والعلم الحديث لما اعتمد ـ ما استطاع ـ على الحس والتجربة حتى سمي من اجل ذلك تجريبياً ، ولما أصاب ـ على أثر هذا التركيز ـ نتائجه الحميدة ، وسار أشواطه المباركة ، أتراه انكر ما سوى الحس والتجربة من طرق المعرفة ؟
الحق انها فرية أثيمة على العلم أن ينسب اليه ذلك ، والحق ان العلم ( العلم التجريبي الحديث ) طالما اكتشف وجود شيء بدلالة آثاره ، وطالما وجد ظاهرة من الظواهر ، فاستخدم القوانين التي تحكمها واستدل بذلك على الحقيقة التي تستتبعها ، وطريقة هذه معروفة في علم الفلك ، وفي ابحاث الذرة ، والعلماء التجريبيون يعترفون بذلك ولا يجحدونه. وانظر إن شئت موضوع ( درس من شجيرة الورد ) للعالم الطبيعي الفيلسوف ( ماريت ستانلي كونجدن ) ص ١٨ من كتاب ( الله يتجلى في عصر العلم ) واقرأ اعترافات العلماء الآخرين الذين ساهموا في هذا الكتاب القيم.
والماديون التجريبيون انفسهم لا يستطيعون أن يقفوا بالمعرفة على حدود الحس والتجربة ، وهم يهدمون أساس فلسفتهم متى زعموا ذلك.
يقولون المادة وحدها هي الحقيقة المحسوسة ، وهي الشيء الذي تناله التجربة. فماذا يدركه الاحساس من المادة ؟ وما تناله التجربة ؟
اللون. الضوء. الشكل. الابعاد. الكتلة. الحجم. الرائحة. الطعم. الصوت. اليست هذه كلها صفات وظواهر ؟.
والمادة ؟.
هي موصوف هذه الصفات ، ومعروض هذه الاعراض. فأين موضعه من الحس ، واين موقعه من التجربة ؟!.