قبيل المستحبّين المتزاحمين فيحكم بالتخيير بينهما لو لم يكن أهمّ في البين ، وإلاّ فيتعيّن الأهمّ الخ (١) ، فإنّه قد ظهر أنّه في تزاحم المستحبّات في مقام الجعل والتشريع لا بدّ من الكسر والانكسار ، وأنّه لا يتصوّر فيه التخيير إلاّ في القسم الأخير ، وهو لا ينحصر بصورة التساوي بل يتأتّى في صورة رجحان أحدهما ، فتأمّل.
قوله في الحاشية : إلاّ أنّ ذلك فيما إذا كانت المصلحة مترتّبة على مطلق وجود الفعل والترك ، وأمّا فيما إذا كانت مترتّبة على حصّة خاصّة من الفعل كما هو الحال في موارد العبادات المكروهة في محلّ الكلام ... الخ (٢).
لا يخفى أنّه بعد فرض مسلّمية امتناع اجتماع تعلّق الارادة بالفعل مع تعلّقها بترك ذلك الفعل لا وجه للفرض المذكور.
أمّا أوّلا : فلأنّ الكلام كان مع دعوى الكفاية (٣) صلاح كلّ من الفعل والترك ولزوم استحباب كلّ منهما ، بحيث يكون الترك المستحبّ هو ترك نفس ذلك الفعل المستحبّ ، ففرض تعلّق الاستحباب بحصّة خاصّة من الفعل وتعلّق استحباب الترك بمطلق ذلك الفعل ، بحيث يكون الفعل المستحبّ هو الفعل المقيّد بقيد العبادة والترك المستحبّ هو ترك مطلق ذلك الفعل ، يكون مغايرا لما أسّسه في الكفاية من امكان تعلّق الأمر الاستحبابي بكلّ من الفعل وتركه.
وثانيا : أنّ الفعل العبادي كالصوم في يوم عاشوراء إنّما نتصوّر عباديته بتعلّق أمرين : أوّلهما متعلّق بذات الفعل ، والآخر بالاتيان به بداعي الأمر الأوّل ،
__________________
(١) كفاية الأصول : ١٦٣.
(٢) أجود التقريرات ٢ ( الهامش ) : ١٧٣.
(٣) كفاية الأصول : ١٦٣.