أجل. لا كبت في غريزة ولا عقدة في نفس ، ولا ميوعة في خلق ، ولا قلق في شخصية ، بل عدل محض في كل إيتاء وقسط خالص في كل منع.
وضرورة لجلبته فهو يلبي الفطرة إذا تطلعت الى الغيب ، ويردها الى الاستقامة اذا جمحت بها الجوامح. وهو يجيب دعاءها اينما تدعو ويفسر أحكامها حيثما تحكم.
وضرورة لتفكيره ، فهو يعلي البصيرة ويفتح امامها أبواب المعرفة ويسمو بالعقيدة ويرصد لها قوى البرهان ، ثم يقيم للعقل في ميادينه تلك وزراً من العلم ، ويجعل له سنداً من اليقين ، ولجأ من الطمأنينة.
وهو ضرورة للفرد ، يصلح أجهزة نفسه ليؤهله الى الكمال الأعلى في الحياة ويهذب سلوكه ليبوِّئه المنزلة الكريمة في المجتمع ، ويجلو مواهب روحه ليبلغ به السعادة الموفورة في الدنيا والعاقبة الحميدة في الآخرة.
وضرورة للمجتمع ، يوثق علائقه ثم يحفظها عن التفكك ، ويقرر الحقوق والتبعات بين أفراده ويمهد لها في النفوس ثم يصونها عن أن تهن ، ويؤسس الاخوة العامة بينهم ويقيمها على مبدأ الحب في الله والمساواة في العدل.
والدين ضرورة كونية ، يرعى الترابط بين أجزاء الكون حين يشرع ، ويلحظ التآلف والانسجام بينها حين ينفذ ، ثم هو يشتق قانون الانسان من قوانين الوجود حتى تنسجم الحركة ، وتتواكب النظم وتتواءم الغايات.
والدين كذلك ضرورة خلقية وسياسية
واقتصادية ، فان فلسفات الاخلاق ، والسياسة والاقتصاد التي ابتدعها الناس ، والقوانين التي اشتقوا منها وبنوا عليها لا تبلغ كل أهداف الإنسانية ولا تستوعب حاجاتها. ثم