عقلها بلا دين ، فأفردت لكل منهما منطقة من النفس ، وطمعت ان تحل المعضلة بهذا التقسيم.
أما أن العقل قد يرى من حقه أن يتمرد على هذه الحدود فيجمع الاسلاك والاشواك ويقتحم منطقة الدين ، وان الدين قد يثأر لقداسته وحرمته من هذه الجرأة فيهاجم العقل.
وأما أن الانسان يعيش ما يعيش قلق النفس مزدوج الشخصية يحمل في أغوار نفسه خصمين متناحرين لا ينتهي خصامهما ولا يهدأ تناحرهما ويتنازع قياده طول دهره قلب مؤمن وعقل ملحد !.
أما هذا جميعه فلا ينبغي أن يكترث له المؤمن في رأي هؤلاء ليسلم له الايمان وتحصل له الطمأنينة وتجب له النجاة !!! ان الدين فوق العقل ، فليؤمن بهذه الحقيقة وليعمل بموجبها وكفى.
وأما أنه كيف يسلم له الايمان ، وتحصل له الطمأنينة مع هذا القلق ؟ وكيف تجب له النجاة مع تمرد العقل وإبائه عن الخضوع وكيف يكون الدين فوق العقل اذا كانت حدوده من النفس هي منطقة الوجدان وحدها. أما هذا فلا يحسن التفكير فيه لمن يبتغي الايمان ، ليخضع وجدانه للدين إخضاعاً. وليحمله على الايمان به حملا .. ثم لاشيء .. ثم الطمأنينة ، والقرار النفسي في الدنيا ، والنجاة والفوز في الاخرى.
هكذا يقررون وهكذا يفكرون.
والوجدان هذا قد يعنى به ( الضمير ) ، الحاسة الادبية التي نحكم بها على أعمالنا وأعمال غيرنا بالخير أو الشر ، وتجزي العامل عليها بالتقدير أو الزراية ، وبالتشجيع أو التوبيخ.