عقدت بينها عقدا وميثاقا لا ترجع من وجهها حتى تقتل رسول الله (ص) ، وتقتلنا معه معاشر بني عبدالمطلب ، ثم أقبلت بحدها وحديدها(١) حتى أناخت علينا بالمدينة واثقة بأنفسها فيما توجهت له ، فهبط جبرئيل عليهالسلام على النبي (ص) فأنبأه بذلك ، فخندق على نفسه ومن معه من المهاجرين والانصار ، فقدمت قريش فأقامت على الخندق محاصرة لنا ، ترى في أنفسها القوة وفينا الضعف ، ترعد وتبرق ، ورسول الله صلىاللهعليهوآله يدعوها إلى الله عزوجل ، ويناشدها بالقرابة والرحم ، فتأبى ولا يزيدها ذلك إلا عتوا ، وفارسها وفارس العرب يومئذ عمرو بن عبد ود يهدر كالبعير المغتلم يدعو إلى البراز ويرتجز ، ويخطر برمحة مرة ، وبسيفه مرة(٢) ، لا يقدم عليه مقدم ولا يطمع فيه طامع ، لا حمية(٣) تهيجه ، ولا بصيرة تشجعه ، فانهضني إليه رسول الله صلىاللهعليهوآله ، وعممني بيده ، وأعطاني سيفه هذا ـ وضرب بيده إلى ذي الفقار ـ فخرجت إليه ونساء أهل المدينة بواكي إشفاقا علي من ابن عبد ود ، فقتله الله عزوجل بيدي والعرب لا تعد لها فارسا غيره ، وضربني هذه الضربة وأوما بيده إلى هامته ، فهزم الله قريشا والعرب بذلك ، وبما كان مني فيهم من النكاية ، ثم التفت عليهالسلام إلى أصحابه فقال : أليس كذلك؟ قالوا : بلى يا أميرالمؤمنين(٤).
بيان : رعد وبرق ، وأرعد وأبرق : إذا توعد وتهدد ذكره الجزري. وهدر البعير يهدر هدرا وهديرا : صوت في غير شقشقة. واغتلام البعير. هيجانه من شهوة الضراب : ويقال : نكيت في العدو أنكى نكاية : إذا أكثرت فيهم الجراح و القتل.
٩ ـ ما : أبوعمرو ، عن ابن عقدة ، عن أحمد بن يحيي ، عن عبدالرحمن(٥) ، عن
___________________
(١) اى بعدتها وسلاحها.
(٢) أى يهزهما معجبا بنفسه.
(٣) ولا حيمة خ ل.
(٤) الخصال ٢ : ١٥ و ١٦.
(٥) ابوعمرو هو عبدالواحد بن محمد عبدالله بن مهدى. واحمد بن يحيي هو احمد بن يحيي الصوفى ، وعبدالرحمن هو ابن شريك بن عبدالله النخعى.