في الحاشية (١) غير متوجّه على ما أفاده شيخنا قدسسره بعد الالتزام بكون حكم العقل بقبح التشريع وحرمته الشرعية من قبيل ما هو متحقّق وجدانا بملاك واحد في مورد العلم بالعدم ومورد عدم العلم ، فلا يجري فيه استصحاب العدم أعني عدم الحجّية ، إذ لا يترتّب عليه إلاّ ما هو متحقّق وجدانا من القبح والحرمة الشرعية المنوطين بعدم العلم والعلم بالعدم بملاك واحد.
ومن الغريب ما في آخر هذه الحاشية من قياس ما نحن فيه بالبراءة العقلية والاباحة الشرعية الظاهرية ، وذلك لوضوح أنّ الاباحة الشرعية الظاهرية حكم من الأحكام الشرعية ، وأين ذلك من مجرّد قبح العقاب بلا بيان ، وحينئذ فكيف تكون الاباحة الشرعية الظاهرية من قبيل الاحراز التعبّدي لما هو محرز وجدانا ، أو من قبيل اللغوية كما هو ظاهر الحاشية ، فإنّ اللغوية إنّما تكون فيما لو كان الأثر الحاصل بأصالة الحل هو بعينه حاصلا بقاعدة قبح العقاب من دون بيان ، والمفروض أنّ أثرهما مختلف. واشتراكهما في مطلق تجويز الاقدام لا يوجب ذلك مع فرض كون أحدهما عقليا والآخر شرعيا ، فتأمّل.
نعم ، استصحاب الحجّية نافع في المقام ، لأنّه يخرجه عن موضوع عدم إحراز الحجّية أو إحراز عدمها إلى إحراز الحجّية ، الموجبة لخروجه عن موضوع المنع عن التشريع عقلا وشرعا. أمّا الأمارة القائمة على عدم الحجّية فقد تعرّض شيخنا قدسسره في أوائل مباحث حجّية الظنّ للفرق بينها وبين استصحاب عدم الحجّية ، فراجعه بما علّقناه عليه هناك (٢) وتأمّل.
__________________
(١) أجود التقريرات ٢ ( الهامش ) : ٢٣٦.
(٢) راجع فوائد الأصول ٣ : ١٢٨ ، وله قدسسره حاشية على ذلك وحاشية أخرى مفصّلة على فوائد الأصول ٣ ( الهامش ) : ١٣٠. وستأتي الحاشيتان في المجلّد السادس من هذا الكتاب.