قال : دخلت مع الكميت (١) على أبي عبد الله جعفر بن محمد الصادق عليهالسلام في أيّام التشريق (٢) فقال له : جعلت فداك ، ألا أنشدك؟
قال عليهالسلام : انّها أيّام عظام!
قال : انّها فيكم.
قال عليهالسلام : هات ، وبعث أبو عبد الله إلى بعض أهله ، فقرب فأنشده ( في رثاء الحسين عليهالسلام ) ، فكثر البكاء حتى أتى على هذا البيت :
يصيب به الرامون عن قوس غيرهم |
|
فيا آخراً أسدى له الغي أوّل |
قال : فرفع أبو عبد الله عليهالسلام يديه فقال : اللهم اغفر للكميت ما قدّم
__________________
١ ـ هو أبو المستهل الكميت بن زيد الأسدي ( ٦٠ ـ ١٢٦ ) من شعراء أهل البيت عليهمالسلام ، قال عنه أبو الفرج في الأغاني : انّه شاعر مقدّم عالم بلغات العرب ، خبير بأيّامها وألسنتها ، وكان معروفاً بالتشيّع لبني هاشم. ( الأغاني ١٥ : ١٢٣ ).
٢ ـ أقول : وفي رواية أخرى أنّ الكميت رحمهالله دخل على الإمام الباقر عليهالسلام في ايّام محرّم فأنشده قصيدته الميميّة التي يقول في مطلعها :
من لقلبٍ مُتيّم مُسهام |
|
غير ما صبوة ولا أحلام |
فلمّا بلغ قوله :
وقتيل بالطف غودر منهم |
|
بين غوغـاء أمّة وطُغـام |
وأبـو الفضل إنّ ذكرهم |
|
الحلو شفاء النفوس والأسقام |
قُتِل الأدعيـاء إذ قتلـوه |
|
أكرم الشاربين صوب الغمام |
بكى أبو جعفر عليهالسلام بكاء شديدا ، ثم قال : يا كميت ، لو كان عندنا مال لأعطيناك ، ولكن لك ما قال رسول الله صلىاللهعليهوآله لحسّان بن ثابت : لا زلت مؤيّداً بروح القدس ما ذببتَ عنّا أهل البيت ، ثم رفع يديه بالدعاء وقال : اللهم اغفر للكميت ، اللهم اغفر للكميت. انظر : الأغاني ١٥ : ١٢٣ ، مقاتل الطالبيين : ٨٤ ، مروج الذهب ٣ : ٢٤٣ ، رجال الكشي : ١٣٦ ، اعلام الورى : ١٥٨.