثمّ جئت ووجدت امرأة احتملت أنّها زوجتك وأنّها أجنبية ، فلا يجوز لك الإقدام عليها ، لاستصحاب عدم العقد على شخصها ، فتأمّل.
وعلى أي حال ، يكون الحكم عليه بأنّه لا يجب عليه الغسل صحيحاً على مسلك صاحب العروة [ كما أشار إليه في مسألة الوضوء والحدث في العروة الوثقى ( مع تعليقات عدّة من الفقهاء ) ١ : ٤٤٥ ـ ٤٤٧ مسألة : ٣٧. وصرّح به في حاشيته قدسسره على فرائد الأُصول ٣ : ٢٩٢ ـ ٢٩٣ ] وغيره من سقوط الاستصحاب في مجهول التاريخ لعدم اتّصال زمان الشكّ بزمان اليقين ، وجريان الاستصحاب في معلوم التاريخ ، لأنّ هذه الجنابة المشار إليها بوجود هذا المعيّن مجهولة التاريخ بخلاف الغسل ، وكذلك على مسلك شيخنا قدسسره ، يعني أنّه لا يجب عليه الغسل ولا يجري في حقّه استصحاب الجنابة ، لكونه من قبيل الدم المردّد ، لما عرفت من أنّه يكون حاله حال المرأة الموجودة المردّدة بين كونها هي زوجته التي عقد عليها ، أو هي أجنبية عنه ولم يعقد عليها ، في عدم جريان استصحاب عدم العقد عليها ، وحينئذ ينفرد فيه استصحاب الطهارة الحاصلة عند فراغه من الغسل ، لكنّك قد عرفت في محلّه المناقشة في كلّ من المسلكين ، فالحقّ فيما نحن فيه هو تعارض الاستصحابين وسقوطهما ، ولزوم الجمع بين الغسل والوضوء إن كان فعلاً محدثاً بالأصغر ، وإلاّ اقتصر على الغسل ،