الخروج إنّما يكون قبل ذلك التفويت ، وحينئذ يكون حالها على العكس من المسير ، فإنّ حفظه يكون محقّقا للقدرة على الحجّ وصحّة التكليف به ، وتضييعه يكون موجبا لعدم القدرة على الحجّ ولسقوط التكليف به ، بخلاف هذه المقدّمة وهي ترك الدخول ، فإنّ وجودها وحفظها يكون موجبا لعدم القدرة على ترك الخروج ولعدم صحّة توجّه التكليف به ، لما ذكرناه من كونه حينئذ سالبة بانتفاء الموضوع ، ولازم ذلك أن يكون عدم هذه المقدّمة وتضييعها بارتكاب الدخول موجبا لصحّة ذلك التكليف وتحقّقه ، على العكس ممّا هو الحال في المسير.
وبتقريب أوضح : أنّه بالنظر إلى ما ذكرناه من أنّ الخروج قبل الدخول يكون غير مقدور فعلا وتركا يكون لازم ذلك هو انحصار القدرة عليه بعد الدخول ، ولازم ذلك هو كون الدخول مقدّمة إعدادية للخروج فعلا أو تركا ، لكن هذه المقدّمة الاعدادية على العكس من المسير ، فإنّ الدخول بوجوده يكون سالبا للقدرة على الواجب الذي هو ترك الخروج كما هو مفروض دعواهم ، وبعدمها يكون محقّقا للقدرة عليه ، وحينئذ يكون الدخول بوجوده رافعا لوجوب ترك الخروج وبعدمه يكون محقّقا لذلك الوجوب على العكس من المسير ، فلا يمكن اندراجها في قاعدة الامتناع بالاختيار.
والذي يتلخّص من هذين الإشكالين : أنّ التكليف بترك الخروج لا يعقل أن يكون بالقياس إلى الدخول مطلقا ، لأنّ لازم ذلك وجوب ترك الخروج قبل الدخول ، وهو غير معقول لكونه من السالبة بانتفاء الموضوع. كما أنّه لا يمكن أن يكون مشروطا به ، لما ذكروه من أنّ ترك الخروج يكون ممتنعا بعد الدخول.
وقد عرفت فيما تقدّم (١) أنّ هذه الإشكالات إنّما جاءت من دعوى عدم
__________________
(١) في الحاشية المتقدّمة في الصفحة : ١٢٦ وما بعدها.