وإنّما تلك الحركة الانتقالية مقدّمة لوجوده ، وإيجاده يحصل بها ، ومجرّد كون إيجاده والقدرة عليه حاصلا بواسطة إيجاد تلك المقدّمة لا يوجب اتّحاده مع تلك المقدّمة على وجه يكون أحدهما عين الآخر ولو مع تعدّد العنوان الأوّلي والثانوي ، فضلا عن الاتّحاد الأخير الذي هو اتّحاد المصدر مع اسم المصدر الذي هو من مقولة الفرق الاعتباري بين الايجاد والوجود فلاحظ وتأمّل ، هذا حاصل ما يتعلّق بما أفاده أوّلا في الجواب عن هذه الشبهة.
ثمّ إنّه قدسسره أجاب ثانيا بقوله : وأمّا ثانيا : على فرض امكان تعلّق التكليف بنفس النتيجة من دون الارجاع إلى المعنى المصدري نقول : لا يكاد يمكن حصول القرب من نتيجة فعل يكون محرّما ، لأنّ حسن الأفعال وقبحها إنّما يكون بملاحظة اختيار الفاعل ، ولو فرضنا أنّ الفاعل لم يتحقّق منه إلاّ الاختيار السوء وقصد المعصية فكيف يمكن أن يكون نتيجة هذا الاختيار السوء حسنا ومقرّبا ، وما قرع سمعك من عدم منافاة تحقّق الواجب العبادي مع كون المقدّمة محرّمة فهو فيما إذا بقي للمكلّف اختيار بعد الفراغ عن تلك المقدّمة المحرّمة ، كما في مثال الحجّ مع ركوب الدابة المغصوبة ، دون ما إذا لم يكن له إلاّ اختيار واحد كما فيما نحن فيه فليتأمّل جيّدا (١).
ولا يخفى أنّ عدم امكان التقرّب إنّما هو لأجل كونه غير اختياري ، وكونه بعد الفراغ عن تلك المقدّمة يكون خارجا عن حيّز الاختيار ، وإلاّ فلو فرضنا أنّه كان بعد المقدّمة اختياريا لم يكن حرمة مقدّمته مانعة من حصول التقرّب به ، بل وعن الأمر به معلّقا على الاتيان بمقدّمته ولو عصيانا على نحو الترتّب ، وقد تقدّم
__________________
(١) كتاب الصلاة : ٤٨.