في حاشيته على الرسائل ، فقد قال الشيخ قدسسره في أوائل حجّية الظن : وقد يقرّر الأصل بوجوه أخر ، منها أنّ الأصل عدم الحجّية وعدم وقوع التعبّد به وإيجاب العمل به. وفيه : أنّ الأصل وإن كان ذلك ، إلاّ أنّه لا يترتّب على مقتضاه شيء ، فإنّ حرمة العمل بالظنّ يكفي في موضوعها عدم العلم بورود التعبّد ، من غير حاجة إلى إحراز عدم ورود التعبّد به ، ليحتاج في ذلك إلى الأصل ثمّ إثبات الحرمة (١).
وقال العلاّمة الخراساني قدسسره في حاشيته : قلت الحجّية وعدمها وكذا إيجاب التعبّد وعدمه بنفسهما ممّا يتطرّق إليه الجعل ، وتناله يد التصرّف من الشارع ، وما كان كذلك يكون الاستصحاب فيه جاريا ، كان هناك أثر شرعي يترتّب على المستصحب أو لا. وقد أشرنا إلى أنّه لا مجال للأصل في المسبّب مع جريان الأصل في السبب كما حقّق في محلّه هذا. مع أنّه لو كان الحجّية وعدمها من الموضوعات الخارجية ، التي لا يصحّ الاستصحاب فيها إلاّ بملاحظة ما يترتّب عليها من الآثار الشرعية ، فإنّما لا يكون مجال لاستصحاب عدم الحجّية فيما إذا لم يكن حرمة العمل إلاّ أثرا للشك فيها لا لعدمها واقعا ، وأمّا إذا كانت أثرا له أيضا فالمورد وإن كان في نفسه قابلا لكلّ من الاستصحاب والقاعدة المضروبة لحكم هذا الشكّ ، إلاّ أنّه لا يجري فعلا إلاّ الاستصحاب لحكومته عليها ، إلى آخر كلامه قدسسره (٢).
ولكن الذي يظهر منه في الكفاية العدول عن ذلك ، فإنّه بعد بيان أنّ الأصل هو عدم الحجّية جزما ، وبعد أن شرح آثار الحجّية قال ما هذا لفظه : فمع الشكّ في التعبّد به يقطع بعدم حجّيته وعدم ترتيب شيء من الآثار عليه ، للقطع بانتفاء
__________________
(١) فرائد الأصول ١ : ١٢٧ ـ ١٢٨.
(٢) حاشية كتاب فرائد الأصول : ٤٣.