خارجة عن حيّز الأمر خطابا وملاكا فتكون فاسدة ، فتأمّل.
والأولى أن يقال في توجيه خروج النهي الغيري المتعلّق بالعبادة عن محلّ النزاع من كون النهي مقتضيا للفساد : هو أنّ محلّ الكلام في اقتضاء نفس النهي للفساد إنّما هو مع قطع النظر عن كونه موجبا لخروج العبادة عن عموم الأمر ، وذلك من جهة كون النهي موجبا للمبغوضية المانعة عن إمكان التقرّب بذلك المنهي عنه ، ومن الواضح اختصاص ذلك بالنهي النفسي ، أمّا النهي الغيري فهو لأجل أنّه لا يستتبع عقابا ولا ثوابا لا يكون موجبا للمبغوضية ، فلا يكون بنفسه موجبا لفساد العبادة. أمّا كون العبادة فاسدة من ناحية أنّ ذلك النهي ولو كان غيريا يكون موجبا لتخصيص الأمر وخروجها عن عمومه خطابا وملاكا ، فذلك أمر آخر لا ربط له بما نحن فيه من كون النهي بذاته موجبا للفساد.
وهذا المقدار من الفساد الآتي من ناحية التخصيص كاف في تصحيح قولهم إنّ ثمرة النزاع في اقتضاء الأمر بالشيء النهي عن ضدّه فساده إذا كان عبادة ، فلا يكون هذا القول مؤيّدا لدخول النهي الغيري أو التبعي فيما نحن فيه من اقتضاء النهي الفساد كما في الكفاية (١) ، لما عرفت من أنّ فساد الضدّ على القول بأنّ الأمر بالشيء يقتضي النهي عن ضدّه لا يتوقّف على كون نفس النهي مفسدا له ، بل يمكن أن يحكم بفساده من ناحية التخصيص. وهكذا الحال في النهي التبعي ، فإنّ المراد هو النهي الناشئ عن ملازمة ترك الضدّ للواجب المأمور به ، وإن لم يكن ذلك الترك مقدّمة ، وحينئذ يكون حاله في عدم الدخول في محلّ النزاع حال النهي الغيري في أنّه لا يكون بنفسه موجبا للفساد ، لعدم اشتمال كلّ منهما على المبغوضية الموجبة لعدم إمكان التقرّب ، وإن كان ذلك النهي مخصّصا
__________________
(١) كفاية الأصول : ١٨١.