وحيث إنّ التزاحم في ذلك لا يكون إلاّ آمريا لكون التدافع دائميا ولم يتمّ الالتزام بما في الكفاية (١) من مطلوبية كلّ من الفعل والترك ، كما أنّ ما أفاده (٢) شيخنا قدسسره (٣) من كون متعلّق الأمر هو ذات الفعل ومتعلّق النهي هو عنوان التعبّد ، لم يكن لنا بدّ من الالتزام بمطلوبية الترك أو ذلك العنوان ، وعدم معقولية تشريع الأمر المتعلّق بالفعل ، وحينئذ لا بدّ لنا من الالتزام بما عرفت من مشروعية الأمر بالترك فقط ولازمه عدم صحّة الفعل عبادة ، فلو دلّ دليل قطعي على صحّة الفعل عبادة في مثل ذلك لم يكن أيضا بدّ من الالتزام بصحّته من جهة الاكتفاء بالملاك.
أمّا الترتّب فلا يتأتّى في أمثال ذلك من موارد التزاحم الآمري ، فضلا عمّا أفاده شيخنا قدسسره (٤) من عدم معقولية الترتّب بين النقيضين أو الضدّين اللذين لا ثالث لهما. ويمكن القول بإنكار صحّته عبادة في هذه الموارد ، وأقصى ما في البين هو أنّه لو قرأ الجنب ما زاد على السبع لم يكن حراما ، أمّا أنّه فعل ما هو عبادة فلا ، وكذلك الحال في النوافل المبتدأة والصوم المستحبّ في السفر. نعم قد يقال بحرمة ذلك تشريعا إذا قصد الاتيان بها بداعي الأمر فتأمّل.
ويمكن اجراء هذه الطريقة في الصوم المستحبّ من الضيف بدون إذن صاحب المنزل ، بل يمكن إجراؤها في جميع ما تقدّم ممّا له البدل سواء كان من قبيل القسم الأوّل أو كان من قبيل القسم الثاني ، غايته أن يلتزم فيما يكون منه واجبا كصلاة الظهر في الحمّام مثلا ممّا دلّ الدليل القطعي على صحّته وكفايته عن
__________________
(١) كفاية الأصول : ١٦٣.
(٢) [ هكذا في الأصل ، ولعلّ المناسب : كما لم يتمّ الالتزام بما أفاده ... ].
(٣) أجود التقريرات ٢ : ١٧٦.
(٤) أجود التقريرات ٢ : ٩٢.