أبا هارون ، انشدني في الحسين ، فأنشدته ـ فلم يعجبه الانشاد لخلوّه من الرقّة المشجية وكأنّه تركها حياء من الإمام عليهالسلام ـ.
فقال : لا ، ـ يعني لا تنشد بهذه الطريقة ـ ، بل كما تنشدون ، وكما ترثيه عند قبره.
قال : فأنشدته (١) حينئذ :
أمرر على جدث الحسين |
|
فقل لاعظمـه الزكيّة |
يا أعظمـاً لا زلـت من |
|
وطفاء ساكـبة رويّة (٢) |
وإذا مـررت بقـبـره |
|
فأطل به وقف المطيّة |
وابك المطهّر للمطـهّـ |
|
والمطهـّرة التقيـّة |
كبكـاء معـولة أتـت |
|
يوماً لواحـدها المنيّة |
قال : فبكى ، ثم قال : زدني ، فأنشدته القصيدة الاخرى :
يا مريم قومي واندبي مولاك |
|
وعلى الحسين اسعدي ببكاك |
قال : فبكى الصادق وتهايج النساء من خلف الستر ، فلمّا أن سكتن قال : يا أبا هارون ، مَن أنشد في الحسين فبكى وأبكى عشرة كتبت لهم الجنّة ـ إلى أن قال : ـ ومن ذُكر الحسين عنده فخرج من عينه مقدار جناح ذبابة كان ثوابه على الله ولم يرض له بدون الجنّة.
ودخل عبد الله بن غالب على الإمام الصادق عليهالسلام فأنشده مرثيّته في الحسين عليهالسلام ، فلمّا انتهى إلى قوله : لبلية ... البيت ، صاحت باكية من وراء
__________________
١ ـ قال رحمهالله : أنشد أبو هارون هذه الأبيات وهي للسيد إسماعيل الحميري.
٢ ـ وطفاء ـ كحمراء ـ : منهمرة ، من قولهم : وطف المطر : انهمر ؛ ويقال : سحابة وطفآء ، أي : مسترخية لكثرة مائها.