وعلى كلّ حال ، الصحّة والفساد أينما كانا فإنّما يكونان من الانتزاعيات (١). ومراده بقوله : بل ربما يكون منشأ الانتزاع أيضا غير مجعول ، موارد الفعل بالنسبة إلى أمره المتعلّق به لا بالنسبة إلى أمر آخر ، فإنّ منشأ الانتزاع في الأوّل كنفس عنوان الصحّة المنتزع غير مجعول ، فلاحظ. وهكذا صرّح بذلك كلّه في باب الاستصحاب ص ١٤٦ (٢) فراجعه بما علّقناه عليه (٣) وكذلك صرّح المرحوم الشيخ موسى فيما عثرت عليه من تحريراته عنه قدسسره في هذا المقام ، فإنّه بعد تعرّضه للصحّة في مورد الأمر الظاهري قبل انكشاف الخلاف ولها فيه بعد انكشاف الخلاف قال ما هذا لفظه : وكيف كان ، فالحقّ أنّهما منتزعان في خصوص هذين الموردين ، وأمّا في غيرهما فلا هما مجعولان متأصلا ولا انتزاعا الخ.
ولكن مع هذا كلّه فالمطلب بعد يحتاج إلى التأمّل ، فإنّ الشارع في مورد انكشاف الخلاف إن أسقط جزئية الجزء المفقود كانت الصحّة غير مجعولة كمنشإ انتزاعها ، وكان حال ذلك الفاقد في كون صحّته انتزاعية وكون منشأ انتزاعها غير مجعول حال المأمور به الواقعي بالنسبة إلى أمره. وإن لم يسقط الجزئية المذكورة كان اللازم هو الاعادة.
وهذا التنزيل الذي أفاده شيخنا قدسسره لا يجتمع مع بقاء وجوب ذلك الجزء بحاله ، وليس المتحصّل من تنزيل الفاقد في هذا الحال منزلة الواجد إلاّ أنّ هذا في هذا الحال كالواجد في حال الالتفات ، في كون كلّ منهما مطابقا لما تعلّق به من الأمر ، وذلك عبارة أخرى عن سقوط الجزئية في هذا الحال. ولو سلّمنا صحّة
__________________
(١) فوائد الأصول ١ ـ ٢ : ٤٦٠ ـ ٤٦١.
(٢) فوائد الأصول ٤ : ٤٠٠.
(٣) في المجلّد التاسع.