التعارض خارج عن محلّ هذا البحث ، فإنّه متحقّق حتّى لو قلنا إنّ النهي بذاته لا يقتضي الفساد ، كما أنّ الفساد المبحوث عنه ـ أعني اقتضاء النهي للمبغوضية المانعة من إمكان التقرّب ـ حاصل حتّى لو فرضنا عدم الأمر أو عدم كون النهي مخصّصا للأمر ، ولعلّ هذا هو المراد لشيخنا قدسسره فيما تقدّم (١) فيما أفاده في توجيه خروج النهي التنزيهي عن محلّ البحث.
ويمكن أن يقال : إنّ المرجوحية التي كشف عنها النهي التنزيهي كافية في فساد العبادة المفروض اعتبار الرجحان فيها ، بل هو داخل في قوامها ، وحينئذ يكون حال النهي التنزيهي حال النهي التحريمي في اقتضائه الفساد في المرتبة السابقة على تخصيص الأمر به ، فتأمّل.
والحاصل : أنّ الفساد المبحوث عنه في هذه المسألة ـ أعني مسألة اقتضاء النهي عن العبادة الفساد ـ ليس هو الفساد الناشئ عن عدم الأمر ، فإنّ ذلك لا يحتاج إلى توسّط النهي ، بل يكفي فيه أصالة عدم المشروعية في العبادة وأصالة عدم ترتّب الأثر في المعاملة. كما أنّه ليس المراد به الفساد الناشئ عن كون النهي مخصّصا لدليل الأمر ، فيكون دليل النهي بعد كونه مخصّصا لدليل الأمر أو لعموم ما دلّ على نفوذ المعاملة مثل ( أَوْفُوا بِالْعُقُودِ )(٢) ونحوه من عمومات المعاملات كدليل اجتهادي يدلّ على عدم مشروعية العبادة أو عدم نفوذ المعاملة ، ومن الواضح أنّه لا خصوصية للنهي في ذلك ، بل إنّ كلّ ما يوجب تخصيص تلك العمومات ولو بمثل ما يدلّ على إباحة الفعل وعدم وجوبه أو عدم استحبابه يكون
__________________
(١) أجود التقريرات ٢ : ٢٠٠ ـ ٢٠١ ، وقد مرّ تعليق المصنّف قدسسره عليه في الحاشية السابقة المذكورة في الصفحة : ١٨٢ وما بعدها.
(٢) المائدة ٥ : ١.