فقال له ابن عباس ـ كما في تاريخي الطبري وابن الاثير وغيرهما ـ : أعيذك بالله من ذلك ، أتسير إلى قوم قتلوا أميرهم وضبطوا بلادهم ونفوا عدوهم؟ فان كانوا فعلوا ذلك فسر إليهم وان كانوا انّما دعوك إليهم وأميرهم عليهم قاهر لهم ، وعماله تجبي بلادهم ، فانّهم انّما دعوك إلى الحرب والقتال ، ولا آمن عليك أن يغروك ويكذبوك ويخالفونك ويخذلونك ، وأن يستنفروا إليك ، فيكونون أشرّ الناس عليك.
فردّه الحسين عليهالسلام ردّ رحمة وحنان فقال له : أستخير الله وانظر ما يكون.
فخرج ابن عبّاس ، ثم جاءه مرّة اخرى فقال له ـ كما في تارخي الطبري وابن الاثير وغيرهما ـ : يا ابن عم ، انّي أتصبّر ولا أصبر ، إنّي أتخوّف عليك في هذا الوجه الهلاك والاستئصال ، انّ أهل العراق قوم غدر فلا تقربنّهم ، أقم بهذا البلد ، فانّك سيّد أهل الحجاز ، فان كان أهل العراق يريدونك كما زعموا فاكتب إليهم ، فلينفوا عدوّهم ثمّ أقدم عليهم ، فان أبيت الا أن تخرج فسر إلى اليمن فانّ بها حصوناً وشعاباً ، ولأبيك بها شيعة ، فتكتب إلى الناس وتبثّ دعاتك ، فانّي أرجو أن يأتيك عند ذلك الذي تحبّ في عافية.
فقال له الحسين عليهالسلام : يا ابن عم ، انّي لاعلم والله انّك ناصح مشفق ، ولكن قد أزمعت وأجمعت على المسير.
ودخل عليه عمر بن عبد الرحمن المخزومي (١) فقال له ـ كما في تاريخي الطبري وابن الاثير وغيرهما ـ : انّي مشفق عليك ، انّك تأتي بلداً فيه عمّاله
__________________
١ ـ عمر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام المخزومي. انظر ترجمته في تهذيب الكمال ١٤ : ٤٩٣.