[ المجلس السادس والعشرون ]
ومن كلام له عليهالسلام :
والله لَأَن أبيتَ على حَسَك السعدان (١) مُسهّداً (٢) ، أو اُجَرّ في الأغلال مُصفّداً ، أحبّ إليَّ مِن أن ألقى الله ورسوله يوم القيامة ظالماً لبعض العباد ، وغاصِباً لشيء من الحُطام ، وكيف أظلم أحداً لنفسٍ يُسرع إلى البِلى قفولها (٣) ، ويطول في الثرى حلولها.
والله لقد رأيت عقيلاً (٤) وقد أملق حتى أستماحني (٥) مِن بُرّكم هذا صاعاً. ورأيت صبيانه شُعث الشعور (٦) ، غُبر الألوان من فقرهم (٧) كأنّما سُوّدَت وجوههم بالعِظلِم (٨) ، وعاودني مؤكداً ، وكرّر عليَّ القول مردّداً ، فأصغيت إليه سمعي ، فظنّ أنّي أبيعه ديني ، وأتّبع قياده مُفارقاً طريقتي ، فأحميتُ له حديدة ثم أدنيتها من
__________________
١ ـ كأنّه يريد من « الحسك » الشوك. والسعدان : نبت ترعاه الابل له شوك تشبه به حلمة الثدي.
٢ ـ المسهّد ـ من سهّد ـ : إذا أسهره ، والمصفّد : المقيد.
٣ ـ قفولها : رجوعها.
٤ ـ عقيل بن أبي طالب بن عبد المطلب الهاشمي القرشي ، أبو يزيد ، أعلم قريش بأيامها ومآثرها ومثالبها وأنسابها ، صحابي فصيح اللسان شديد الجواب ، وهو أخو علي وجعفر لأبيهما ، وكان أسنّ منهما ، هاجر إلى المدينة سنة ٨ هـ ، عمي في أواخر أيّامه ، توفي أوّل أيام يزيد ؛ وقيل : في خلافة معاوية.
انظر : الاصابة ترجمة رقم ٥٦٣٠ ، البيان والتبيين ١ : ١٧٤ ، الطبقات الكبرى ٤ : ٢٨.
٥ ـ قال رحمهالله : أملق : افتقر اشدّ الفقر ، واستماحني : استعطاني.
٦ ـ قال رحمهالله : الشعث : جمع أشعث ، وهو من الشعر المتلبّد بالوسخ.
٧ ـ قال رحمهالله : الغبر : جمع أغبر ، وهو متغيّر اللون شاحبة.
٨ ـ قال رحمهالله : العظلم ـ كزبرج ـ سواد يصيغ به ؛ قيل : وهو النيلج.