سيطرة ولا استئثار ولا دولة ولا حروب.
وتسلسل هذه الاطوار الاجتماعية ، وقيام حرب الطبقات في كل طور منها ثم انهياره أخيراً وتحوله الى نقيضه ، كل هذا نتيجة حتمية ـ على ما يرون ـ للتفسير المادي وانطباق مبدأ النقيض.
هكذا تأتي النتائج متسلسلة مطردة في رأي هذا الفريق ، يأخذ بعضها برقاب بعض ، ولا يد للانسان في شيء من ذلك ، ولا حيلة له في تغيير شيء منه ، إنها المجتمعات تخضع للمادة ولقوانينها الصارمة فلا ينقض ما أبرمت ولا يؤخر ماقدمت ، وتأتي الآراء وتأتي الافكار وتأتي العلوم وتأتي الفنون ، وتأتي الأنظمة وتأتي الحياة العقلية كلها بعد ذلك منقادة طيعة عاكسة للواقع الموجود ، للحياة الاجتماعية الراهنة.
هكذا يقولون.
ويقف الباحث الناقد الحر على هذا الركام من الدعاوى لايدري :
أهي فلسفة تتبع الدقة في تركيزها وتتبع الدقة كذلك في عرضها وتطبيقها لتنقد كما تنقد الفلسفات وتمتحن كما تمتحن الآراء والافكار ؟
أهي نظرية علمية تقتبس من التجربة ، وترتكز على المشاهدة ، فيحك جوهرها كما تحك المعادن ويختبر صدقها وثباتها كما تختبر نظريات العلم ؟
أهي أحلام وآمال نفسية كبتها الواقع في الحاضر فاندفعت الى الخيال في المستقبل لينظر فيها من ينظر في الأحلام والآلام ؟
أم هي فلسفة تسويغ وتبرير ، فلسفة من
يختط له خطة يمليها عليه هواه ، ثم يندفع في زحمة الفلسفات والآراء يلتقط ما يوائم خطته من النظريات وما يوافقها من الشواهد ؟ ولعلها فلسفة تعتمد على الموازنات الدقيقة في النشأة