يندرج الأول تحت عنوان العدل في القول والثاني تحت عنوان الجور فضلا عن سائر الأفعال التي في نفسها لا تندرج تحت عنوان ممدوح أو مذموم.
ثم إن استحقاق العقوبة هل هو على الفعل أو على مقدماته كالعزم والإرادة ، وهذا الترديد جار في المعصية الواقعيّة لوحدة الملاك على الفرض.
والتحقيق هو الأول ، لأن العزم على الظلم من دون تحقق الظلم ليس بظلم ، إذ ليس مخلا بالنظام ولا ذا مفسدة نوعيّة يوجب تطابق آراء العقلاء على قبحه.
وبالجملة العبد بفعل ما احرز انّه مبغوض المولى يخرج عن رسم العبوديّة وزيّ الرقية ، لا بمجرّد عزمه على الفعل.
ويؤيده أن الهتك أمر قصدي وإلا لم يستحق عليه العقاب ولم يتصف بالقبح ، لأنه من صفات الأفعال الاختياريّة ، فلو انطبق الهتك على مجرد العزم والقصد لزم إما عدم كون الهتك قصديّا أو كون القصد قصديّا ، وإمكان كونه كذلك وكفايته في ذلك كما (١) نبهنا على ذلك في أوائل الكتاب لا يوجب الوقوع دائما.
مع أنه يستحق العقاب على هتكه في جميع موارد التجري.
وأما الإشكال (٢) على المصنف بأن عنوان الهتك والجرأة على المولى كما يصدق على القصد والعزم كذلك على الفعل.
فغير وجيه ، إذ بعد فرض صدقه على القصد يستلزم ترتّب عقابين ، لتحقق الملاك في كل من القصد والفعل وهما مقولتان متباينتان ليس بينهما اتصال على حد اتصال الأمور التّدريجيّة ليكون الكل هتكا واحدا ، بل هناك على الفرض معنونان بهذا العنوان وكل من الفعلين فيهما ملاك استحقاق العقوبة فالصحيح
__________________
(١) نهاية الدراية ١ : التعليقة ١٧١.
(٢) كما عن المحقق العراقي قده. نهاية الأفكار : ٣ / ٣٨.