والعرض والتطبيق. نعم. وكذلك يرغب أتباعها ومؤيدوها أن تكون.
وإذن فلماذا تنكر أن يكون للمعرفة طريق غير الحس والتجربة ؟ وهل من الممكن أن تقوم فلسفة ما على هذين وحدهما ؟ وحتى اذا كانت تعالج ناحية مادية خالصة ؟.
إن الاحساس لايعدو أن يكون تصويراً للشيء المحسوس ، وان التجربة ـ في كثير من مواردها ـ لاتتجاوز أن تكون تكراراً لهذا التصوير ، ومقارنة بين ملامح الصور. أما مطابقة الصورة لواقع الشيء ولصفاته الحقيقية فهي محتاجة الى مصدر آخر هو أوثق لدى العقل من الحس ومن التجربة. وأما التجريد والتعميم واستنباط حكم عام شامل من الموارد الخاصة التي أدركها الحس ووقعت عليه التجربة فهو مفتقر الى عملية عقلية خالصة ، وتدخل قوانين ضرورية لايشك فيها إنسان ولا تفتقر الى اثبات.
وقاعدة ( ان التجربة مصدر للمعرفة الحقيقية ) ، هذه القاعدة التي غلا فيها التجريبيون فانكروا أن يكون للمعرفة طريق سواها ، ثم أمعن الوضعيون منهم في الغلو فأنكروا أي شيء لايناله الحس ، وأي حقيقة لاتخضع للتجربة. أقول وهذه القاعدة ذاتها ، أليس من حق الناقد الحرّ أن يسأل عن طريق اثباتها للانسان ؟.
أهي التجربة ذاتها ؟
إن الشيء لا يثبت نفسه.
وإذن فلا محيد لهم من الاعتراف بأنها ضرورية لاتفتقر الى اثبات. ولا محيد لهم من الاعتراف بان الانسان يملك ضروريات أولية يرجع اليها في انشاء معرفته ..