« أو يعذبهم » إن لم يتوبوا « فإنهم ظالمون » أي يستحقون العذاب بظلمهم(١).
وقال رحمهالله في قوله تعالى : « ولا تهنوا » قيل : نزلت الآية تسلية للمسلمين لما نالهم يوم أحد من القتل والجراح عن الزهري وقتادة وابن نجيح(٢) ، وقيل : لما انهزم المسلمون في الشعب وأقبل خالد بن الوليد بخيل المشركين يريد أن يعلوا عليهم الجبل فقال النبي صلىاللهعليهوآله : « لا يعلن علينا(٣) ، اللهم لا قوة لنا إلا بك ، اللهم لا يعبدك بهذه البلدة إلا هؤلاء النفر » فأنزل الله الآية ، وثاب نفر رماة وصعدوا الجبل ورموا خيل المشركين حتى هزموهم ، وعلا المسلمون الجبل فذلك قوله : « وأنتم الاعلون » عن ابن عباس ، وقيل : نزلت الآية بعد يوم أحد حين أمر رسول الله صلىاللهعليهوآله أصحابه بطلب القوم ، وقد أصابهم من الجراح ما أصابهم ، وقال صلىاللهعليهوآله : « لا يخرج إلا من شهد معنا بالامس » فاشتد ذلك على المسلمين ، فأنزل الله تعالى هذه الآية عن الكلبي ، ودليله قوله تعالى : « ولا تهنوا في ابتغاء القوم » الآية.
« ولا تهنوا » أي لا تضعفوا عن قتال عدوكم « ولا تحزنوا » بما يصيبكم في أموالكم وأبدانكم ، وقيل : لا تضعفوا بما نالكم من الجراح ولا تحزنوا على ما نالكم من المصائب بقتل الاخوان ، أو لا تهنوا لما نالكم من الهزيمة ، ولا تحزنوا على ما فاتكم من الغنيمة « وأنتم الاعلون » أي الظافرون المنصورون(٤) ، أو الاعلون في المكان « إن كنتم مؤمنين » معناه إن من كان مؤمنا يجب أن لا يهن ولا يحزن لثقته بالله ، أو إن كنتم مصدقين بوعدي لكم بالنصرة والظفر على عدوكم « إن يمسسكم قرح » أي جراح فقد أصاب القوم جراح مثله عن ابن عباس : وقيل : إن يصبكم ألم و جراحة يوم أحد فقد أصاب القوم ذلك يوم بدر.
___________________
(١) مجمع البيان ٢ : ٥٠٠ و ٥٠١.
(٢) هكذا في نسخة المصنف ، وفيه وهم ، والصحيح كما في المصدر : ابن ابى نجيح ، وهو عبدالله بن ابى نجيح يسار المكى ابويسار الثقفى مولاهم. المتوفى سنة ١٣١ ( او ) بعدها
(٣) في المصدر : اللهم لا يعلن علينا.
(٤) زاد في المصدر : الغالبون عليهم في العاقبة.