وكيف كان فالذي ينبغي هو تحرير الشبهة في خصوص مجهولي التاريخ. ومنه يعرف الكلام في الفرض الآخر ، فنقول بعونه تعالى : إنّ الذي يظهر من قوله في الكفاية في تقريرها هو أنّا إذا لاحظنا حالتنا الفعلية ، فنرى أنّا في حالة شكّ في الطهارة والحدث ، فإذا أردنا أن نستصحب الحدث مثلاً ، كان علينا أن نوصل حالتنا هذه بحالة سابقة على حالتنا هذه ، ولابدّ أن تكون تلك الحالة السابقة حالة يقين بالحدث لنجرّ اليقين من تلك الحالة إلى حالتنا هذه ، والمفروض أنّ حالتنا السابقة لا نعلم بها ما هي ، لأنّ المفروض أنّه قد تحقّق لنا في السابق حدث ووضوء ، ولا نعلم المتأخّر منهما لنستقرّ عليه ونقول إنّ حالتنا السابقة كانت على مقتضاه.
وإن شئت فقل : إنّ ما تقدّم من الزمانين اللذين وقع الحدث في أحدهما والوضوء في الآخر حيث إنّا لم نعلم منهما ما وقع فيه الحدث مثلاً ، فلم يكن الأوّل منهما زمان يقين بالحدث لاحتمال كونه زمان الوضوء. مضافاً إلى أنّه لو كان آن الحدث هو الآن الأوّل فقد ارتفع بوقوع الوضوء بعده ، كما أنّ الآن الثاني لم يكن زمان يقين بالحدث ، لاحتمال كون الحدث قد وقع في الأوّل ، ليكون الآن الثاني آن وضوء لا آن حدث ، لارتفاع الحدث حينئذ في الآن الثاني لكونه قد وقع الوضوء فيه ، فإنّ أيّ واحد من ذينك الآنين ننظر إليه نرى أنفسنا فيه في حال شكّ في الطهارة والحدث ، فبأي زمان نوصل زماننا هذا الذي نحن فيه الآن حتّى نقول إنّ ذلك الزمان زمان قطع بالحدث مثلاً لنجرّه إلى زماننا الذي نحن فيه فعلاً ، هذا
__________________
وص ٣٥ من طبعة بغداد المقدّمة الرابعة من مقدّمات دليل الانسداد.
وص ١٠٢ من طبعة بغداد في تعارض الاستصحابين من خاتمة الاستصحاب. وتعرّض له الشيخ قدسسره في المبحث المذكور [ فراجع فرائد الأُصول ٣ : ٤١٠. منه قدسسره ].