فلم ينفعه ، ومات فعجز عن رده ، (١) إن من استطاع أن يخلق خلقا وينفخ فيه روحا حتى يمشي على رجليه سويا يقدر أن يدفع عنه الفساد.
قال : فما تقول في علم النجوم؟ قال : هو علم قلت منافعه وكثرت مضراته لانه لايدفع به المقدور ، ولايتقى به المحذور ، إن أخبر المنجم بالبلاء لم ينجه التحرز من القضاء ، وإن أخبر هوبخير لم يستطع تعجيله ، وإن حدث به سوءلم يمكنه صرفه ، و المنجم يضادالله في علمه بزعمه أنه يرد قضاء الله عن خلقه.(٢)
قال : فالرسول أفضل أم الملك المرسل إليه؟ قال : بل الرسول أفضل. قال : فما علة الملائكة الموكلين بعباده يكتبون عليهم ولهم ، والله عالم السر وماهوأخفى؟ قال : استعبدهم بذلك وجعلهم شهودا على خلقه ، ليكون العباد لملازمتهم إياهم أشد على طاعة الله مواظبة ، وعن معصيته أشد انقباضا ، وكم من عبديهم بمعصية فيذكر مكانها فارعوى(٣) وكف ، فيقول : ربي يراني وحفظتي علي بذلك تشهد ، وأن الله برأفته ولطفه أيضا وكلهم بعباده يذبون عنه مردة الشياطين ، وهوام الارض ، و آفات كثيرة من حيث لايرون بإذن الله إلى أن يجئ أمرالله عزوجل.
قال : فخلق الخلق للرحمة أم للعذاب؟ قال : خلقهم للرحمة وكان في علمه قبل خلقه إياهم أن قوما منهم يصيرون إلى عذابه بأعمالهم الرديئة وجحدهم به؟. قال : يعذب من أنكر فاستوجب عذابه بإنكاره ، فبم يعذب من وحده وعرفه؟ قال : يعذب المنكر لالهيته عذاب الابد ، ويعذب المقربه عذابا عقوبة(٤) لمعصيته إياه فيما فرض عليه ، ثم يخرج ولايظلم ربك أحدا.
قال : فبين الكفر والايمان منزلة؟(٥) قال : لا. قال : فما الايمان وما الكفر؟
__________________
(١) في المصدر : ولكنه إن مرض فلم ينفعه ، وإن مات فعجز عن رده.
(٢) وقد تقدم احتجاجه عليهالسلام على بطلان أن الكواكب مؤثرات في العالم وأنها فاعلة مختارة في حديث الاهليلجية راجع ج ٣ ص ١٧١ ـ ١٨٠.
(٣) ارعوى من المعصية أى كف عنه ورجع.
(٤) في نسخة : ويعذب المقربه عذاب عقوبة.
(٥) قدزعم واصل بن عطاء الغزال شيخ المتزلة أن بين الكفر والايمان منزلة وهى الفسق ، فصاحب الكبيرة لايكون مؤمنا مطلقا ، ولا كافرا مطلقا ، بل هو في منزلة بين المنزلتين لامؤمن*