يكون النهي عنها من الناحية المذكورة موجبا لفسادها ، وإنّما يكون النهي عنها موجبا لفسادها لو كان تعلّق النهي بها من الناحية الأخرى ، أعني كونها تصرّفا في المال بالنقل والانتقال. فقد تلخّص لك من جميع ذلك : أنّ النهي عن البيع في قوله تعالى ( وَذَرُوا الْبَيْعَ ) لا يكون موجبا للفساد ، سواء جعلناه إرشادا إلى وجوب السعي ، أو جعلناه تكليفا مولويا متعلّقا بالمسبّب الذي هو البيع بما أنّه فعل من الأفعال لا من باب أنّه عبارة عن النقل المالي ، أو جعلناه متعلّقا بالسبب بمعنى العقد نفسه.
قال الشيخ قدسسره فيما حكاه عنه في التقريرات : وتوضيح الحال : أنّ النواهي في المعاملات على أقسام :
أحدها : أن يكون النهي متعلّقا بالمعاملة من حيث إنّها أحد أفعال المكلّف ، فيكون إيجاد السبب والتلفّظ بالايجاب والقبول ـ مثلا ـ وقت النداء مثل شرب الخمر محرّما ، من غير ملاحظة أنّ ذلك الفعل المحرّم يوجب نقلا وانتقالا ، ولا ريب في عدم دلالة هذا النحو من النهي على الفساد ، فإنّ غاية مدلوله التحريم ، وهو لا ينافي الصحّة ، فإنّ المعصية تجامع ترتّب الأثر ، كما يشاهد في الأسباب العقلية بالنسبة إلى الآثار العقلية ، والشرعية أيضا.
وثانيها : أن يكون مفاد النهي هو مبغوضية إيجاد السبب ، لا من حيث إنّه فعل من الأفعال المتعلّقة للأمر والنهي باعتبار المصالح والمفاسد ، بل من حيث إنّ ذلك السبب يوجب وجود مسبّب مبغوض في نفسه ، كما في النهي عن بيع المسلم للكافر ، فإنّ إيجاد السبب حرام بواسطة إيراثه أمرا غير مطلوب مبغوض ، وهو سلطنة الكافر على المسلم بناء على القول بالصحّة ، إلى أن قال : وهذا القسم أيضا يمكن القول بعدم دلالة النهي فيه على الفساد ، إذ لا مانع من صحّة البيع