هذه غاية تقريب الوجوب الشرطي للتبين.
والتحقيق أن التبين ليس كالفحص المشروط به العمل بالعام أو إجراء الأصول ، بل معناه طلب العلم بالواقع ، ويكون مدار العمل عليه لا على خبر الفاسق بعد التبين.
ومن البين أن وجوب طلب العلم بالواقع لا يكون بوجه مرتبا ومعلّقا على مجيء الفاسق بالخبر حتى ينتفي بانتفائه ، بل المراد والله أعلم لزوم الإعراض عن خبر الفاسق وصرف المكلف إلى تحصيل العلم بالواقع لترتيب آثار الواقع.
فبناء على ثبوت مفهوم الشرط للآية يكون المعلق على مجيء الفاسق هو عدم حجية الخبر بمعنى عدم جعل الحكم المماثل أو عدم المنجزية للواقع ببيان لازمه وهو تحصيل العلم ، إذ لا يطلب تحصيل العلم بالواقع ، إلا مع عدم الحجة على الواقع بعدم ثبوته تنزيلا أو عدم تنجزه بمنجز.
فالمنتفى بانتفاء مجيء الفاسق عن النبأ هو ملزوم التبين أي عدم الحجية ، وانتفائه عن النبأ الذي جاء به العادل هو حجية خبر العادل ، لاستحالة ارتفاع النقيضين.
فتبين أن المعلّق حقيقة على مجيء الفاسق بناء على المفهوم هو ملزوم وجوب التبين لا نفسه ، فوجوب التبين لم يكن منوطا به شيء ولا منوطا بشيء ، بل المعلّق هو عدم جعل الحكم المماثل أو عدم المنجزية للواقع ، فهو المنتفي عند انتفاء مجيء الفاسق من دون حاجة إلى ضم مقدمة خارجية.
٩٧ ـ قوله « قده » : على كون الجائي به الفاسق ... الخ (١).
لا يخفى عليك أن ظاهر الآية من حيث وقوع مجيء الفاسق بوجوده الرابط في تلو الشرطية أن المعلق عليه مجيء الفاسق بنحو وجوده الرابط ،
__________________
(١) كفاية الأصول / ٢٩٦.