يقول : « اللهم اهد قومي فإنهم لا يعلمون » فعلى هذا يمكن أن يكون صلىاللهعليهوآله على وجل من عنادهم وإصرارهم على الكفر ، فأخبر سبحانه أنه ليس إليه إلا ما أمر به من تبليغ الرسالة ودعائهم إلى الهدى ، وذلك مثل قوله تعالى : « فلعلك باخع نفسك أن لا يكونوا مؤمنين(١) » وقيل إنه صلىاللهعليهوآله استأذن ربه تعالى في يوم أحد في الدعاء عليهم فنزلت الآية ، فلم يدع عليهم بعذاب الاستيصال ، وإنما لم يؤذن له فيه لما كان المعلوم من توبة بعضهم ، وقيل : أراد رسول الله (ص) أن يدعو على المنهزمين عنه من أصحابه يوم أحد فنهاه الله عن ذلك وتاب عليهم أي(٢) ليس لك أن تلعنهم وتدعو عليهم ، وقيل : لما رأى رسول الله صلىاللهعليهوآله(٣) ما فعل بأصحابه وبعمه حمزة من المثلة من جدع الانوف والآذان وقطع المذاكير قال(٤) : « لئن أدالنا الله منهم لنفعلن بهم مثل ما فعلوا ولنمثلن بهم مثلة لم يمثلهم أحد من العرب بأحد قط » فنزلت الآية ، وقيل : نزلت في أهل بئر معونة وهم سبعون رجلا من قراء أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوآله ، وأميرهم المنذر بن عمرو ، بعثهم رسول الله صلى الله عليه وآله إلى بئر معونة في صفر سنة أربع من الهجرة على رأس أربعة أشهر من أحد ليعلموا الناس القرآن والعلم ، فقتلهم جميعا عامر بن الطفيل ، وكان فيهم عامر بن فهيرة مولى أبي بكر ، فوجد رسول الله (ص) من ذلك وجدا شديدا وقنت عليهم شهرا فنزلت ، والاصح أنها نزلت في أحد ، وإنما قال : « ليس لك من الامر شئ » مع أن له صلىاللهعليهوآله أن يدعوهم إلى الله ويؤدي إليهم ما أمره بتبليغه ، لان معناه ليس لك شئ من أمر عقابهم أو استيصالهم أو الدعاء عليهم أو لعنهم حتى يقع(٥) إنابتهم « أو يتوب عليهم » أي يلطف لهم بما يقع معه توبتهم ، أو يقبل توبتهم إذا تابوا
___________________
(١) هكذا في النسخ ، والصحيح ( لعلك ) راجع سورة الشعراء : ٢.
(٢) زاد في المصدر : ونزلت الاية : « ليس لك من الامر شئ » أى.
(٣) زاد في المصدر : والمؤمنون
(٤) في المصدر : قالوا.
(٥) في المصدر : حتى تقع.