المستفاد من قوله اغتسل ، هل هو نفسي فيكون حادثا قبل الوقت ويكون ذلك الوضوء المقدم امتثالا له ، أو أنّه غيري مشروط بالوقت فيكون ذلك الوضوء السابق لغوا ويلزمه الاتيان به بعد الوقت ، فيكون الشك راجعا إلى الشك في أنّ ذلك الوجوب هل يسقط بالفعل السابق أو أنّه لا يسقط إلا بالفعل بعد الوقت.
ولعل الوجه في عدم كونه من قبيل الشك في السقوط هو أنّه لو توضّأ وبعده دخل الوقت ، يكون في ذلك الحال مرددا بين تكليف سابق قد امتثله وبين تكليف جديد حادث عند الوقت ، وفي مثله يكون المرجع البراءة. إلا أنّ ذلك إنّما يتم فيما لو طرأ العلم عند الوقت ، أما لو كان قد حصل له العلم الاجمالي المذكور من أول الأمر فلا يكون إلا من قبيل الشك في المسقط ، فتأمل.
لكن لا يخفى أنه قبل الوقت وإن علم بكون الوضوء واجبا إما لنفسه وإما مقدمة للصلاة التي لم يحصل فعلا شرط وجوبها ، لم يكن من العلم الاجمالي ، بل كان الوجوب النفسي موردا للبراءة ، وإنّما يتم العلم الاجمالي بعد الوقت ، والمفروض أنه قد امتثل الوجوب النفسي قبل الوقت ، فهو من قبيل من كان في يوم الخميس وعلم أنه إما أن تجب عليه الصدقة بقول مطلق ، أو أنه يجب عليه الصيام (١) إن جاء الخميس الآتي وقد أقدم على الصدقة في الخميس الأول.
والأولى نقل ما حررته عنه قدسسره في هذا المقام لعله أوضح وأوفى بمقصوده قدسسره وهذا نصه :
__________________
(١) [ في الأصل هنا زيادة « في » حذفناه لاستقامة العبارة ].