خلق الله وجعلتم فعلكم في قطع القلفة أصوب مما خلق الله لها وعبتم الاقلف ، (١) والله خلقه ، ومدحتم الختان وهو فعلكم ، أم تقولون : إن ذلك من الله كان خطأ غير حكمة؟! قال عليهالسلام : ذلك من الله حكمة وصواب غير أنه سن ذلك وأوجبه على خلقه ، كما أن المولود إذا خرج من بطن امه وجدنا سرته متصلة بسرة امه كذلك خلقها الحكيم ، فأمرالعباد بقطعها وفي تركها فساد بين للمولود والام ، وكذلك أظفار الانسان أمر إذا طالت أن تقلم ، وكان قادرا يوم دبر خلقة الانسان أن يخلقها خلقة لاتطول ، وكذلك الشعر من الشارب والرأس يطول فيجز ، وكذلك الثيران(٢) خلقها فحولة وإخصاؤها أوفق ، ليس في ذلك عيب(٣) في تقدير الله تعالى.
قال : ألست تقول : يقول الله : « ادعوني أستجب لكم » وقدنرى المضطر يدعوه فلايستجاب له ، والمظلوم يستنصره على عدوه فلا ينصره.(٤) قال عليهالسلام : ويحك ما يدعوه أحد إلا استجاب له ، أما الظالم فدعاؤه مردود إلى أن يتوب إليه ، وأما المحق فإنه إذادعاه استجاب له وصرف عنه البلاء من حيث لا يعلمه ، وادخرله(٥) ثوابا جزيلا ليوم حاجته إليه ، وإن لم يكن الامر الذي سأل العبد خيرة له إن أعطاه أمسك عنه ، والمؤمن العارف بالله ربما عز عليه أن يدعوه فيما لايدري أصواب ذلك أم خطاء ، وقد يسأل العبدربه إهلاك من لم ينقطع مدته ، ويسأل المطروقتا ، ولعله أوان لايصلح فيه المطر لانه أعرف بتدبير ماخلق من خلقه ، وأشباه ذلك كثيرة ، فافهم هذا.
قال : فأخبرني أيها الحكيم ما بال السماء لاينزل منها إلى الارض أحد ، ولا يصعد من الارض إليها بشر ، ولاطريق إليها ولا مسلك؟ فلو نظر العباد في كل دهر مرة من يصعد إليها وينزل لكان ذلك أثبت في الربوبية ، وأنفى للشك ، وأقوى لليقين وأجدرأن يعلم العبادأن هناك مدبرا ، إليه يصعد الصاعد ، ومن عنده يهبط الهابط!
__________________
(١) في المصدر : « الاغلف » وهما بمعنى واحد ، وهو الذى لم يختتن. والقلفة : هى الجليدة التى يقطعها الخاتن.
(٢) جمع الثور : الذكر من البقر.
(٣) في نسخة : وليس في ذلك عبث.
(٤) في نسخة : والمطيع يستنصره على عدوه فلا ينصره.
(٥) في نسخة : أوادخر له اه.