أرض ليس بها زرع ولا ضرع إلا شويهات ، وليس لي خادم إلا محررة (١) ، ولا ظل يظلني إلا ظل شجرة فأعطني خادما وغنيمات أعيش فيها ، فحول وجهه عنه ، فتحول عنه (٢) إلى السماط الآخر ، فقال مثل ذلك ، فقال له حبيب بن سلمة : لك عندي يا أبا ذر ألف درهم وخادم وخمسمائة شاة. قال أبو ذر : أعط خادمك وألفك وشويهاتك من هو أحوج إلى ذلك مني ، فإني إنما أسأل حقي في كتاب الله ، فجاء علي عليه السلام ، فقال له عثمان : ألا تغني عنها (٣) سفيهك هذا!. قال : أي سفيه؟!. قال : أبو ذر. قال علي عليه السلام : ليس بسفيه ، سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول : ما أظلت الخضراء ولا أقلت الغبراء أصدق لهجة من أبي ذر ، أنزله بمنزلة مؤمن آل فرعون : ( إِنْ يَكُ كاذِباً فَعَلَيْهِ كَذِبُهُ وَإِنْ يَكُ صادِقاً يُصِبْكُمْ بَعْضُ الَّذِي يَعِدُكُمْ ) (٤). قال عثمان : التراب في فيك. قال علي عليه السلام : بل التراب في فيك ، أنشد بالله من سمع رسول الله صلى الله عليه وآله يقول ذلك لأبي ذر ، فقام أبو هريرة وعشرة فشهدوا بذلك ، فولى علي عليه السلام.
قال ابن عباس : كنت عند أبي على العشاء بعد المغرب إذ جاء الخادم فقال : هذا أمير المؤمنين بالباب ، فدخل عثمان فجلس ، فقال له العباس : تعش. قال : تعشيت ، فوضع يده ، فلما فرغنا من العشاء قام من كان عنده وجلست وتكلم عثمان ، فقال : يا خال! أشكو إليك ابن أخيك يعني عليا عليه السلام فإنه أكثر في شتمي (٥) ونطق في عرضي ، وأنا أعوذ بالله في ظلمكم بني عبد المطلب ، إن يكن هذا الأمر لكم فقد سلمتموه إلى من هو أبعد مني ، وإن لا يكن
__________________
(١) في ( س ) : مررة. ولا مناسبة لها بالمقام.
(٢) لا توجد : عنه ، في ( س ).
(٣) في المصدر : عنا. وهو الصحيح.
(٤) غافر : ٢٨.
(٥) في المصدر : أكثر علي.