المجتمع وفي سلوك أفراده.
وإذن فبالمجتمع البشري فاقة الى مايجدد وحدته ويحكم أسّه ويشد بناءه.
الى ما يكون له وحدة جلية قوية تشعر بها نفوس العامة من الناس حتى يطيب لها الفناء في حدودها. والتضحية في سبيلها.
الى ما يثبت للفرد أن صوالحه المشروعة لن تفوت في ظلاله ، وأن ما يؤثر به مجتمعه من شيء سيعود اليه مضاعف العدد موفور الجزاء.
الى دين ينشيء المجتمع كله على الشعور بالاخوة ، ويقيمه على مبادلة الحب ، والتعاون على البر والتواصي بالحق.
أجل. بالمجتمع البشري فاقة الى دين ، فان الروابط التي يذكرها العلماء الاجتماعيون لا تتعهد له بهذه الغاية.
وهذه الوحدة التي تلف المجتمع البشري من ألفه الى يائه حين يستمسك بالدين وتحكم أسّه ، وتبرم علائقه وتحفظها عن الوهن وتكلأها عن الطوارئ. هذه الوحدة المتينة لا يفرضها الدين على المجتمع فرضاً من خارج ذاته ، بل يستنبطها له من داخل حدوده ، من طبيعة معلوليته في وجوده. أليس كل فرد من أفراد الانسان يعلم أنه معلول ؟ والمجتمع كله يعلم كذلك انه معلول ، وأن علته التي يفيد منها وجوده علة واحدة.
هذا الرباط الذاتي الوثيق الذي يدركه المرء بفطرته ويؤمن به بعقله ويتعاضد على إثبات البرهان والوجدان هو منبع الدين ، وهو كذلك منشأ الوحدة التي يبتغيها للمجتمع. واقرأ اذا شئت قوله تعالى :